بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2024 05:30م حراك سفراء "الخماسية" لن يؤتي ثماره إذا لم يستجب "حزب الله"

الوساطات قاصرة عن ردع نوايا إسرائيل العدوانية .. وخطورة المواجهات بلغت مستويات مقلقة

حجم الخط








عمر البردان : 


ليس ثمة ما يؤشر إلى أن إسرائيل على استعداد للاستجابة إلى الوساطات الدولية التي تحذرها من مغبة الاعتداء على لبنان، ظناً منها أنه بإمكانها إبعاد "حزب الله" عن حدودها . ولذلك فإن تزايد وتيرة التهديدات الإسرائيلية للبنان، ينذر بوجود نوايا عدوانية، ربما تقرب الجبهة الجنوبية من المواجهة الواسعة التي يتفادها الجميع . وعلى خطورة الوضع الذي بلغ مستويات مقلقة للغاية، فإن الرسائل الدبلوماسية التي يحملها الموفدون الدوليون معهم إلى بيروت، تحذر من التداعيات الكارثية لانزلاق لبنان إلى الحرب. وفي الإطار، كشف النقاب عن زيارة مرجحة في الساعات المقبلة لوزير الخارجية البريطانية ديفيد كاميرون إلى بيروت، حيث سيلتقي كبار المسؤولين، سيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي سبق والتقاه، الشهر الماضي في دارته في لندن. وسيتركز البحث حول سبل النأي بلبنان عن الحرب الإسرائيلية على غزة، في ظل مخاوف دولية من إمكانية قيام إسرائيل بشن حرب واسعة على لبنان، إذا استمرت المواجهات على الجبهة الجنوبية .



ولا يخفي عدد من هؤلاء الموفدين أن الوضع في جنوب لبنان أمام مرحلة شديدة الخطورة، بالنظر إلى لغة التصعيد الإسرائيلية التي ترتفع يوماً بعد آخر، وسط خشية حقيقية، من أن يكون العدو بصدد التحضير لعدوان يستهدف لبنان، لاعتقاده أن الظروف الدولية لمصلحتها، وأن الوقت سانح برأي قادة جيش الاحتلال لمهاجمة "حزب الله" وإرغامه على التراجع إلى شمال نهر الليطاني، بصرف النظر عن الدعوات الدولية التي تطالب تل أبيب، بعدم توسيع الحرب تجاه لبنان. وفي مؤشر تصعيدي ، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن جيشه سيتحرّك قريباً في الشمال عند الحدود مع لبنان، مضيفاً، "إذا اندلعت الحرب مع لبنان فإن الوضع في حيفا لن يكون جيدًا أما في بيروت فسيكون مدمراً". لكن في المقابل، فإن أي عدوان إسرائيلي على لبنان، لن يكون مجرد نزهة، بل أن المقاومة باتت في أعلى جهوزيتها، استناداً إلى ما يقوله قادتها، والذين هم في الميدان . وهذا ما سيدفع إسرائيل إلى إعادة النظر بأي قرار يحمل في طياته نوايا عدوانية تجاه لبنان، لأنها ستفاجأ بحجم الرد الذي ستلقاه، إذا ما أخطأت في الحسابات.

وفي حين، يحاول أصدقاء لبنان الدفع باتجاه طي صفحة الشغور الرئاسي، باستعادة سفراء اللجنة الخماسية، لتحركاتهم باتجاه القيادات السياسية، حيث أكدوا إثر لقائهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، على وحدة موقفهم، فلا شيء في المقابل، يؤشر إلى أن "حزب الله" مستعد لتسهيل مهمة السفراء، بعدما نقل عن مصادره، أنه لا يرى الظروف ملائمة، لإعادة تحريك الملف الرئاسي، قبل توقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبالتالي فإن الحراك الدبلوماسي لسفراء "الخماسية"، قد لا يؤتي ثماره، إذا لم يستجب "الحزب" للدعوات التي تطالبه بتليين موقفه . والسؤال، هل بمقدور الرئيس بري أن يقدم تنازلات تؤدي إلى تسهيل انتخاب الرئيس الجديد؟ . وقد لفتت زيارة النائبين وائل أبو فاعور وملحم الرياشي إلى السعودية، بتكليفٍ من النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانيّة" سمير جعجع، للقاء عدد من المسؤولين المتابعين للملف اللبناني. سيما وأن هذه الزيارة، تأتي بالتزامن مع الحركة التي يقوم بها سفراء اللجنة الخماسيّة، لإعادة تحريك الملف الرئاسي.


و إذ تشدد مصادر نيابية، على أن "قرار انتخاب رئيس الجمهورية بيد "حزب الله دون غيره"، فإنها تعتبر، أنه "لن يستقيم عمل المؤسسات، وتستعيد الدولة بكافة أجهزتها حضورها، إذا لم ينتخب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، لأن البلد ما عاد قادراً على تحمل تبعات الشغور الذي طال كل شيء، سعياً لإصلاح مكامن الخلل"، مؤكدة أنه "إذا لم يصحح المسار الانحداري البالغ الخطورة وعلى كل المستويات، فإن لبنان سيواصل انزلاقه نحو الهاوية، ولا شيء سيوقفه، طالما أن النواب مستقيلون من واجباتهم الدستورية التي تحتم عليهم انتخاب الرئيس العتيد، وعاجزون عن القيام بهذا الواجب، دون القيام بأي أمر آخر، لا تشريع ولا سواه ، وسط غياب ما يحمل اللبنانيين على التفاؤل بقرب إنجاز الاستحقاق الرئاسي، بالرغم من الحراك العربي والدولي القائم، من أجل إزالة العقبات التي تحول حتى الآن دون إجراء الانتخابات الرئاسية، تفادياً للشغور القاتل" .



وإذ تشدد المصادر كذلك، على أن "الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية"، فإنها تؤكد أن "هذا الأمر مرتبط بالنواب دون غيرهم، مع الأخذ بعين الاعتبار لجهود الأشقاء والأصدقاء، لأن أحداً لن يحل محل النواب في عملية انتخاب رئيس الجمهورية . وطالما أن ممثلي الشعب لا يبادرون للقيام بواجباتهم في الانتخاب، فإن الخارج لن يقوم بهذه المهمة . وسيبقى لبنان عرضة للاهتزازات والتراجعات على مختلف الأصعدة". وتضيف، "هناك مبدأ أساسي يحكم الدولة . بمعنى أن الدولة ليست متفلتة، بل لها أساس ومبادئ تديرها. وأول مبدأ هو استمرارية السلطة، باعتباره مبدأ دستورياً جوهرياً وأساسياً، من الواجب الانصياع له . وهذا المبدأ يترجم بعدم شغور أي مؤسسة أو أي موقع أو أي منصب داخل الدولة. وأن تجنب الفراغ هو أساس، لأن الفراغ مخالف لمبدأ استمرارية السلطة" .



"وإذا لم يتم تدارك الأمور، وإيجاد مناخات تساعد على استعجال انتخاب رئيس للبلد في أسرع وقت، فإن الانقلاب القائم"، كما تشير المصادر، "سيزحف على كل المؤسسات التي فقدت دورها وفاعليتها، من أجل قيامة الدولة واستعادة عافيتها، بعدما انساق الجميع في الفكر التعطيلي والتدميري للسلطة القائمة"، محذرة من أن "تدمير الدولة لحساب الدويلة، وارتهان قيادات للخارج، ساهما في تدمير سيادة القانون والعيش معاً . وبالتالي لا بد من استفاقة ضمير عند الذين لا يقيمون وزناً لمصلحة البلد والناس . وهذا ما يفرض على جميع الأطراف وضع مصلحة الدولة أولوية، وأن يستعيد النواب دورهم، ويقوموا بالدور الملقى على عاتقهم، في انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة قادرة على القيام بدورها، وأن يستعيد مجلس النواب دوره التشريعي، لا أن يبقى مشلولاً وغير منتج" .