بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الأول 2017 12:48ص توافق سياسي على تسيير أمور الدولة والمواطنين بمعزل عن التحالفات والإصطفافات الإنتخابية

الحركة السياسية تتسارع على مساري تفعيل العمل الحكومي والتحضير لإجراء الإنتخابات

حجم الخط

الحديث بدأ مبكراً عن الإنتخابات النيابية هذه المرة ويكاد يحتل حيِّزاً لا بأس به في معظم اللقاءات والأحاديث السياسية، إلا أن ذلك لا يعني الإتفاق النهائي على شكل التحالفات السياسية بين القوى المعنية


تستأنف الحركة السياسية في البلاد بوتيرة متسارعة مع مطلع العام المقبل على مسارين متلازمين للتعويض عن مرحلة تعطيل العمل الحكومي بفعل أزمة استقالة الحكومة المفاجئة، الأوّل، مسار إعادة تفعيل عمل الحكومة انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها قبيل نشوب الأزمة وفي مقدمتها إنجاز عملية إقرار مشاريع الملفات الحياتية والضرورية للمواطنين، كملف الكهرباء المعقد والنفايات والصرف الصحي والطرق والمياه والاتصالات وغيرها وإنجاز دراسة مشروع موازنة العام 2018، مع ما تستلزمه هذه الملفات من إجراءات وخطوات إضافية لوضعها موضع التنفيذ العملي على أرض الواقع بعدما استهلكت فائضاً من الوقت لدراستها ومناقشتها من قبل الإدارات والمسؤولين المعنيين، وبالتزامن مع التحضيرات الجارية مع الدول والهيئات الدولية لتسهيل عقد المؤتمرات الثلاثة الضرورية لدعم لبنان والتي تمّ الاتفاق عليها مبدئياً خلال زيارتي رئيسي الجمهورية والحكومة لكل من فرنسا وإيطاليا مؤخراً، الأوّل لدعم لبنان في مواجهة أعباء وتحديات مسألة اللاجئين السوريين التي ترهق الاقتصاد اللبناني والثاني، لمساعدة ودعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية لتقوية قدراتهما للحفاظ على الأمن والاستقرار والثالث لإعادة تنشيط الاقتصاد اللبناني من خلال المساهمة في تمويل رزمة من المشاريع الحيوية التي يحتاجها لبنان وتشجيع الاستثمار فيه.
اما المسار الثاني، فهو مسار التحضيرات اللازمة لاجراء الانتخابات النيابية المرتقبة في مطلع شهر أيّار المقبل، بعدما تمّ الانتهاء من إنجاز قانون جديد للانتخابات وتوافق جميع القوى السياسية على اجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد بعدما توافرت كل الظروف المؤاتية لاجرائها.
ويلاحظ أن هناك توافقاً بين مختلف القوى الرئيسة لإطلاق عجلة العمل الحكومي وتسيير أمور الدولة والاهتمام بشؤون المواطنة وحاجاتهم بمعزل عن الاختلافات والتحالفات المرتقبة في الانتخابات النيابية لا سيما مع ظهور بوادر ومؤشرات تغييرات في حركة التحالفات والتقارب بين هذه القوى قياساً عمّا كان سيمثل في الانتخابات السابقة ولأنه لا يُمكن إيقاف عجلة الدولة لحين موعد اجراء الانتخابات في مطلع شهر أيار المقبل أو رهنها بحركة التحالفات والاختلافات القائمة. ومع أن الحديث بدأ مبكراً عن الانتخابات النيابية هذه المرة ويكاد يحتل حيزاً لا بأس به في معظم اللقاءات والاحاديث السياسية، إلا أن ذلك لا يعني الاتفاق النهائي على شكل التحالفات السياسية بين القوى المعنية،باعتبار ان مثل هذه التحالفات وإن إرتسمت معالمها بفعل المتغيّرات السياسية من خلال عملية انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وما بعدها، فإنه ما يزال هناك متسع من الوقت قد يتيح حصول تبدلات في الواقع السياسي القائم حالياً وبأن تكون مثل هذه التبدلات طفيفة وغير أساسية بفعل الظروف القائمة حالياً ومخلفات التحالفات السابقة ولا سيما منها على صعيد الاصطفافات التقليدية بين قوى 14 و8 آذار والتي تبدّلت وتداخل بعض أطرافها مع خصوم الأمس السياسيين، كما يلاحظ ذلك بوضوح في التقارب الحاصل بين تياري رئيس الجمورية والحكومة والتباعد الحاصل بين أطراف تحالف قوى 14 آذار مع بعضها البعض.
الا انه وفي ضوء تصاعد حدة الخلاف بين حلفاء الأمس في قوى 14 آذار على خلفية المواقف المعلنة بخصوص أزمة استقالة الحكومة والملابسات المحيطة بها وتباين المواقف في ملفات حكومية وسياسية عديدة في السابق، يلاحظ أيضاً ان هناك محاولات حثيثة من معظم الأطراف لفتح قنوات الاتصال المقطوعة من جديد على أمل تجاوز الخلافات وإعادة تطبيع العلاقات او تحسينها قدر الإمكان وإن يكن تحقيق مثل هذا الهدف صعباً في الوقت الحاضر ومرتبطاً بظروف التطورات السياسية والأوضاع العامة، الا انه لا يبدو مستحيلاً في حال تقاربت مصالح الأطراف المتخاصمة مع بعضها حالياً وبات مطلوباً منها التقارب في ما بينها وصولاً إلى التحالف العملي كما كان يحصل في السابق.
الا ان الوقائع والمواقف السائدة تؤشر بوضوح إلى تحالفات جديدة في الانتخابات النيابية المقبلة تختلف عن التحالفات السابقة، ولكنها تختلف من دائرة إلى أخرى حسب مصالح كل طرف على حدة لأن لكل دائرة لها وضعية مختلفة عن الدائرة الأخرى وبالتالي فإنه ليس من الضروري ان تنسحب التحالفات المرتقبة على الدوائر كلها بنفس الأسس، وقد يكون هناك خصومة وتنافس في دائرة ما، بينما قد يتم التحالف بين نفس القوى في دوائر أخرى، وهذا يتوقف على تلاقي مصالح هذه الأطراف وما يمكن ان تحصل عليه من مقاعد نيابية لصالحها، أو تباعد هذه المصالح والاختلاف على ما يمكن ان تخسره لصالح خصومها.