ثبت حتى الساعة، ان ما يقال عن خلاف بين الرئاستين الأولى والثالثة نشب بعد الاجتماع الذي عقد في نيويورك بين الوزير السوري وليد المعلم والوزير اللبناني جبران باسيل أطاح والاصح قد يطيح بالتسوية التي جمعت الاثنين تحت سقف واحد لتفادي الذهاب إلى المجهول وفق تبرير الرئيس سعد الحريري، ثبت ان مثل هذه المقولة غير صحيحة وأن التفاهم بين الرئاستين ما زال قوياً ومتيناً حتى انه ما زال اقوى مما كان عليه غداة تشكيل حكومة استعادة الثقة، وأقوى دليل على صحة ذلك التشكيلات القضائية التي اتُفق عليها، والتي أتت نتيجة تفاهم بين الرئاستين وبين التيارين «المستقبل» و«الوطني الحر»، وإن كانت الدفة مالت إلى ناحية الرئاسة الأولى بشكل اثار استهجان واستغراب أكثر من طرف يهتم بشؤون الحكم وبما يحصل على ساحته عن تقاسم حصص بين الرئاستين الأولى والثالثة.
لكن استمرار هذا الاتفاق ربما يثير حفيظة الرئاسة الثالثة التي اعتادت منذ اتفاق الطائف وطيلة عهد الوصاية على نمط جديد من الحكم سمي في حينه الترويكا، أي حكم الرئاسات الثلاث أو الرؤوس الثلاثة كما أطلق عليها الرئيس الأسبق المرحوم الياس الهراوي، لأن الرئاسة الثلاث كانت بعيدة عن طبخة التشكيلات القضائية رغم ما يقال وربما ما هو ثابت ان حصة الرئاسة الثانية فيها كانت محفوظة، وأن الثنائي حرص على عدم اغضابها حرصاً على التسوية القائمة وحتى لا يحصل أي تشظي لها ينعكس على بقية الملفات خصوصاً وأن الرئاسة الثالثة تملك من الأوراق ما تجعلها في وضع القوي الذي يفرض شروطه وليس في وضع الضعيف الذي يستجدي حصته.
وما هو صحيح وثابت ان الاتفاق بين الرئاستين الأولى والثالثة على التشكيلات القضائية طوى إلى غير رجعة ملف تداعيات لقاء باسيل والمعلم وسهل عليهما استكمال ملف التعيينات القيادية في الإدارة العامة على نفس القاعدة وتحت سقف تلك التسوية، وهذا بحد ذاته، وبصرف النظر عن كل الاعتبارات السياسية يفسح في المجال امام الرئاستين لتحقيق إنجازات مهمة ليس على صعيد التعيينات والتشكيلات وحدها بل وأيضاً على كل الصعد الأخرى كالاصلاح والتغيير الذي يعتبر الركيزة الأولى والاخيرة لمؤسس التيار الوطني احر الذي يتولى نتيجة التسوية الشهيرة قيادة السفينة ويتطلع إلى بناء الدولة القادرة والعادلة بين المواطنين إذا ما كان مثل هذا التعبير لا يزال صالحاً بعد «فضيحة» التشكيلات القضائية وما يُحكى عن فضائح أخرى ستظهر تباعاً.
على الحكم ان يعي انه تحت المجهر الداخلي والخارجي، وأن الدولة ليست مزرعة لأحد يتصرف بها كيفما يشاء ولن تصبح كذلك مهما تبدَّى الضعف في الشركاء الآخرين، فقد سبق ان مر على لبنان وشعبه حكام، احتكروا السلطة واستخدموها لتحقيق المصالح الشخصية، لكن الشعب اللبناني خذلهم وانتصر عليهم. فحذاري من الوقوع في مثل هذا الخطأ!؟