بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 أيار 2024 05:38م تحفظات لبنانية على المقترح الفرنسي و"حزب الله" يتجه لرفضه

حزمة المساعدات الأوروبية تطيل عبء النزوح وتخفي نوايا خبيثة للدفع باتجاه التوطين

حجم الخط
استأثر ملفا الجنوب والنازحين، بكل الاهتمام الداخلي من جانب كبار المسؤولين، بالنظر إلى النتائج والتداعيات المترتبة عنهما على الصعيد الداخلي، وفي حمأة الاستحقاقات الداهمة التي تنتظر لبنان، توازياً مع ارتفاع وتيرة الضغوطات التي يواجهها لبنان، جراء تبعات هذين الملفين، وما تركاه من أضرار جسيمة على مختلف الأصعدة . وفي حين من المتوقع أن يسلم لبنان رده خطياً على الورقة الفرنسية المعدلة، والمنسقة مع الأميركيين، بشأن الوضع في الجنوب، فإن مصادر متابعة، تشير إلى أن أن هناك تحفظات عديدة للبنان على مضمون هذه الورقة، وبالتالي فإن بنوداً لا يمكن أن يوافق عليها، باعتبار أنها تؤمن مصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى، مستبعدة أن تعطي بيروت موافقتها على الاقتراح الفرنسي، بعقد قمة ثلاثية في باريس لإرساء الهدوء على الحدود الشمالية . وهو أمر يرفضه "حزب الله" الذي يعمل على دراسة المقترح الفرنسي بالتفصيل، قبل إعطاء الجواب اللبناني الرسمي عليه .






وفي الوقت الذي أكد رئيس الدبلوماسية الفرنسية ستيفان سيجورنيه، على موقف بلاده القلق على مصير لبنان في حال استمرت المواجهات في الجنوب، لما يشكله ذلك من خطر متزايد بشأن إمكانية حصول انفجار واسع، فإن ارتفاع مستوى التهديدات الإسرائيلية يثير مخاوف جدية، مما يضمره الاحتلال للبنان، بعد تصريحات رئيس اركانه، من أن جيشه يستعد لهجوم على الجبهة الشمالية، معطوفاً على ماقاله وزير خارجية إسرائيل، من أنه "في حال لم ينسحب حزب الله فإن إسرائيل ستكون قريبة من حرب شاملة معه"، محذراً من أن "إسرائيل ستحارب حزب الله في كل أرجاء لبنان، وستحتل مناطق واسعة في جنوب لبنان، وستبقى هذه المناطق تحت سيطرة الجيش كمنطقة أمنية". وبالتأكيد فإن هذه التهديدات لا ينبغي تجاهلها استناداً إلى ما تقوله المصادر، سيما وأن "حزب الله" لن يوقف مشاغلة الإسرائيليين، طالما استمر العدوان على غزة، وهذا يعني أن لا فصل لجبهة الجنوب عن جبهة غزة، ما قد يعرض المبادرة الفرنسية للسقوط .




وعلى وقع الترقب الحذر لمآل الجهود الفرنسية لنزع الفتيل المتوتر في الجنوب، خطفت زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين إلى بيروت الأنظار، سيما وأنها جاءت في وقت يتصدر موضوع النزوح واجهة الاهتمام، لا بل أنه بات ملفاً ساخناً، وسط مطالبات رسمية وحزبية وشعبية، بإيجاد حل لأزمة النازحين، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإعادتهم إلى بلادهم، بعدما باتوا عبئاً على اللبنانيين، بالنظر إلى تبعات هذا النزوح الذي فاق إمكانات الدولة ومرافقها على تحمله . وقد شملت محادثات المسؤولين الأوروبيين في بيروت، مختلف جوانب ملف النزوح، وجرى بحث في سبل تخفيف الصغط عن اللبنانيين، جراء هذا الملف الذي يثقل كاهل الشعب اللبناني برمته . ووفق معلومات "اللواء"، فإن المسؤولين اللبنانيين أبلغا الرئيس القبرصي والمسؤولة الأوروبية، أن هناك خطراً كبيراً على الأمن المجتمعي في لبنان، إذا بقي ملف النزوح دون معالجة، وهو أمر لا يمكن أن يتحمله لبنان، ولا بد من أن يتحمل الأوروبيون مسؤولية أساسية في التخفيف من أعباء هذا الملف عن لبنان وشعبه . على أن يتخذ المؤتمر الدولي حول النازحين السوريين الذي سينعقد في بروكسيل في نهاية الجاري، خطوات أساسية على هذا الصعيد، وتساعد في حل معضلة النزوح في لبنان الذي يستضيف نحو مليونين ونصف المليون نازح سوري، ما يعني أنهم باتوا بحدود نصف عدد سكانه .








  وفي حين كشفت المعلومات المتوافرة عن أجواء اللقاءات التي جمعت الرئيس القبرصي وفوندرلاين مع المسؤولين اللبنانيين، بأن لموقف الرسمي كان موحداً وحازماً، بأنه بات من الضروري أن يعمل المجتمع الدولي على حل أزمة النزوح، لتخيف العبء عن لبنان، قبل حصول الانفجار الكبير، لفت كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن أن "هذه أكثر مرّة نلمس فيها جدية في موضوع النازحين السوريين"، في وقت جاء تحذير رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من أن مخاطر تصاعد النفور بين النازحين السوريين، وبين بعض المجتمع اللبناني المضيف بسبب الجرائم التي باتت تهدد أمن اللبنانيين"، ليضع الضيفين الأوروبيين في حقيقة ما يمكن أن يتعرض له لبنان، إذا لم تحل مشكلة النزوح، وبالتالي يقوم المجتمع الدولي بدوره المطلوب على هذا الصعيد، باعتبار أن أمن لبنان من أمن دول أوروبا، وكي لا يتحول لبنان ممراً للاجئين نحو أوروبا. ولا بد تالياً من الإقرار بأنّ غالبية المناطق السورية باتت آمنة بما يسهّل عملية إعادة النازحين . وهذا ما يجب أن يعيه الأوروبيون والمؤسسات الدولية، ويساهموا في تأمين الدعم للنازحين، في بلدهم، وليس في بلاد الآخرين . 





وإذ أكدت فونديرلاين، على دعم لبنان وشعبه بقوّة في مواجهة أعباء النازحين، وكشفها عن حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان ستكون متاحة اعتباراً من العام الجاري وحتى 2027، وكذلك إشارتها إلى توفير الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى، وعلى توفير المعدّات والتدريب الضروري لإدارة الحدود، فإن المصادر المتابعة لملف النزوح، لا تنظر بارتياح إلى ما أعلن عن حزمة مساعدات للبنان، باعتبار أنه يعد مؤشراً على إطالة أمد هذه الأزمة . ولا يعكس اهتماماً دولياً بإعادة النازحين إلى بلدهم، بقدر ما أنه محاولة لإبعاد هذه الكأس عن الأوروبيين، من خلال ما يمكن وصفه ب"رشوة" الدول المستضيفة، ودفعها لإبقاء النازحين على أراضيها. لا بل أن هناك خشية كبيرة من أن يقود ذلك إلى توطين حقيقي للنازحين، يصر الجميع على إنكاره، ولو مكرهين .


وإذ يتحصن لبنان بموقفه القائل بأن سورية في معظم مناطقها باتت آمنة، وأن لا مبرر لبقاء هذا الكم الكبير من النازحين على أراضيه، فإن ما يلفت الاهتمام، هو أن الأوروبيين يتجاهلون أي مسعى للضغط على النظام السوري لإعادة النازحين، ولا يكلفون أنفسهم عناء دعم الموقف اللبناني في ضرورة عودة النازحين إلى بلدهم، بقدر ما أنهم يعملون لصد موجات تصدير اللاجئين إلى بلدانهم . وفي الوقت الذي تنفي أوساط وزارية علمها بأي زيارة للرئيس ميقاتي إلى دمشق، للبحث في ملف النزوح، فإن المعطيات المتوافرة بهذا الشأن، لا توحي بإمكانية حصول تجاوب من جانب النظام لإعادة النازحين . وهو أمر سيبحثه المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، في زيارة قد تحمله إلى العاصمة السورية، بعد توافر ظروف نجاحها، لكي تثمر عن إيجابيات، وتحقق الغاية المرجوة منها.