بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2019 12:00ص حتميّة النجاح وسط التغيُّرات

حجم الخط
في خطوة لم تكن متوقعة أنجزت الحكومة قطع حساب العام 2018 وأحالته إلى ديوان المحاسبة للتدقيق قبل إحالته إلى مجلس النواب مع موازنة 2020 التي أكد مجلس الوزراء إنجازها وإحالتها إلى السلطة التشريعية ضمن المهل المنصوص عنها في الدستور، هذه الخطوات تزامنت مع زيارة الرئيس سعد الحريري إلى كل من باريس والرياض لإطلاق مؤتمر سيدر مدعماً بمساعدات عربية وأوروبية وسعودية بشكل خاص لمنع الإقتصاد من التهاوي.

وبحسب ما أجمعت عليه مواقف كبار المسؤولين فإن الخطوة السعودية تأتي من ضمن سلّة مساعدات سريعة سيتلقاها لبنان في الأسابيع القليلة المقبلة على شكل ودائع توضع في مصرفه المركزي، بما ينعش إقتصاده ووضعه النقدي الدقيق ويساعده بالتالي على تخطي الفترة الصعبة التي يمر بها إلى أن يكون أقلع فعلياً في مساره الاصلاحي وبلغته مساعدات مؤتمر سيدر. ومما لا شك فيه فإن الرعاية المرتقبة هي في الواقع من نتاج جهودٍ مساعٍ حثيثة اضطلع بها أصدقاء لبنان في العالم وأولهم فرنسا التي أجرت في خلال الأسابيع القليلة الماضية اتصالات بعيدة عن الأضواء مع عدد من الدول الكبرى، محذرة إياها من أن أي تلكؤ عن مدّ بيروت بجرعة أوكسجين مالي قد يدفعها إلى السقوط في المحظور الأمر الذي لا يناسب أياً من القوى الإقليمية والدولية لاعتبارات تتعلق بالتوازنات الإقليمية من جهة وبالتسويات المنتظرة من جهة ثانية، وكان من الطبيعي أن تتجاوب المملكة العربية السعودية ودول الخليج مع هذه الاتصالات، وتبادر كما فعلت المملكة إلى ترجمة ذلك بخطوات عملية، عبَّرت عنها الدعوة التي وجهها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الى الرئيس الحريري، كذلك كشف وزير المال محمّد الجدعان النقاب عن المحادثات التي تجريها المملكة مع حكومة لبنان بشأن تقديم دعم مالي واستخدامه عبارة لا تحمل أي لبس قائلاً نضع أموالنا والتزامنا في لبنان وسنواصل دعمه ونعمل مع حكومته، فأن تقرر المملكة وهي في قلب مواجهة شرسة مع خصمها الإقليمي إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة ليس حدثاً عادياً بقدر ما يرتدي من بالغ الأهمية والتبصُّر في أبعاده وأهدافه، خصوصاً أن موقف المملكة الداعم جاء في وقت يرفع حزب الله السقف عالياً ويعلن أن بيروت لن تكون على الحياد في أي اعتداء تتعرض له الجمهورية الإسلامية، وكأنه يريد أن يقول للعالم أن لبنان في الخندق الايراني إقليمياً.

وبمعزل عن كل هذه التحليلات والاستنتاجات، فمما لا شك فيه ان مساعي إنقاذ لبنان من الأسوأ اقتصادياً ومالياً واستراتيجياً يسابق أوضاعاً ملتهبة، حيث تقرع طبول الحرب في المنطقة، على حدّ ما صرّح به وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف رداً على ما جاء على لسان وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو إثر اجتماعه مع كبار المسؤولين بالمملكة العربية السعودية من أن الاعتداء الأخير الذي استهدف موقعين نفطيين سعوديين يعتبر عملاً من أعمال الحرب، بأن بومبيو كان يهدف من وراء هذا الموقف استدراج الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشن حرب على إيران.

وفيما كل المؤشرات ترجح انفجار الوضع العسكري الإقليمي، يبدو كبار المسؤولين اللبنانيين مرتاحين إلى الحماس الدولي والعربي في العمل على أن يتخطى لبنان أزماته الاقتصادية كونه حاجة إقليمية ودولية، الأمر الذي حدا برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يستعد للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية مترئساً وفد لبنان إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن يُبدي أمام زوّاره اطمئنانه إلى الوضع الداخلي ويشدد على أهمية التضامن الوطني للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها معتبراً أن على الجميع تحمُّل مسؤولياته والالتزام بمرحلة التقشف التي تدخل فيها البلاد . ومشدداً على حتمية النجاح في الخروج من الأزمة الراهنة.