بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 حزيران 2023 12:00ص تحذير مسيحي شديد اللهجة لباريس يواكب لقاءات لودريان اللبنانية

نأي السعودية عن الأسماء ساهم في وقف الإندفاعة الفرنسية بإتجاه مرشح «الثنائي»

حجم الخط
يبدو بوضوح أن سقف التوقعات لمهمة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، ليس مرتفعاً وفقاً للمعطيات المتوافرة، تزامناً مع بدء لقاءاته مع المسؤولين والقيادات السياسية والروحية. إذ لا يحمل لودريان أي مقترحات لحل الأزمة الرئاسية المستعصية، وإنما سيحاول البحث عن وسائل الخروج من المأزق القائم الذي يتهدد لبنان بالكثير من التداعيات وعلى مختلف الأصعدة. ومن هنا جاءت الخطوة الفرنسية التي قررها الرئيس ماكرون، قبل لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في إطار جهود باريس والرياض، سعياً لطي صفحة الشغور الرئاسي، وفتح الأبواب أمام انتخابات رئاسية في لبنان، تخرجه من مأزقه الذي يرزح تحته منذ ما يقارب الثمانية أشهر.
وعشية اللقاءات المرتقبة للمبعوث الفرنسي في بيروت، كان لافتاً ما صدر من مواقف سياسية، وتحديداً من أصدقاء فرنسا التاريخيين، على ما قالته «الجبهة المسيحية» التي دعت فرنسا إلى «وقف دعمها لمرشح الثنائي الشيعي لرئاسة الجمهورية والوقوف على رأي اكثرية الكتل المسيحية والسيادية والتغييريين الذين قالوا كلمتهم خلال انعقاد جلسة انتخاب الأسبوع الماضي والتي فرط الثنائي استكمال عقدها عبر الانسحاب من الجلسة في الدورة الثانية». وأخطر ما في هذا الكلام، والذي لا يؤشر إلى إمكانية نجاح لودريان في مهمته، مطالبة «الجبهة»، أن «تعود فرنسا لتلعب دورها التاريخي كأم حنون للبنان وشعبه وإلا سوف تصبح دولة عدوة لأكثرية المسيحيين واللبنانيين إن استمرت في دعمها لمرشح مرفوض من اكثرية المسيحيين». وهذا برأي أوساط متابعة، يعكس مدى الانحدار في مستوى العلاقات بين المسيحيين في لبنان و«الأم الحنون»، بعد تبني باريس لمرشح «الثنائي» سليمان فرنجية. وبالتالي لا يعزز من فرص نجاح لودريان في مسعاه لإخراج لبنان من المأزق.
وفيما يتوقع أن يكون المبعوث الفرنسي مستمعاً أكثر منه متحدثاً، لا يبدو أن المعارضة أو «الثنائي»، في وارد التخلي عن مرشحيهما، جهاد أزعور وفرنجية، لفت موقف النائب مروان حمادة الذي أشار إلى أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، بدأ يطل على المشهد الداخلي، وهذا ليس بجديد، وفق ما تقوله الأوساط، والتي تعتبر أن «قائد الجيش، قد يشكل المخرج المناسب للجميع، وهو الذي يلاقي تأييداً عربياً ودولياً، لانتخابه رئيساً للجمهورية، وإن كان زوار بيروت، يؤكدون أن الحراك الخارجي لن يحل محل اللبنانيين في انتخاب رئيس لبلدهم. لأن مفتاح الحل أولاً وأخيراً بأيدي القيادات اللبنانية التي عليها أن تتوافق،من أجل تعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس جديد للبنان في أسرع وقت. وهذا هو الطريق الأسرع والأسلم، لعبور لبنان إلى شاطئ الأمان».
وتكشف مصادر معارضة لـ»اللواء»، أن الجديد في التحرك الفرنسي باتجاه بيروت، هو تخلي باريس عن السير بفرنجية وحده لرئاسة الجمهورية، بعدما أدركت إدارة ماكرون أنها اصطدمت بالحائط، ولم تحسن قراءة المواقف اللبنانية، وتحديداً المسيحية من موضوع الاستحقاق الرئاسي. ولهذا كان قرار الرئيس الفرنسي تعيين لودريان، كمبعوث شخصي، بعد سحب الملف من أيدي الفريق الرئاسي الذي كان مكلفاً إدارة هذا الشأن. انطلاقاً من أن باريس لا يمكنها التفريط بالعلاقات المميزة التي تجمعها باللبنانيين، وتحديداً مع المسيحيين الذين أخذوا على باريس دعمها لمرشح «حزب الله» الذي يفتقد بشكل واضح إلى تأييد بيئته المسيحية بالدرجة الأولى. وهو ما أبلغه زوار فرنسا إلى قيادة ماكرون، ومطالبتها بإعادة النظر في دعم فرنجية، إلى أن جاءت نتائج جلسة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لتدفع الفرنسيين إلى تغيير موقفهم بشكل جذري.

كلام عن دفع الفرنسيِّين إلى تغيير موقفهم جذرياً من التسوية السابقة المطروحة

وتشير المصادر، إلى أن «الموقف السعودي الذي نأى بنفسه عن الأسماء المرشحة للرئاسة في لبنان، ساهم بشكل أساسي في وقف الاندفاعة الفرنسية باتجاه رئيس «المردة»، سيما وأن الرياض كانت منذ الأساس غير موافقة على أي شخصية، لا تحظى بدعم المكونات المسيحية، المعنية قبل غيرها بالاستحقاق الرئاسي. وعلى هذا الأساس، يأتي الحراك الفرنسي المستجد الذي يريد أن يتكامل مع التوجه السعودي في ما خص الملف الرئاسي، أي التخلي عن طرح فرنجية، ورمي الكرة في الملعب اللبناني، من أجل إمكانية التوافق على مرشح تسوية، بعدما أدركت المعارضة والموالاة، عجزهما عن تأمين ظروف نجاح، سواء أزعور أو فرنجية». واستناداً إلى معلومات «الثنائي» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، لن يدعو إلى جلسة انتخابات رئاسية جديدة، إلا إذا كان واثقاً أنها ستشهد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بشبه إجماع الكتل النيابية والمكونات السياسية.
وفي الموازاة، وفيما يستمر الحراك السعودي، جنباً إلى جنب مع الجهود الفرنسية، فإن مأدبة الغداء التي سيقيمها، اليوم، سفير خادم الحرمين الشريفين وليد بخاري، على شرف السفراء العرب والمسلمين، والتي سيحضرها السفير الإيراني، وهو لقاء يقيمه بخاري سنوياً، ستكون مناسبة كذلك لمواكبة تحرك المبعوث لودريان، والسعي لبلورة تصور يقارب بين المسعيَيْن السعودي والفرنسي، سيما وأنه سيكون لموفد الرئيس ماكرون، لقاء مع سفراء الدول المنبثقة عن الاجتماع الخماسي. من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة، تُسرع في إنجاز الانتخابات الرئاسية.