بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 حزيران 2019 12:00ص بين الارهاب والعدل الإلهي!

حجم الخط
خطابية بلهاء جوفاء لا تزال وسيلة لدى جالسين على الأرائك في الشرق على الخصوص، تجعل النّاس في انحطاط عجيب. انقطع سرور قلبنا وانقلب رقصنا مناحةً. ولم يبقَ لنا سوى سورات غضب متقطعة يؤازرها أو يولدها أحياناً اعلام أو وسائل اتصالات متنامية.

الإرهاب جزء من المسرح السياسي العالمي، وهو استراتيجيا شبه منظمة وشبه منسقة بين أقوياء بلا روح وضعفاء نفس من هنا وهناك.

خلال السنوات المنصرمة قضى الإرهاب على مئات من البشر في الولايات المتحدة في حين أن البدانة وما إليها من أمراض قضت على ألوف من الأميركيين. وتسببت معامل المشروبات والطعام السريع بتهديد لحياتهم تجاوز تهديد القاعدة والدولة الإسلامية ومَن إليهما.

الإرهاب أشبه ما يكون بمسرحية تحفز على ردّات فعل مختلفة. يستحوذ على مخيلة الشعوب ويحوّلها ضد نفسها. يقضي الارهابيون على حفنة من النّاس ويتسبّبون بخوف الملايين على حياتهم وفي سبيل التخفيف من هذه المخاوف، تردّ الحكومات على مسرح الإرهاب بنشرٍ لقواها الأمنية والعسكرية فتلاحق فئات من النّاس أو تجتاح اقاليم خارجية.. في حالات كثيرة، تثير المبالغة في الرد على الإرهاب مخاطر أشدّ على أمن الحكومات المعنية من مخاطر الارهابيين أنفسهم..

الارهابيون أشبه بحشرة تحاول ان تدمّر متجراً صينياً، ولكنها من الوهن بحيث تعجز عن تحريك فنجان شاي واحد. أنّى للحشرة أن تدمّر متجراً صينياً؟ انها تلجأ إلى ثور مرهوب الجانب فتتسلل إلى اذنيه وتبدأ طنينها فيهما، فيستشيط الثور غضباً وهيجاناً ويدمّر المتجر. هذا ما حصل، بعد التاسع من أيلول، لغلاة من المتعصبين دينياً دفعوا الثور الغربي ومَن إليه إلى تدمير المتجر الصيني في الشرق الأوسط، وما لبثوا ان انتشروا وعربدوا. وثمة عدد كبير من الثيران السريعي الغضب ينتشرون تحت كل سماء وليس حصراً في محيطنا الدامي.

يتعلق نجاح أو اخفاق الإرهاب بالادمغة المحركة له في العالم ممن اغتالوا العقل الغربي قبل احتلالهم أرض فلسطين. فإن هي أتاحت لمخيلتها ان يستحوذ عليها الارهابيون وردّت على مخاوفها بقوة، نجح الإرهاب وتفاقم. وإن تحرّرت الأدمغة المحركة من الارهابيين وقامت بردة فعل متزنة ومنزهة وهادئة، مُنِيَ الإرهاب بالاخفاق الذريع!

الإرهاب ظاهرة جد قديمة كشفتها اليوم وعزّزتها وسائل اتصال وتواصل سهلة ومجانية انها عنف غاشم لا يخرج أحد من عنفه. وقد تبطل من أتى منه الإرهاب. انه، كالتلوث البيئي، لا يكاد يوفّر أحداً، ومكافحته ينبغي ان تنشأ على مبدأ ان «كل مواطن خفير» يتسبب بالآلام والامراض ولكن، لا يبلغ من صاحبه مبلغاً وقد لا تبلغ رسالته الآخرين، فلنسعَ في عقر دارنا لمنع قيامه ما دمنا نعيش على هذه الفانية في مرحلة الرحمة ريثما يأتي العدل الالهي الذي له احكام نجهل حكمتها!


أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه