بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 أيلول 2019 12:00ص تخبُّط

حجم الخط
يعكف مجلس الوزراء اعتباراً من اليوم الثلاثاء على درس مشروع قانون موازنة 2020 ويعقد لذلك سلسلة جلسات قبل وبعد عودة الرئيس سعد الحريري من باريس التي يغادر إليها بعد غد الخميس للقاء الرئيس ايمانويل ماكرون يوم الجمعة المقبل للاتفاق معه على إعلان انطلاق مؤتمر «سيدر» عملياً. وعشية جلسة اليوم أكّد الرئيس الحريري الالتزام بإقرار الموازنة ضمن المهل الدستورية ورأى ان كلفة القرارات التي يجب اتخاذها أقل بكثير من كلفة الأزمة إن حصلت، مشيراً إلى ان التحديات واضحة والحلول معروفة وقد اتفقنا عليها في مؤتمر «سيدر» والمهم اليوم ان ننتقل إلى مرحلة التنفيذ ولا نضيع المزيد من الوقت داعياً كافة الإدارات الى الاستثمار من أجل متابعة الورشة الإصلاحية للوضع الاقتصادي بهدف النهوض بلبنان.

الرئيس الحريري أراد بكلامه هذا، أن يطمئن اللبنانيين إلى أن الحكومة جادة في التزاماتها تجاه الدول التي شاركت في مؤتمر «سيدر» وقررت منح لبنان هبات ومساعدات وقروض لا تقل عن 11 مليار دولار أميركي لإعادة تأهيل بناه التحتية لكنه في ذات الوقت لم يخفِ حذره من أي تباطؤ من قبل الإدارات المختصة أو تلكؤ من قبل المشاركين في حكومته على خلفيات سياسية ظاهرة بوضوح على المشهد العام. وهذا الحذر عند رئيس الحكومة عكسته مواقف وزير المالية علي حسن خليل اعترف فيها ان الموازنة أعدت في وقت صعب واستثنائي ولذلك لم تقدّم للرأي العام كما جاءت عليه رغم تمايزها، آملاً أن يتمكن مجلس الوزراء من أن يحقق انجازاً حقيقياً يتجاوز الشكل للدخول في مضمون المسؤولية الملقاة على عاتقه وعليه أن يتحملها لأن تجاهل الأمر لم يعد مسموحاً.

استناداً إلى هذين الموقفين لرئيس مجلس الوزراء ولوزير المالية، ينكشف مدى القلق الذي لا يزال يساورهما رغم كل التأكيدات التي حصلا عليها من فرنسا الراعية لسيدر ومن المجتمع الدولي على منع لبنان من السقوط في براثن الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يتخبط بها نتيجة السياسات العشوائية المتبعة منذ عدّة عقود والتي تجلّت في السنوات الثلاث الماضية من العهد الحالي بالخطر الداهم على الدولة ما لم تسرع في تغيير النهج المتبع، والبناء على خطط إنقاذية سليمة وبعيدة عن سياسة الترقيع التي اوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم في ظل ظروف إقليمية ودولية حافلة بالمفاجآت، وفي ظل ظروف داخلية أكثر صعوبة أساسها التضخم في القطاع العام ما أدى إلى ارهاق خزينة الدولة حيث كشف وزير المالية أن هناك 94 مؤسّسة عامة تابعة للدولة يجب إلغاء عدد كبير منها وإعادة تحويل مؤسّسة ضمن الودائع لتغيير دورها. كذلك الأمر بالنسبة إلى مؤسسة ضمان الاستثمارات التي لا لزوم لها وغيرها من المؤسسات العامة التي يتوجّب اعادة النظر بدورها أو الغاؤها لأنها غير موجودة الا على الورق وتكبد خزينة الدولة مبالغ طائلة كالمؤسسة الوطنية للزراعات البديلة والمؤسسة اللبنانية للدراسات ومؤسسة الإحصاءات والدراسات والمؤسسة العامة للمباراة الرياضية والمجلس الوطني للصيد البري والهيئة العامة للسلامة المرورية والمؤسسة الوطنية لتشجيع الاستثمار «إيدال». فالمطلوب من مجلس الوزراء أن يُعيد النظر في وجود هذه المؤسسات وأن تكون البند الأوّل على جدول أعماله لدرس الموازنة واقرارها قبل الخامس عشر من شهر تشرين الأوّل المقبل، أي ضمن المهلة القانونية التي حددها الدستور، وما لم يتحلَّ مجلس الوزراء بالجرأة الكافية والمسؤولية الكاملة، ويقدم على هذه الخطوة الجريئة فالأمل لا يبقى ضعيفاً فقط بالحصول على مساعدات سيدر بل وفي قيام الدولة كلها.