الأجواء التي سادت بعد الاجتماع الذي عُقد في الأسبوع المنصرم بين الرئيس المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل تشي بأن الدرب الحكومي بات معبداً، ما لم يطرأ طارئ يُعيد عجلة قطار التأليف إلى الوراء، ذلك أن حصيلة هذا الاجتماع وما سبقه من اجتماع الرئيس المكلف مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي أو تلك التي يعقدها فريق الحريري مع مختلف القوى السياسية المعنية بالتشكل ولا سيما منها الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية تؤشر الى ان مرحلة توزيع الحصص باتت شبه منتهية بعدما أصبح الجميع مقتنعاً بضرورة الخروج من مربع العرقلة إلى اتاحة المجال امام تأليف حكومة باتت الحاجة إليها أكثر من ملحة.
ويعمل الرئيس المكلف وسط هذه الأجواء الإيجابية بعيداً عن ضوضاء الإعلام، وحرصاً منه على عدم حرق الطبخة الحكومية التي وضعها على نار حامية على إسقاط الحقائب على الحصص التي استقر الاتفاق عليها وهذه مهمة لا تقل صعوبة عن مهمة توزيع الحصص التي استغرقت حلحلتها أكثر من ثلاثة أشهر، لأنها تصطدم بجبال المطالب المرتفعة بالحقائب نفسها من اكثر من فريق على غرار ما هو حاصل بالنسبة إلى الحقائب السيادية من جهة بالنسبة إلى حقيبتي وزارة الاشغال والصحة العامة من جهة ثانية، فضلاً عن الحقائب الأخرى مثل حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية وحقيبة وزارة الدفاع التي ما زال الجدال حولها يدور ضمن دائرة مفرغة.
وإذا كانت بعض المؤشرات تدل على أن الرأي الذي آلت إليه المشاورات الأخيرة التي أجراها الرئيس المكلف استقرت أو رست على صيغة الثلاث عشرات توزع على النحو الآتي: فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر عشر حقائب، وفريق الرئيس الحريري والقوات اللبنانية عشر حقائب، وفريق الثنائي الشيعي والاشتراكي وتيار المردة العشرة الأخيرة، فإن هذا التقسيم لا يزال دونه صعوبات كبيرة رغم حصول الحريري على مواقفة مبدئية من رئيس التيار الوطني الحر، ذلك لأن الثنائي الشيعي لا يزال متمسكاً بحصة في الحكومة لأحد النواب السنّة الذين هم من خارج تيّار «المستقبل» في الوقت الذي لا يزال التيار الوطني الحر متمسكاً بتوزير النائب طلال أرسلان في الوقت الذي لا يزال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي يرفض هذا التوزير ويصر على حقه بالحصة الدرزية في الحكومة الثلاثينية وهي ثلاثة وزراء ويرفض التنازل عن هذا الحق مهما بلغت الضغوط التي تمارسها عليه أكثر من جهة سياسية.
وبناء على ذلك، يبدو أن ما يُحكى في كواليس الرئيس المكلف من وجود إمكانية لأن تبصر الحكومة العتيدة النور قبل انتهاء الأسبوع الحالي أو في مطلع الأسبوع المقبل، أمر بعيد التحقيق، إلا إذا قرّر التيار الوطني الحر التخلي عن توزير النائب أرسلان وتخلى حزب الله عن توزير أحد النواب السنّة، من خارج تيّار «المستقبل» ويبدو أن مثل هذا الأمر لا يزال مستبعداً.