بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 حزيران 2018 12:20ص حكومة متوازنة أم أزمة حكم؟

حجم الخط
عندما كُلّف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة استناداً إلى الاستشارات النيابية الملزمة، قلنا يومها انه إذا كانت عملية التكليف مرّت بهذه السهولة إيفاء لالتزامات مسبقة فرضتها ظروف استقالة الحريري، فإن طريق التأليف ليست مزروعة بالورود والرياحين، وبالتالي لن تكون سهلة وسريعة كما يريدها أو يتوقعها الرئيس المكلف، مستندين في ذلك إلى النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية وإلى الذهنية التي تتحكم بتصرّفات فريق رئيس الجمهورية وفريق حزب الله ومعه قوى الثامن من آذار.
وعندما أجرى الرئيس المكلف مشاوراته مع الكتل النيابية وما سرّب عن مواقف هذين الفريقين المتحالفين ازددنا اقتناعاً بصعوبة التأليف، وقلنا يومها ان أزمة التأليف ستكون طويلة ولن تمر بالسهولة التي يتوقعها البعض مخالفين بذلك الأصوات التي ارتفعت من بعبدا ومن بيت الوسط التي تدعو إلى الإسراع في التشكيل لأسباب تتعلق بالتزامات لبنان تجاه المجتمع الدولي الذي وعد بمساعدته لتجاوز أزماته الاقتصادية عبر مؤتمرات الدعم التي عقدت في عدد من الدول الأوروبية، ومنها تحديداً مؤتمر سيدر الذي عقد في فرنسا وحصل منه لبنان على وعود بمساعدات مالية تجاوزت العشرة مليارات دولار أميركي في حال التزم بتحقيق الإصلاحات المطلوبة في بنية الدولة.
وها قد مرّ شهر تقريباً على التكليف ولم يحصل أي تقدّم، ولو خطوة واحدة على صعيد التأليف بقدر ما ازدادت الأمور تعقيدا، إلى درجة تعطي انطباعاً عاماً بأن البلد يواجه أزمة عميقة الجذور من غير المستبعد أن تتحوّل إلى أزمة حكم أخطر من أزمة الانتخابات الرئاسية التي مر بها واستولدت هذا الكم من الأزمات الداخلية، وضعته على شفير الهاوية، والسبب الرئيسي يعود إلى الذهنية التي تتحكم بفريق الحكم، وفريق حزب الله ومعه الثامن من آذار، والقائمة على وضع اليد على الحكم من خلال الحكومة التي ستشكل استناداً إلى نتائج الانتخابات النيابية التي أعطت هذين الفريقين أكثرية 74 نائباً في المجلس النيابي المنتخب، وهذا ما عبّرت عنه حليفتهما إيران بلسان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، ومن يعتقد عكس ذلك يكون واهماً ولا يُدرك حقيقة المخطط المرسوم لهذا البلد.
وأمام هذا الواقع الذي لن يتغيّر قبل تحقيق الأهداف والمخططات، ما الذي يُمكن ان يفعله الرئيس المكلف؟ هل يستسلم، ويسلم الحكم لهذا الفريق، وهل هو قادر على فعل ذلك في الصراع الذي تعيشه المنطقة، أم يرفض الاستسلام ويستمر في محاولة تأليف حكومة متوازنة مهما طال زمن التأليف ووصل إلى أزمة حكم أشد وطأة من أزمة الاستحقاق الرئاسي التي تجاوز عمرها السنتين والنصف، ولم تنته لو لم يُقدم هو على تقديم التنازلات على حساب فريقه وخطه السياسي.
من الصعب الجزم، بأي خيار سيلجأ إليه الرئيس المكلف، وإن كانت مواقفه حتى الآن تدل على انه لن يستسلم للضغوط وسيواصل مساعيه لقيام حكومة تكون متوازنة.