بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2019 06:02ص حرب الربيع جاثمة وإن مستبعدة وتكثيف أميركي للخناق على حزب الله

الدبلوماسية اللبنانية مستنفرة.. وتُنبّه لعواقب الخروق الإسرائيلية للقرار 1701

حجم الخط

هل تقرن تل أبيب حربها الجوية في سوريا بحرب على لبنان عشية الانتخابات الإسرائيلية كي تستخدم  في التنافس الداخلي؟


تتعاطى الديبلوماسية اللبنانية بكثير من الحذر مع ما يردها من معطيات عن تطورات دراماتيكية تنتظر لبنان في الربيع المقبل من البوابة الجنوبية. بعض تلك المعطيات أتت في سياق تقارير عن البعثات في عواصم القرار، وأخرى عن طريق اجتماعات ثنائية مع مسؤولين غربيين أو لقاءات دولية شارك فيها لبنان. 
الثابت حتى الآن أن ثمة تحذيرا ذا مصداقية نسبية من إمكان أن تشنّ إسرائيل في الربيع (راجع اللواء، 15 كانون الأول 2018) حربا (محدودة او مفتوحة) تستهدف حزب الله، تأتي في سياق القرار الأميركي بمحاصرة النظام الإيراني (سمّى مستشار الأمن القومي جون بولتون هذه الإستراتيجية «عصر إيران») من خلال ما تقول عنه واشنطن إنه طرد القوات الإيرانية من سوريا عبر الحرب الجوية الإسرائيلية المفتوحة على أماكن انتشارها، بالتوازي مع تقويض نفوذ طهران في العواصم العربية التي جاهرت بالسيطرة على قرارها، من خلال الإطباق على أذرعتها، وخصوصا أخطرها، حزب الله، الذي يتعرّض راهنا لتكثيف أميركي - دولي للخناق السياسي والاقتصادي – المالي عليه.
لكن هل يصحّ هذا التحذير، فتقرن تل أبيب حربها الجوية في سوريا والمستمرة الى حين، بحرب على لبنان عشية الانتخابات الإسرائيلية، كي تُستخدم في التنافس الداخلي؟
التحليل الغالب حتى الآن، ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخوض حربا سياسية ضروسا ضد رئيس أركان الجيش السابق الجنرال بيني غانتس، رئيس حزب «مناعة لإسرائيل» ومنافسه الرئيسي (والأرجح الوحيد) في الانتخابات العامة التي ستجري في نيسان المقبل. ولضمان موقف الجيش الإسرائيلي، يحرص نتانياهو على تكليفه بمهمات ذات ارتدادات صاخبة كالغارات الجوية على سوريا ومواقع انتشار الحرس الثوري فيها، بما يؤمن له أمرين: 
أ- خارجي، يتمثّل في استهداف النفوذ الإيراني بما يتماشى والاستراتيجية الأميركية، ويؤمن لتل أبيب استمرار الستاتيكو نفسه الذي يحكم علاقتها بسوريا منذ حرب تشرين، بما يعني إبقاء الجبهة مع الجولان باردة ومنع إيران من تسريب أذرعتها للتوتير أو حتى لإشعال حرب، وهذا ما يحصل على ما يظهر بموافقة روسية.
ب - وداخلي، يرتبط حصرا بالمعركة الانتخابية. فالجنرال غانتس ذو خلفية عسكرية حاضرة ويلقى قبولا واسعا في أوساط الناخبين الإسرائيليين. وتاليا، لا مفر من مواجهته عبر اعتماد السلاح نفسه، أي ضمان ولاء كلي من جانب الجيش. وليس غريبا أن يتزامن تعيين الجنرال افيف كوخافي (الخبير في شؤون الجبهة مع لبنان) رئيسا للأركان في 15 كانون الثاني مع القرار الحاسم بتكثيف الحرب الجوية (بالطيران وبالسلاح الصاروخي) على سوريا، عبر الممر اللبناني. 
ويوصي هذا التحليل بالتنبّه بلا تطيّر الى ما قد تحمله الرياح الجنوبية، مع عدم المغالاة في التنبؤ بحرب واسعة أو حتى محدودة. إذ إن غاية نتنياهو من هذا الاستعراض الجوي (وأي استعراض مماثل قد يبادر اليه الجيش الإسرائيلي) في لبنان، إنتخابي لا حربيّ، بالنظر الى جملة عوامل، في مقدمها عدم استعداد تل أبيب لحرب مع حزب الله واستطرادا مع لبنان، والوجود العسكري الروسي في سوريا الذي لا يزال الضامن الكبير للوضع الهش، بالتوازي مع إدراك عواصم القرار وخصوصا الأوروبية منها، أن أي حرب واسعة أو شاملة في لبنان تعني حكما تهجير مئات الآلاف من النازحين السوريين صوب الشواطئ المتوسطية ومنها الى رحاب القارة العجوز، الأمر الذي تجهد هذه العواصم لتفاديه منذ إستعار أزمة النزوح السوري في العام 2012. 
تدرك الديبلوماسية اللبنانية حراجة الموقف ومخاطر الضغوط الدولية التي تُنسج ضد لبنان، في موازاة ما يُحضّر له في مؤتمر بولندا من تكثيف للحصار على إيران وأذرعتها، هذا المؤتمر الذي يعقد في وارسو في 13 و14 شباط بمشاركة أميركية ودولية، بعنوان إستهداف الدور الإيراني المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، عبر نسج حزام عالمي موحد ضد طهران، في خطوة شُبّهت بـ«حلف وارسو» (1955).
وهذا الإدراك لحراجة الظرف الإقليمي والدولي واحتمال انعكاسه تصعيدا (عسكريا؟) ضد لبنان، دفع الديبلوماسية اللبنانية الى تكثيف مشاوراتها مع الدول الصديقة، للتنبيه من مغبة أي حرب، وللإشارة الى أن إستمرار انتهاك إسرائيل السيادة اللبنانية (بمعدّل 150 خرقا للقرار 1701) هو المسبب الرئيس لأي توتر راهن عند الحدود الجنوبية، ولأي تصعيد محتمل.