بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2018 12:04ص تجليات اجتماع الرؤساء الثلاثة سَحْب فتيل الانفجار من الشارع وترحيل الخلاف على إدارة الحكم إلى ما بعد الانتخابات النيابية

هل بدّل الرئيس عون موقفه من مرسوم الأقدمية لجهة أن المرسوم لا يحتاج إلى التوقيع الثالث؟

حجم الخط
أجمعت كل المعلومات التي تسربت عن اجتماع قصر بعبدا على ان الرؤساء الثلاثة، توصلوا في ما بينهم، إلى تسوية للخلاف الناشب بين الرئاستين الأولى والثانية على خلفية مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994، وما استتبع ذلك من تطورات دراماتيكية، دخل الشارع طرفاً اساسياً فيها بما هدّد السلم الأهلي في البلاد، وتقوم هذه التسوية، وفق هذه المعلومات، على قاعدة العودة إلى المؤسسات بدءًا بوثيقة الوفاق الوطني التي رسمت وحددت الصلاحيات والعلاقة بين الرئاسات الثلاث.
وفهمت الأوساط السياسية على اختلاف اتجاهاتها السياسية من هذا الاتفاق، بل من هذه التسوية، ان رئيسي الجمهورية ومجلس النواب قررا الاحتكام إلى الطائف والمؤسسات الدستورية الناجمة عنه في الخلاف الناشب بينهما حول مرسوم الأقدمية الذي وقعه رئيسا الجمهورية والحكومة، واعتباره ناجزاً من دون ان يحظى بالتوقيع الثالث العائد للوزير الشيعي الذي يتولى مهام وزارة المالية. فهل يعني ذلك أنهما توصلا إلى إنهاء الأزمة السياسية والدستورية بامتياز عبر الاحتكام إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور؟ في حين انه لم يصدر أي بيان أو حتى أي موقف من رئيس الجمهورية أو من رئيس مجلس النواب يدل على ذلك، أو يبشر بما تداولته وسائل الإعلام عن مشروع حل لأزمة مرسوم الأقدمية، وبالتالي هل بدّل رئيس الجمهورية موقفه الذي بناه على التقيّد بوثيقة الوفاق الوطني ونصوص الدستور عندما اعتبر ان مرسوم الاقدمية لا يحتاج إلى التوقيع الثالث كما يشترط رئيس مجلس النواب، وان القضاء هو الجهة الصالحة، حسب ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، وأخذ بوجهة نظر الرئاسة الثانية التي تقول استناداً أيضاً إلى الطائف، ان التوقيع الثالث ملزم ليصبح مرسوم الأقدمية نافذاً، وفي حالة الخلاف، كما هو حاصل، يكون المرجع الصالح لتفسير الدستور هو المجلس النيابي بوصفه السلطة الوحيدة التي تسن القوانين وليس القضاء؟
فالمعلومات التي تسرّبت عن اجتماع القصر، كذلك البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، لم يُشر إلى هذه النقطة بالتحديد، بل تحدث عن العودة إلى وثيقة الوفاق الوطني، ما وسّع عند الأوساط السياسية، شقة التشكيك بالتسوية التي قيل ان الرؤساء الثلاثة قد توصلوا إليها في ذلك الاجتماع بقدر ما تؤشر إلى ان الخلاف في الجوهر ما زال قائماً بين الرئاستين الأولى والثانية حول إدارة الحكم، وجل ما في الأمر أنهما اتفقا على عنوانين أساسيين، أحدهما تهدئة الأجواء المشحونة وسحب فتيل الأزمة من الشارع الذي وصل إلى حافة الانفجار بعد حادثتي «الحدت» و«فيديو» رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والثاني ترحيل الأزمة إلى ما بعد الانتخابات النيابية التي بات يُخشى من تطييرها في حال استمر الكباش الرئاسي على الحال التي كانت سائدة قبل اجتماع القصر، خصوصا أن لكليهما مصلحة في إجرائها بعدما استفاد كل منهما من الأزمة في شد عصب شارعه وضمن الدخول إلى المجلس النيابي المقبل بأكثرية وازنة.
وما لم يُصرّح به رئيس مجلس النواب عن النتائج التي انتهى إليها اجتماع الرؤساء الثلاثة، أعلنه عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور، بعد زيارته عين التينة موفداً من رئيس كتلته النائب وليد جنبلاط، وهو ان الرؤساء الثلاثة نجحوا في سحب فتيل الانفجار من الشارع ونقلوه إلى المؤسسات الدستورية، ما يعني بكلام آخر ان الأزمة لم تقفل نهائياً، بل ما زالت مستمرة داخل المؤسسات الدستورية بدلاً من ان تبقى في الشارع، ومعنى ذلك ان ما رشح من معلومات حول التوصّل إلى صيغة حل لمرسوم الأقدمية، قد وضع على نار حامية قد لا يكون دقيقاً الا إذا كان رئيس الجمهورية تبنى وجهة نظر الرئيس برّي التي تقول بأن مجلس النواب هو وحده السلطة المخوّلة، حسب الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، تفسير القوانين في حالة نشوب خلاف، كما هو الحال بالنسبة إلى مرسوم الأقدمية بين السلطات الثلاث، غير ان ما تضمنه البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية بعد اجتماع الرؤساء الثلاثة لا يحمل في كلماته أي مؤشر إلى اتفاق نهائي توصل إليه المجتمعون ليس بالنسبة إلى مرسوم الأقدمية، بل وايضاً بالنسبة إلى إدارة الحكم وتوزيع الصلاحيات بين السلطات الثلاث التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني.