بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 كانون الثاني 2020 07:52ص حرب الأكثريات على المقاعد والحقائب الوزارية... ومحاولات لتدوير الزوايا

تعويل على تدخل «حزب الله» لمعالجة خلاف المطالب والتوزيع في التشكيلة الحكومية

حجم الخط

عين دياب على إرضاء الشارع أكثر من إرضاء السياسيين ولكن للشارع حساباته وتياراته وأحزابه المعارضة


كلما انحلت عقدة امام تشكيل الحكومة برزت اخرى او عقدتين، نتيجة استمرار القوى السياسية في اللعب «والنطنطة» على حبال التوزيعات السياسية والطائفية والمناطقية، وكأن البلد بألف خير اقتصادياً ومالياً، أو أن الشارع مستكين كما تعوّدَهُ السياسيون، أو أن الوضع الاجتماعي والمعيشي والحياتي للناس في افضل حالاته، أو إن البطالة الى تراجع بينما هي في ازدياد، وقد لامست نسبتها الخمسين في المائة. 

بعدما اقترب تشكيل الحكومة من إطلاق الدخان الابيض، عادت الامور الى مربعات قديمة – جديدة لجهة مطالب الاطراف السياسية بالحقائب الوازنة والتمثيل الطائفي والسياسي - غير المباشر - مع أن فريق الحكومة يكاد يكون واحداً سياسياً لولا بعض الخلافات القائمة بين بعض المكونات المسيحية، حيث ظهر الاختلاف جلياً بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» على التمثيل المسيحي، وربما بدعم مخفي من هذا الحليف او ذاك لهذا الطرف او ذاك.

فتيار «المردة» طالب بحقيبتين واحدة له باتت محسومة وهي الاشغال واخرى لحليف له يُرجح ان يكون عضو التكتل الوطني المستقل النائب فريد الخازن، والذي يضم معه النواب: طوني فرنجية، اسطفان الدويهي، فايز غصن، ومصطفى الحسيني. والمجلس الاعلى لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك يطالب بحقيبتين بدل الواحدة التي هي من نصيب الطائفة اسوة بالطائفة الدرزية في حكومة من 18 وزيراً، ومطلبه يستدعي توسيع الحكومة الى 24 وزيرا لينال الكاثوليك والدروز حقيبتين، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف حسان دياب ويُصر على حكومة من 18وزيرا. ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان يُصر على ان تُعطى للطائفة الدرزية حقيبة الصناعة بدل حقيبتي المهجرين وحقيبة اخرى. علماً ان الصناعة هي من نصيب وزير شيعي من اقتراح «حزب الله». عدا عن ان الحزب السوري القومي الاجتماعي اقترح ايضا اسماء وزراء مسيحيين اختصاصيين واكفاء ونظيفي الكف ومن خارج الحزب، اضافة الى تزكيته تسمية نقيبة المحامين السابقة امل حداد كوزيرة وهي ليست حزبية ومن اقتراح الرئيس دياب لكنها رُفضت على ما يبدو وطرح التيار الحر اسماً اخر. 

هنا بدأ تعويل البعض على دور لـ«حزب الله» في تدوير الزوايا مع الحلفاء ومع الرئيس المكلف دياب. سواء لجهة معالجة مطلب النائب ارسلان، أو مطلب «المردة»، هذا إذا كانت العقد تتمحور حول هذه المطالب فقط ولم يكن هناك شيء مخفي بعد.

وظهر من المخفي ان تيار «المردة» يرفض ان تكون حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من الوزراء المسيحيين سبعة (مع الوزير الارمني الحليف) وزراء من اصل تسعة، يُضاف اليهم الوزير الدرزي الحليف فيصبح العدد ثمانية، وهذا يعني حصول هذا الفريق لوحده على اكثر من الثلث المعطل واقل من النصف بقليل. وهذا الامر يرفضه على الارجح الرئيس المكلف ويرفضه خصوم التيار الحر.

بينما يظهر ان تحالف «أمل» و«حزب الله» و«المردة» يُشكل ايضا ثقلاً نوعياً داخل مجلس الوزراء من الصعب تخطيه، لا سيما اذا صادف ووافق الرئيس دياب على الوزير المقترح من الحزب القومي، فيصبح لهذا الفريق ايضاً ستة وزراء ما يعني الثلث الضامن. وهو امر مرفوض من الرئيس دياب ومن التيار الحر ايضاً.  

وهذا ما لن يقبل به خصوم التيار او القوى الاخرى لأنه يعني منح التيار والعهد اكثر من الثلث المعطل بل ما يقارب النصف. بينما حصول دياب والقومي والمردة على اربعة وزراء – اذا حصل ذلك - يقلّص حصة التيار الحر من الوزراء الى النصف، وهذا ما لا يقبل به التيار ايضاً.  

اذا صحت هذه السيناريوهات تكون المعركة معركة الحصول على اكثريات داخل الحكومة، وهو أمر يتحاشاه الرئيس دياب، لكن يبقى تحقيقها رهن بمواقف الرئيسين ميشال عون ودياب، وبما يُمكن ان يقوم به «حزب الله» مع حلفائه لتدوير الزوايا ومعالجة الخلاف على الحقائب، لا سيما حيال مطلب ارسلان بحقيبة الصناعة، ومطلب فرنجية بحقيبتين، وربما مع التيار الحر لإقناعه بالتنازل.

على هذا قد تأخذ الاتصالات مداها خلال هذين اليومين لمعرفة ما يمكن ان يقوم به «حزب الله» مع الحلفاء، وليظهر هل ان التيار الحر لا يرغب في تسمية احد فعلاً؟ ويترك امر تسمية المسيحيين على عاتق الرئيس عون ليتفاهم عليها مع الرئيس دياب؟ او ان مطلب «المردة» مناورة سياسية للضغط على الوزير جبران باسيل؟ علما ان المعلومات تؤكد وجود الحزب خلف تحريك الجمود الذي سيطر على تشكيل الحكومة الاسبوع الماضي واسهم في جمع دياب وباسيل للبحث في الحصة المسيحية والاتفاق عليها. وقد يستغرق تدوير الزوايا يومين او ثلاثة، ما يعني ان الحل لن يكون قبل منتصف الاسبوع المقبل.

وثمة من يرى ان توسيع الوزارة الى 24 وزيراً يحل كل العقد القائمة ويُرضي كل الاطراف. لكن من يُرضي الشارع الذي وسّع تحركه خلال الايام الماضية فعاد الحراك الشعبي الى قطع الطرقات؟ وهل يحتمل وضع البلد المزيد من التأخير؟ وهل يسمح المجتمع الدولي بمزيد من التلكؤ في المعالجات؟ وعلى ما يبدو ان عين الرئيس المكلف تقع على إرضاء الشارع اكثر من إرضاء السياسيين، لكن للشارع حساباته وتياراته واحزابه المعارِضة، وقد يكون عاملاً اساسياً في إفشال الحكومة قبل ان تولد!.