بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الثاني 2019 12:00ص تفاؤل مصطنع

حجم الخط
غداة انتهاء القمة التنموية الاقتصادية الاجتماعية سرت شائعات عن حلحلة ما في ملف أزمة تشكيل الحكومة تبشر بولادتها في وقت قريب، فعلى ماذا بُني هذا التفاؤل؟ هل على عزوف الرئيس المكلف عن زيارته المقررة إلى دافوس والعودة إلى استئناف المشاورات مع الأطراف المعرقلة للتأليف؟ فهل تغيّر مثلاً موقف حزب الله من تمثيل النواب السنة الستة في الحكومة العتيدة؟ وهل تبدّل موقف الوزير جبران باسيل من التمسك بالثلث المعطل أو الضامن؟ هل عادت المياه إلى مجاريها بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، بعد مواقف الأخير من القمة العربية ومشاركة ليبيا في هذا المؤتمر؟ وهذه الـ«هل» تطول إلى ما نهاية في ظل ثبات الأطراف المعنية على مواقفها وعدم بروز أي مؤشر طوال فترة تجميد البحث في التأليف لإمكانية تراجعها عنها، الا إذا كان الذين بثوا مثل هذه الشائعات يراهنون على اقتناع الرئيس المكلف بتقديم مزيد من التنازلات التي تنقذ المركب الحكومي من الغرق، كأن يقبل مثلاً برفع عدد أعضاء الحكومة إلى اثنين وثلاثين وزيراً بدلاً من ثلاثين لاتاحة الفرصة أمام توزير أحد نائبي الطائفة العلوية الكريمة ويضمن في الوقت ذاته الثلث المعطل أو الضامن للتيار الوطني الحر، طبعاً بعد الحصول بالنسبة الى هذا الاقتراح على موافقة الثنائي الشيعي الذي جاهر برفضه لمثل هكذا صيغة واقترح بديلاً عنها المثالثة في الحكومة كمقدمة لاعتراف الآخرين بعرف جديد يتجاوز حدود وثيقة الوفاق الوطني التي نصت على المناصفة في تأليف الحكومة بين المسلمين والمسيحيين.
كل ذلك يعطي مؤشراً، لا لبس فيه، بأن الوضع الحكومي ما زال على ما كان عليه قبل انعقاد القمة العربية الاقتصادية في بيروت، مع كل ما أثير عنها وحولها من تعليقات لا تصب جميعها في مصلحة لبنان، الا إذا أردنا أن نتمسك ببصيص الضوء الإيجابي في نافذة الأزمة الحكومية التي فتحها الوزير باسيل بعد زيارته المفاجئة أمس إلى الرئيس المكلف، وإعلانه إثر هذه الزيارة انه ناقش أفكار الحل الخمس التي طرحها مع الرئيس الحريري وسمع منه كلاماً إيجابياً بأنه مستعد لمواصلة البحث معه في بعض هذه الأفكار، وكأن الوزير باسيل يوحي بذلك بأن الرئيس المكلف بات ميالاً لرفع العدد من 30 وزيراً إلى 32 أو إلى 36، كما يقترح هو، أو انه حصلت في الساعات الثماني والأربعين معجزة قلبت كل المقاييس التي سادت على مسرح الأزمة الحكومية منذ أن فتحت أبواب التأليف قبل ثمانية أشهر، غير أن كل المعطيات وحتى كل الوقائع تنفي حصول مثل هذا التحوّل، وتؤكد أن الرئيس المكلف لا يزال على موقفه الرافض علناً لرفع عدد أعضاء الحكومة عن الثلاثين وزيراً ولتوزير أحد النواب السنة الستة مهما كلف الأمر، والرافض ضمناً إعطاء التيار الوطني الحر الثلث المعطل بأي ثمن، مما يطيح بتلك الموجة من التفاؤل بإمكان ولادة الحكومة في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، ويقدم عليها لغة أخرى تقول بأن أزمة التأليف باقية تراوح مكانها حتى ولو كان هذا الامر يتعارض مع التفاؤل المصطنع لرئيس السلطة الثانية نبيه برّي، ومع الأجواء الإيجابية المحدودة التي أشاعها الوزير باسيل الذي غاب عن السمع لأنه كُلف بتمثيل لبنان في منتدى دافوس.