بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2021 12:01ص حرب عالمية ثالثة.. كرة نار في الهشيم.. أيها «الصغار» بماذا تتلهون؟؟

حجم الخط
جائحة، كورونا، وباء، لقاح، منصة، PCR، مختبر، أوكسجين، مستشفيات حكومية وخاصة، دواء، صيدليات، طوارئ، سرير في مستشفى، فحص سلبي أو إيجابي، جسم طبي وتمريضي، مساعدات، حجر منزلي، منع تجول، إقفال عام و...

بايدن، ترامب، ماكرون، عون، الحريري، حكومة، تأليف، بيانات، ردود مضادة بين بعبدا وبيت الوسط، مبادرات، ضائقة، أموال منهوبة، فساد، أموال مودعين في المصارف، تدقيق جنائي، إشاعات، قضاء لبناني وسويسري، جريمة المرفأ.. والحبل على الجرار!!

كانتشار كرة النار في الهشيم التي يصعب إطفاء لهيبها المستعر، كصراع الديوك على ما تبقى من فتات وكمن يعيش في غيبوبة، يغمض عينيه عن هذا العالم، في غياب شبه مطلق بعيداً عن كل المشاعر والاحاسيس، وكمن يتسلى بما يشبه لعب الأطفال في بلد يكاد يحترق ويسقط نحو الهاوية بسرعة تفوق سرعة الصوت، تضج مسامع اللبنانيين بكل تلك الكلمات والعبارات في كل لحظة ودقيقة، دون أن يُدرك الممسكون بمقدرات هذا البلد من حكام ومسؤولين وسياسيين فاسدين مدى الاخطار التي تحدق بلبنان من كل حدب وصوب، ومدى معاناة النّاس على مختلف الصعد، لا سيما الانتشار المخيف لخطر وباء كورونا في البلد، لا بل انهم ربما لا يُدركون أننا بتنا نعيش في حرب كأنها «الحرب العالمية الثالثة» في هذا العالم نتيجة تفشي جائحة كورونا دون أن يستطيع حتى الآن كبار الباحثين والعلماء والاطباء والمختبرات ايجاد السبيل الناجع للتخلص منها أو على الأقل لجمها رغم ما يتردد ويقال عن اكتشاف لقاح من هنا أو من هناك، علّ وعسى ان تضع تلك اللقاحات حداً جذرياً لتفشي هذا الوباء والقضاء عليه بأسرع ما يُمكن تحسباً ومنعاً لحصول الأسوأ - لا سمح الله-.

أما ما هو الفرق بين الحربين العالميتين الأولى والثانية وما يجري حالياً من «حرب عالمية ثالثة» فهو غياب أصوات المدافع والقذائف والصواريخ وهدير الطائرات الحربية وأزيز الرصاص، ناهيك بالمجاعة التي انتشرت آنذاك مع ما رافق ذلك من غزو لموجات الجراد التي أكلت في حينه الأخضر واليابس ولم تبقِ ولم تذر. وقد عاش تلك الفترة آباؤنا وأجدادنا عن قرب وواجهوا ويلاتها بصبر وتعاضد وإيمان.

أما اليوم «فالحرب العالمية الثالثة» التي نواجهها كأنها حرب صامتة تغزو كل الدول والأمم والشعوب تجرف في طريقها بخبث ولؤم كل ما استطاعت إليه سبيلا، دون رحمة أو تمييز، مع ما يرافق ذلك من أزمات اقتصادية ومعيشية ومالية تزيد في الطين بلة، وتفاقم الأمور واخطارها على المجتمع ككل والناس بكل فئاتهم وأطيافهم على حدّ سواء، مع الأخذ بعين الاعتبار أننا في لبنان نشهد غزواً لجراد من نوع آخر «واللبيب من الإشارة يفهم».

وإذا كانت كرة النار تلك وما يشبه «الحرب العالمية الثالثة» الصامتة كما ذكرنا، لن تحرك ساكناً لدى المسؤولين والحكام والسياسيين في هذا البلد الذين لم يرف لهم جفن حتى الآن تجاه كل ما يحصل من مآسٍ وكوارث وويلات، وما زالوا بغياب كلي عن تحمل أي مسؤولية، فإنه بات على كل اللبنانيين أن يعلموا جيداً انهم باتوا في خطر حقيقي يُهدّد حياتهم ومصير أبنائهم ومستقبلهم كما الوطن بشكل عام، وما عليهم الا الالتزام بحجر أنفسهم في بيوتهم، منعا للمزيد من تفشي هذا الوباء الخطير، وبعيداً عن الالتقاء بتلك «الوجوه الكالحة» من المسؤولين والسياسيين والحكام.

وفيما لا تزال البلاد تدور في حلقة مفرغة تجاه تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان مع ما يواكب ذلك من بيانات وبيانات مضادة بين قصر بعبدا وبيت الوسط بين الحين والآخر، إضافة الى تمسك الرئيس الحريري بورقة تكليفه حتى النفس الأخير مع صمت شبه مطبق، مما يوحي لا بل يُؤكّد تعثر عملية التشكيل في الوقت الراهن على الأقل ريثما تنجلي صورة التطورات المتسارعة محلياً واقليمياً ودولياً بشكل أوضح، بالنسبة لهذا الموضوع بالتحديد وربما سيأخذ ذلك وقتاً قد يمتد إلى أسابيع أو حتى الى الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة.

كل ذلك والأزمات الاقتصادية والمعيشية والصحية والسياسية تتراكم وتتفاقم يوماً بعد يوم لتعود التساؤلات والهواجس لدى اللبنانيين جميعاً حول ما ينتظر هذا البلد في المدى المنظور مع سلسلة من المخاوف بشأن ما يتردد في الأروقة والمجالس العامة والخاصة حول كل ما له علاقة بالوضع اللبناني الراهن إن كان على الصعيد الاقتصادي والمالي والنقدي والاجتماعي أو على صعيد تفاقم انتشار وباء كورونا إضافة إلى الهم الأمني الذي يبقى يُشكّل عاملاً أساسياً في ضبط الأوضاع على الساحة اللبنانية من قبل المؤسسة العسكرية والجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية المولجة بحفظ الأمن في البلاد، تخوفاً من تفلت أمني أو توترات هنا وهناك بقصد خلق إرباكات أو بلبلة ما في البلد من قبل المتضررين من مسيرة السلم الأهلي لا سيما بعد أن تمّ الكشف مؤخراً عن خلايا إرهابية نائمة ومخططات خبيثة كانت تهدف إلى زعزعة الوضع الأمني في البلاد وقد تمّ إحباط الكثير منها حتى الآن والقبض على مجموعات إرهابية كانت تخطط لوقوع الأسوأ بحسب ما تردّد من معلومات، إما وردت بالتواتر أو من خلال بيانات رسمية صدرت عن الجهات الأمنية المعنية بهذا الأمر.

كل ذلك واللبنانيون ينشغلون حالياً بمتابعة أوضاعهم الحياتية والصحية لتأمين قوتهم اليومي والعمل بكل الإمكانات المتوفرة لمواجهة كورونا التي تقض مضاجعهم، حيث يعيشون ساعة بساعة ما يشبه حرب الأعصاب وحرب الإشاعات من جهة، ومتابعة الشلل الحاصل على صعيد تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان من جهة أخرى.

إذن، الوضع المتأزم في لبنان والذي لم يشهد له مثيل حتى خلال فترات الحروب والأحداث العجاف المؤلمة في تاريخ هذا البلد، بما في ذلك إبان الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وعدوان تموز في 2006، وايضاً على مدى المراحل المتعاقبة منذ حرب 1975 مروراً بما سمي بحرب الالغاء وغيرها وغيرها من الأحداث المؤسفة التي عصفت بهذا الوطن مراراً وتكراراً.

أما كيف السبيل لطمأنة اللبنانيين بحدوث إنفراج ولو نسبي يخرجهم من الضائقة الاقتصادية والمعيشية التي يعانون منها، ويفرج أساريرهم ولو مرحلياً للاطمئنان إلى مستقبل أبنائهم وحياتهم ككل، فمن الصعب جداً لأي كان أن يبشر بقرب الفرج في ظل هكذا منظومة سياسية فاسدة تتحكم بشؤون البلاد والعباد وفي ظل أخطار ما زالت تُهدّد لبنان على مختلف الصعد، مع وجوب الأخذ بعين الاعتبار المخططات الإقليمية والدولية التي تحاك وترسم من وراء الكواليس وفي الغرف المغلقة أو حتى في العلن لتغيير معالم منطقة الشرق الأوسط بشكل كلي وملفت، مما يوحي بأن لبنان قد يوضع ضمن أولويات واهتمامات تلك الدول الفاعلة والمؤثرة في العالم، وعلى ضوء ذلك سيتم رسم الخرائط الجديدة لتقاسم النفوذ في ما بين تلك الدول الكبرى مما يجعل كل من له اليد الطولى في الملف اللبناني يعمل جاهداً في سبيل تحقيق المصالح التي تعنيه واقتناص الفرص المؤاتية للضغط على اللبنانيين بكل الوسائل المتاحة للإبقاء على خلافاتهم وتشنجاتهم السياسية والفئوية والحزبية والطائفية والمذهبية على قاعدة «فرّق تسد» لتنفيذ مثل تلك المخططات الجهنمية التي لن تأخذ بالطبع مصلحة اللبنانيين، وإنما مصالح الدول المؤثرة دون غيرها على الإطلاق.

من هنا، مع ما يشبه «فرملة» تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان والبقاء كل على شروطه ومطالبه وطروحاته التعجيزية، وفي ظل الفساد المستشري في البلد الذي تتكشف معالمه يوماً بعد يوم من خلال ملفات ترتبط بمؤسسات كبرى وهامة في لبنان، كانت حتى الأمس القريب، تشكّل ما يشبه صمّام الأمان وضمانة لكل اللبنانيين، فإذا بالمشهد ينقلب ويبدأ كشف المستور و«الله ينجينا من الأعظم».

لذلك بات من الملح جداً عدم السماح لأحد من المسؤولين أو السياسيين التدخل لتغطية هذا أو ذاك ممن تثبت عليه التهم بالسرقات والاختلاسات وتبييض الأموال والفساد وهدر المال العام، أما كيف السبيل لذلك؟ فهو التأكيد للدول الصديقة والشقيقة وللمؤسسات الدولية بانطلاق عملية الإصلاح من أجل إقناعها بتقديم الدعم لهذا البلد المنكوب والمنهوب، فيما بات أيضاً على «الصغار الصغار» من المسؤولين والحكام والسياسيين الفاسدين الإجابة عن سؤال وحيد ومهم: بماذا تتلهون؟؟؟!