بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الثاني 2018 12:43ص ترحيل...!

حجم الخط
نجح مجلس الوزراء في تجاوز قطوع اقتراح تمديد مهلة تسجيل المغتربين المقدّم من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بصفة المعجل المكرر بسحبه من جدول الأعمال بناء على طلب رئيس الحكومة سعد الحريري وترحيله إلى لجنة وزارية لاجراء مراجعتها قبل إحالته مجدداً إليه.
وكما بات متعارف عليه في السياسة الداخلية يصبح الاقتراح، كأنه لم يكن طالما ان اللجان هي مقبرة المشاريع، وكل الحكومات التي توالت في تاريخ لبنان، كانت تلجأ في كل مرّة تصطدم فيها بمشروع أو اقتراح غير متوافق عليه مسبقاً بترحيله إلى اللجان، للتخلص منه ومن تداعياته على الاستقرار الحكومي.
وكان رئيس الحكومة الذي عبّر في مستهل جلسة مجلس الوزراء عن الواقع الحكومي الهش، وعمّا يكتب في الإعلام حول خلافات مستحكمة داخل الحكومة تُهدّد بفرطها هو من أخذ المبادرة في سحبه من جدول الأعمال واحالته إلى لجنة وزارية مختصة تفادياً لانفراط عقد الحكومة التي كانت كل المؤشرات التي سبقتها تشي باحتمال انفراط عقدها في حال طرح اقتراح الوزير باسيل على النقاش داخل الجلسة، في ظل الجو المحموم السائد, والذي عبر عن نفسه في السجال الدائر بين التيار الوطني الحر وحركة «امل» ومعها كل قوى الثامن من آذار.
وإذا كان الرئيس الحريري تمكن هذه المرة من تفادي تفجير الحكومة من الداخل على خلفية تراكم الخلافات بين التيار والحركة حول مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994 وصولاً إلى الخلاف حول تفسير دستور الطائف والصلاحيات بين الرئاسات الثلاث، الا ان ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال, ان تجاوز خطر وقوع الأزمة الحكومية بما يُهدّد عقدها الذي صمد حتى الآن في وجه كل التناقضات وتمكنت الحكومة من السير بين ألغام الخلافات المستحكمة بين الرئاستين الأولى والثانية والتي كما يبدو لن تنتهي بعد فصولاً, بل هي مرشحة للاشتداد كلما اقتربت البلاد من الاستحقاق الرئاسي, ولا يُمكن للحكومة التي تضم كل هذه التناقضات, ان تبقى بمنأى عنها، الا في حالة واحدة، وهي ان يتراجع رئيس مجلس النواب عن موقفه ويسلم بالأمر الواقع الذي أراد رئيس الجمهورية فرضه عليه من خلال استبعاد توقيع وزير المالية الذي يمثل الرئاسة الثانية على كل المراسيم التي يصدرها رئيس الجمهورية.
من هنا، يصح القول بأن إحالة اقتراح الوزير باسيل على اللجنة المختصة، لا يُشكّل مخرجاً للأزمة السياسية الناشبة بين الرئاستين الأولى والثانية، بقدر ما هو ترحيل لها إلى الجلسة المقبلة التي قد تعقد في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية، لتنفجر من جديد، ويصبح الوضع الحكومي امام الاختبار الأصعب، لا سيما بعد تغريدات رئيس اللقاء الديموقراطي الأخيرة في شأن الثنائيات, والتي اعطت للأزمة الناشبة بين الرئاستين الأولى والثانية بعداً استثنائياً تجاوز الخلاف التقني والقانوني إلى كونه أزمة حكم.
النائب جنبلاط الذي دخل على خط التسوية بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ولم ينجح في مسعاه، بق البحصة وقال الأمور كما هي ومن دون لف ولا دوران, بعزوه الأزمة القائمة إلى الاستفراد بالقرارات أو العودة إلى ثنائيات قديمة, وهو يقصد بهذا التوصيف الثنائية المارونية - السنيّة, التي حسب قناعاته, تمارس اليوم في إدارة الدولة, وتجلت في اتفاق الرئاستين المارونية والسنيّة على استبعاد المكون الشيعي الممثل بالرئاسة الثانية عن المشاركة الفعلية في إدارة دفة الحكم, كما نص عليها اتفاق الطائف. من هنا يُمكن ان يخلص المتابع لاستنتاج, وهو ان الأزمة القائمة حالياً هي أزمة حكم وليست أزمة مرسوم يوقع من الوزير المختص أو لا يوقع، وستكون لها حتماً تداعيات سلبية كثيرة وكبيرة لن يكون أوّلها تطيير حكومة التناقضات.