بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 أيار 2018 12:45ص حكومة تكنوقراط

حجم الخط
في العشرين من الشهر الجاري تبدأ ولاية مجلس النواب المنتخب، وتصبح الحكومة الحالية مستقيلة حكماً وفقاً للدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ويتوجب على رئيس الجمهورية اجراء استشارات نيابية ملزمة لتكليف الشخصية التي تسميها الأكثرية لتشكيل الحكومة ليبدأ بعدها الرئيس المكلف رحلة التأليف.
وإذا كانت كل الدلائل والمؤشرات التي توافرت منذ إعلان النتائج الرسمية للانتخابات قد أعطت الأرجحية للرئيس سعد الحريري لتولي تشكيل الحكومة، فإن كل المؤشرات التي ظهرت حتى الآن والتي ستظهر لاحقاً لا تقول بأن مهمته في التأليف ستكون سهلة، ومفروشة بالورود والرياحين خاصة اذا كان مصمماً وفقاً لما صرّح به في عدّة مناسبات على تشكيل حكومة وفاق وطني أي حكومة تضم كل المكونات السياسية التي شاركت في الانتخابات النيابية الأخيرة بناء على مقولته الشهيرة التي طالما ردّدها بأن لبنان لا يحكم الا بالتوافق ومن يقرأ في مواقف القوى السياسية في هذا الخصوص يكتشف من دون أي عناء مدى التسابق بينها على اقتناص هذه الفرصة والحصول على الحصة الوازنة في الحكومة العتيدة.
وإذا ما اعتبرنا ان مثل هذا الأمر طبيعي في لبنان ومشروع يُمكن تذليله أو تجاوزه بتنازل من هنا أو من هناك والوصول في نهاية المطاف إلى تسوية ترضي الجميع، كما بات معروفاً في كل مرّة يخضع فيها هؤلاء إلى تجربة التأليف الحكومي، فإن الأمر هذه المرة، يبدو أكثر تعقيداً، وقد لا يفيد معه الإصرار على حكومة الوفاق الوطني الا إذا كان الهدف من وراء كل ذلك هو الإطالة في عمر الفراغ الحكومي وتكرار تجربة فراغ السنتين ونصف السنة في رئاسة الجمهورية، وهذا لن يكون في أي حال من الأحوال في مصلحة العهد الذي يتطلع الىان تكون الحكومة المنوي تأليفها حكومته الأولى التي يعلق عليها كل الآمال في تحقيق ما يتمناه وما يصبو إليه من إنجازات تخرج لبنان من أزمته وتعيده الى خريطة العالم.
ان الصعوبة في تشكيل حكومة وفاق وطني ليست داخلية فحسب، بل ربما تكون خارجية ودولية بعد الإجراءات الأميركية والعربية التي اتخذت ضد حزب الله وقيادتيه السياسية والعسكرية والتي من شأنها ان تجعل من اشتراكه في الحكومة مشكلة كبيرة لا يستطيع رئيس الحكومة ولا حتى رئيس الجمهورية أن يتحملاها.
وأمام هذا الواقع الصعب يصبح البحث عن خيار آخر أقل ضرراً من خيار حكومة الوفاق الوطني ضرورة وطنية أكثر مما هي ضرورة مصلحية أو شخصية، وهذا الخيار لا يكون الا باللجوء إلى حكومة تكنوقراط، مدعومة من كل القوى والمكونات السياسية الفاعلة، وهو الحل الوحيد الباقي أمام العهد إذا كان يريد لنفسه النجاح، وتجنب الوقوف في المجهول.