بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 تشرين الأول 2019 06:15ص بلا عنوان

حجم الخط
مهما قيل في الانتفاضة الشعبية التي عمت العاصمة بيروت، ومهما ألصق بها من اتهامات من هنا ومن هناك لا يُمكن لها ان تبدل الحقيقة، وتغير الواقع المأزوم الذي دفع بالشعب اللبناني إلى الانتفاضة على الطبقة الحاكمة، ومطالبته برحيلها بعدما فشلت فشلاً ذريعاً في معالجة مكامن الخطر الذي يهدد الوضعين الاقتصادي والنقدي في البلاد.

فبعد ثلاث سنوات من الوعود التي قطعها هذا العهد على نفسه بإصلاح الحال، واحداث التغيير المطلوب في الأداء العام، وقطع دابر الفساد، وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي المطلوب، لم يتحقق أي أمر من هذه الوعود والعهود فلا الإصلاح في الإدارة تحرك إلى الامام بل ازداد سوءاً، والفساد ازداد تفشياً واستشراساً تحت رعاية الطبقة الحاكمة نفسها التي آلت على نفسها من أوّل الطريق باجتثاثه من جذوره، والاسراع في إقامة دولة العدالة والمساواة والقانون، ولا الطريق إلى التغيير الموعود أصبح سالكاً بقدر ما العكس تماماً هو الصحيح، ولا القضاء على السرقات ونهب المال العام تحقق شيء منه، لإعادة الثقة المفقودة بين الطبقة الحاكمة والشعب الذي بات يتضور جوعاً مع الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة في ظل سياسة التقشف التي اعتمدتها في موازنة العام الحالي وستعتمدها في موازنة العام المقبل بحجة ضرورة إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات بما يفتح الباب امام عودة الأحلام الوردية إلى دورة الحياة في الدولة وعند الشعب المقهور.

إذا كان كل هذا يدل على ان الطبقة الحاكمة، لا تريد إصلاح الحال من السيئ إلى الأقل سوءاً، ولا ترغب في أي تغيير حفاظاً على مصالحها وضماناً لبقاء مزاريب الهدر تصب في جيوبها من حساب الشعب المقهور بقدر ما تريد ان يبقى الحال على ما هو عليه، بل يزداد هذا الشعب قهراً وسوءاً وصولاً إلى الاستسلام التام لقدره المحتوم، فمن باب أولى ان تبادر إلصاق شتى التهم بالانتفاضة الشعبية التي شهدتها شوارع العاصمة بيروت مؤخراً، وتحملها مسؤولية وضع البلاد كلها امام خيار الفوضى وزعزعة الاستقرار العام الذي حسب زعمها تنعم به البلاد رغم الظروف الإقليمية الصعبة والتي لا يُمكن لبلد صغير كلبنان ان يبقى بمنأى عنها.

ومن المؤسف ان نسمع كلاماً من هذا المسؤول أو ذاك عن وجود مخططات لاستهدافهم والنيل منهم، ولا نرى منهم اي تحرك جدي لوقف التدهور الحاصل على كل المستويات، وكأنهم غير معنيين بذلك لا من قريب ولا من بعيد، كما انه من المؤسف ان تذهب الوعود بالاصلاح والتغيير في مهب الرياح أو ان تبقى كلاماً معسولاً للاستهلاك الشعبوي، لا أكثر ولا أقل.

وحده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تفهم الغضب الشعبي الذي عبّر عن نفسه في الشارع بأساليب مختلفة ودعا أرباب السلطة إلى تفهمه وفهم اسبابه والمبادرة الفورية إلى الاستجابة قبل فوات الأوان، فتتحول الانتفاضة الشعبية إلى ثورة للتخلص من هذه الطبقة كونها المسؤولة عن الحال المزرية التي يعيشها هذا الشعب.