بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الأول 2017 12:37ص حكومة استعادة الثقة

حجم الخط
من حق، لا بل من واجب الرئيس سعد الحريري ان يدافع عن حكومته، ويعدد انجازاتها في وجه الانتقادات النيابية اللاذعة التي تعرّضت لها خلال مناقشات النواب للموازنة العامة، ومن حقه ايضا ان يُؤكّد على استمرار التسوية التي ابرمها مع رئيس الجمهورية قبل انتخابه، وعن دورها الإيجابي في تعزيز الاستقرار الأمني والاستقرار السياسي في البلاد.
ومن باب أولى أيضاً ان يثني رئيس الجمهورية على مواقف رئيس الحكومة، وأن يعد اللبنانيين بالمنّ والسلوى من خلال إقرار خطة اقتصادية للسنوات الخمس المقبلة المتبقية من عهده تحت عنوان هوية لبنان الاقتصادية والإجراءات الكفيلة بتحقيقها. ومن حقه ايضا ان يُؤكّد للبنانيين استمرار العمل لتثبيت الثقة بين مؤسسات الدولة والوطن بهدف خلق مجتمع متضامن، أساسه الثقة المتبادلة وكأنه بذلك وضع الاصبع على الجرح وادرك مكامن الأزمة الحقيقية التي يعيشها الشعب اللبناني، وهي انعدام الثقة بين السلطة مجتمعة وبين هذا الشعب من جهة، وانعدامها بين أهل السلطة انفسهم رغم الإصرار على ان التسوية ما زالت سارية المفعول ولن تتأثر عجلات التشكيك التي تطلقها بعض الأطراف السياسية التي تعتبر نفسها خارج هذه التسوية، وقد دلت الحملات التي تعرّضت لها الحكومة، والشكوى من عجزها عن مواجهة أية تحديات داخلية أو إقليمية في ظل فائض السلاح عند حزب الله على ان الثقة ما زالت معدومة بين الحكومة وممثلي الشعب، وأن الهوة بينهما تزداد إتساعاً كلما أقدمت الحكومة على خطوة تعتبرها في الاتجاه الصحيح وإذا بها مخالفة لما يريده الشعب اللبناني، وتبنى على المحاصصة بين أركان السلطة، بدءاً من التشكيلات الدبلوماسية والتشكيلات القضائية، وقبلها التعيينات الأمنية وآخرها تعيين أعضاء المجلس الاقتصادي.
ومن يسمع الرئيس الحريري يتحدث عن هذه التعيينات والتشكيلات، ويعتبرها من إنجازات حكومته التي لم يمضِ عليها بعد سنة في الحكم، يتذكر كل ما قاله النواب من معارضين وموالين عن الصفقات التي أحاطت بها، والتي أدّت إلى انعدام الثقة بين الاثنين والتي يُركّز عليها رئيس الجمهورية خلال استقباله رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى. حتى الموازنة العامة التي اقرها مجلس النواب بعدما تمنعت الحكومات المتعاقبة منذ 12 سنة عن وضعها متذرعة بأسباب واهية في معظمها، والتي تستحق عليها التهنئة من باب إعادة تفعيل عمل المؤسسات وإعادة وضع الدولة على سكة الدول الملتزمة بالقوانين والدساتير، حتى هذه الموازنة، جاءت مليئة بالاخطاء بقدر ما جاءت متأخرة عن موعد اقرارها كما نص عليه الدستور والقوانين المرعية، الأمر الذي افقدها أية قيمة عملية ما دام ان السنة المالية دخلت في شهرها العاشر، وكان يفترض بحكومة استعادة الثقة ان تتقدّم بمشروع موازنة العام 2018.
على أي حال، ما حصل قد حصل، لكن المبكي ان الثقة التي يفتش عنها رئيس الجمهورية مازالت مفقودة، وأن دفاع رئيس الحكومة عن إنجازات حكومته لم يُبدّد القلق الذي يعشش في نفوس الشعب اللبناني جرّاء السياسة الضريبية المعتمدة، والتي تقتصر في مجملها على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.