بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 تشرين الأول 2019 06:10ص تجويع!

حجم الخط
إلى أين تتجه الحكومة التي أطلقت على نفسها انها إنما جاءت للانقاذ من الأوضاع المتردية التي وصل إليها لبنان نتيجة سياسة الترقيع وتقاسم المغانم بين أرباب السلطة المتبعة منذ زمن بعيد، فهل تتجه إلى الاصطدام بالشارع الذي يغلي أم تتجه إلى دفع هذا الشارع إلى إعلان العصيان المدني إلى ان تذهب هذه الحكومة وتسقط معها تلك الطبقة التي تديرها وتنهب أمواله باسم الانقاذ أحياناً وباسم الوفاق أحياناً أخرى وتحت عنوان التسوية في كل الأحيان.

صحيح ان الشارع، نتيجة إحكام القبضه الطوائفية عليه لم يعد رهاناً كاسباً وفقاً لحسابات أرباب هذه الحكومة، بعدما عطّلت حتى الآن مفاعيله السياسية، وسحبت فتيله موجات الطابور الخامس التي دسوها في صفوفه بالتشويش على حراكه فبات من دون تأثير ومجرد موقع للتعبير المؤقت، غير ان الحكومة التي شجعها هذا الوضع للتمادي في الاقتصاص من هذا الشعب واغراقه بالضرائب، ما زالت قابعة بين فكي كماشة الضغط الدولي الذي يطالبها باصلاحات ثبت انها تعجز عن تنفيذها لاعتبارات يتداخل فيها الحزبي بالسياسي بالمصالح الفئوية والجنوح غير الممسوك نحو التفرد بالسلطة وبكل موارد الدولة والنقمة الشعبية العارمة المتجهة نحو خطوات تصعيدية عبر وسائل أخرى غير الشارع، حيث يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تداول دعوات للعصيان المدني يوم 28 الجاري أي بعد أقل من أسبوعين، قد لا تكون بعد قادرة على استمرار تحمل الوزر الثقيل وبات السؤال الأكثر إلحاحاً إلى أين تتجه ما يسمى حكومة الانقاذ؟ هل تتجه إلى إنقاذ نفسها بالعودة عن الضرائب التي تحاول فرضها على كاهل الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل، أم تنزل إلى الشارع بما تملكه من وسائل قمع وتواجه الحركة الشعبية الواسعة والعامة التي عبرت عن نفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب موافقة مجلس الوزراء على فرض ضرائب جديدة بلغت ذروتها في الضريبة على الـ«واتساب» أم انها ما زالت تعتقد ان مخدر اليأس الذي جرعته لهذا الشعب المسكين فعل فعله إلى درجة شل أي قدره على مواجهة سياسة التجويع والتفقير ثمناً لصفقات سياسيين نهبوا الدولة، وافرغوا خزينتها لملء شهواتهم اللامحدودة، وجشعهم اللامتناهي ويتجهون بشراسة غير معهودة لنهب جيوب الفقراء والمعوزين وذوي الدخل المحدود؟.

المشهد الذي تجسّد في القرارات التي اتخذتها الحكومة في جلسة مجلس الوزراء أمس، يُؤكّد على انها لا تعير أي اهتمام لصوت الشعب اللبناني ولا تعبأ بأنينه أو نقمته على سوء ادائها وعلى تظلمها، وهي ماضية في سياسة التجويع حتى النهاية، ولن تتراجع عن هذه السياسة التجويعية التي لا تشكّل من وجهة نظرها أي خطر داهم عليها طالما انها مدعومة من الطبقة السياسية القابضة على الحكم منذ عشرات السنين، مستفيدة من الانقسامات الطائفية المعششة في الجسم اللبناني، ومن التجارب السابقة التي دلت على ان قدرة الشعب على ان يتوحّد في وجه ظلمها يكاد يكون معدوماً في ظل هذه الانقسامات العميقة. ولو لم يكن الأمر كذلك لما عاد مجلس الوزراء إلى الاجتماع بعد الخلافات التي شهدتها جلسته ما قبل الأخيرة بين الحلفاء أنفسهم وكان أوّل ما فعله هو الاتفاق على فرض رسوم جديدة على اللبنانيين يعرف حق المعرفة انهم ليسوا قادرين على تحملها. ولكن ذلك لا يجب ان يحمل الشعب اللبناني على التراجع وترك حكومة الافقار والتغيير تتمادى في امتصاص دمه ولا يرف لها جفن.