بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الثاني 2017 12:00ص حذارِ؟!

حجم الخط
القرار الذي إتخذه الرئيس سعد الحريري بالتريث في تقديم استقالة رسمية استجابة منه لتمني رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتريث، حتى يُصار إلى معالجة أسباب الاستقالة اشاع جواً من التفاؤل عند اللبنانيين، عززته استعادة الأسواق المالية والتجارية حركتها الطبيعية في اليومين الماضيين بعد انحسارها بشكل ملحوظ إثر إعلان الاستقالة.
ولم يقتصر جو الارتياح على الأسواق المالية والاقتصادية بل انسحب على الجو السياسي العام الذي عبر بشكل واضح عن مدى القلق الذي اصابه نتيجة هذه الاستقالة على مجمل الأوضاع العامة في البلد حتى ان البعض ذهب إلى عدم إخفاء قلقه الشديد على المستقبل.
وقد عبرت مختلف القيادات السياسية والحزبية عن هذا الارتياح، بمواقف داعمة للرئيس الحريري، ومرحبة لقرار التريث في الاستقالة الذي اتخذه بعد لقائه رئيس الجمهورية، واعتبرت ذلك القرار بأنه انتزع فتيل أزمة كبيرة، وخطيرة في آن معاً، نظراً لتزامنها مع عدّة عوامل خارجية، تؤشر إلى وجود ما يسمى بخريطة ديمغرافية وجغرافية لمنطقة الشرق الأوسط.
وما  جعل هذا الجو العام، تتسع دائرته لتشمل كل مكونات الشعب اللبناني، الاحتضان الدولي له، والذي تميز بإجماع العالم على دعوة كل القيادات اللبنانية إلى التحلي بالحكمة والتعقل في التعاطي مع الأحداث الجارية لإنقاذ بلدهم، والحفاظ على الأمن والاستقرار فيه، وتأكيدها في ذات الوقت على دعمها الكامل لاستقلال وسيادة واستقرار هذا البلد.
لقد شكل هذا الجو الدولي المتضامن مع لبنان الداعم لاستقراره واستقلاله وسيادته على كل أراضيه فرصة ذهبية للمسؤولين للتحرك بسرعة من أجل إعادة تثبيت التسوية السياسية التي اخرجت لبنان من حلبة الصراع الذي يعيشه الإقليم، وحافزاً لرئيس الجمهورية ولكل الدوائر الرسمية في الدولة لالتقاط هذه الفرصة والتحرك في كل الاتجاهات الداخلية لترجمة خطة إنقاذية عملية تقوم على المبادئ الثلاثة التي أعلنها الرئيس الحريري وهي التمسك باتفاق الطائف الذي نص في أحد بنوده الأساسية على سيادة الدولة على كل أراضيها، وإلغاء الميليشيات المسلحة، والتمسك بالنأي بالنفس حيال الصراعات والنزاعات في الإقليم، والتمسك بأفضل العلاقات مع الدول العربية، وعدم تحويل لبنان إلى خنجر في خاصرتها يُعيد الأزمات والحروب إليها. وقد عبّر الرئيس عون في الثماني والأربعين ساعة التي أعقبت نزول الرئيس الحريري عند رغبته والتريث في تقديم استقالته عن ارتياحه الشديد لهذه الخطوة التي نزعت فتيل الانفجار الداخلي وأعادت وضع الأمور على أول الطريق الصحيح للوصول إلى انتفاء الأسباب التي حدت بالرئيس الحريري إلى تقديمها.
ويبدو حتى الآن، ان رئيس البلاد ماض بكل حزم للوصول إلى تسوية جديدة للوضع المتأزم في البلد أو إعادة تثبيت التسوية التي أدّت إلى وصوله إلى قصر بعبدا وإلى قيام حكومة وحدة وطنية تعمل من أجل تثبيت الأمن والاستقرار والنهوض في البلد وفق القاعدة الذهبية التي من أجلها قدم الرئيس الحريري استقالته وهي سياسة النأي بالنفس وتجسيد هذه السياسة فعلا وبالعمل وليس بالقول فقط كما كان سائداً خلال فترة السنة على تلك التسوية السياسية.
والمهم في الأمر ان يكون قرار التريث الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري محكوماً بسقف زمني معين لا ان يبقى مفتوحاً ما شاء الله، حتى لا تفوَّت هذه الفرصة الذهبية التي احدثتها صدمة الاستقالة ويدخل البلد كلّه في النفق المظلم مجدداً.