بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الأول 2020 06:31ص خطوة فرنسية مُقبلة للحريري وجنبلاط يؤيده «قلبياً»

هل تُقرب زيارة إبراهيم للراعي المسافة مع «الثنائي»؟

حجم الخط
في مرحلة الوقت المُستقطع في المنطقة ولبنان، يبدو تشكيل الحكومة بعيد المنال على أمل أن يتم في الربع الأول من العام المقبل.

بات واضحا أن الجميع ينتظر مغادرة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب ووصول الرئيس المنتخب جو بايدن لإطلاق عجلة مرحلة جديدة قوامها فك الإشتباك في المنطقة وتخفيف التشنجات ومخاطر التوترات غير محسوبة المخاطر.

لكن الجميع أيضا يبدو جاهزاً للتسوية المقدر لها أن تجري وفق المبادرة الفرنسية مع تذليل عقبات حقيقية تتعلق بتوزيع القوى في سلطة يخشى كثيرون أن تسبق الفراغ المقبل.

مع فشل الجهود الحكومية وتعدد الاتهامات حوله، استؤنفت جهود المبادرة الفرنسية عبر المسعى الذي تقوده بكركي بشخص البطريرك الماروني بشارة الراعي عبر تفاعلها أيضا مع «تدخل» عمليّ بشخص المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

وتتمثل أضلُع المساعي الجديدة في الرغبة في حكومة خالية من ثلث ضامن لأي طرف وهو ما يردد محيط الرئيس المكلف سعد الحريري بأنه حاصل على تأييد الجميع باستثناء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. أي أن الحريري قد حصل على موافقة «حزب الله» على نزع الثلث الضامن من باسيل الذي لا يزال يتمسك به، في الوقت الذي تبدو فيه موافقة رئيس مجلس النواب نبيه بري على نزع الثلث من العهد، بمعنى آخر عون وباسيل، مفروغاً منها.

وبينما تبرز وجهة نظر أخرى متابعة للمساعي الجارية تنفي توفير الحزب الضوء الأخضر لانتزاع هذا الثلث الوزاري من العهد، تتقاطع التحليلات بأن زيارة إبراهيم لبكركي حاصلة على دفع من ثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» في إطار تحريك المياه الراكدة مع بكركي ضمن إطار المبادرة الفرنسية.

أما لناحية تسمية الوزراء المسيحيين، فالحريري قدم ورقتها الى عون وباسيل معتبرا ذلك تنازلا كبيرا لم يتخذ صفته الرسمية حتى اللحظة. لكن دون إبصار النجاح النور، هنا يمتثل إصرار الحريري على عدم «موالاتهم» للعهد تحت غطاء عدم حزبيتهم وتسيّسهم أو حتى تعاطفهم مع العهد.

يعلم الحريري تماما أن لا امكانية لأخصائيين بالمعنى الصافي للكلمة في الحكومة المقبلة على أقل تقدير. وطالما ان الأفرقاء في الحكم تجاوزوا حدث 17 تشرين بمعناه الاستقلالي على صعيد التمثيل في السلطة، فإن أخصام الحريري ومنهم أنصار باسيل يضعون رؤية الحريري في اطار شراء الوقت قبل البدء فعليا في المساعي الجدية في 20 من الشهر الحالي تاريخ وصول الرئيس الاميركي الجديد، بسبب خشية الرئيس المكلف من أية عقوبات قد تصدمه من قبل إدارة أميركية حالية غير محسوبة الخطوات.

تأمل البلاد أن تحقق الخطوات والمساعي الحالية خروقات في الليل الحكومي الطويل من دون أوهام حول حل حقيقي في الأسابيع القليلة المقبلة.

الثلث سلاح باسيل ضد استبعاده رئاسياً

وفي هذه الأثناء يعيد الراعي تشغيل محركاته المعطلة ليحاول التوفيق قدر الامكان بين الرئيسين عون والحريري، لكن تجريد باسيل من الثلث الحكومي يبدو صعباً أقله في اللحظة السياسية الحالية في لبنان والمنطقة.

يجادل المتعاطفون مع رئيس «التيار الوطني الحر» كثيراً في حقه في ضمان حصته في السلطة. هم يخشون فراغاً مقبلاً. لا ضمانات لانتخابات نيابية في العام 2022، ولا ضمانات بطبيعة الحال بانتخابات رئاسية تليها في العام نفسه. ويحمل ذلك افتقادا للثقة مع الحلفاء، ذلك أن ضمانة يقدمها الحليف الاقرب غير مضمونة النتائج مع تغير الظروف وتبدل الخيارات التي بدأت فعلا بين التيار والحزب.

ويحضر هنا السؤال: ماذا سيكون موقف التيار في حال عدم تبني «حزب الله» لباسيل رئيسا مقبلا للجمهورية؟

هنا يحضر موضوع الثلث الضامن جديا، وهو سلاح من غير المصلحة التفريط به اليوم في صراع حكومي سيرسم خطوط مستقبل البلاد. 

لذا فثمة صعوبات ستواجه مسعى الجميع على هذا الصعيد ومنهم الراعي. ومن ناحية الزعيم «المستقبلي» فإنه يتصرف وكأنه امتلك التشكيل فعلا ويفاوض على هذا الأساس كما يشير مقربون منه. 

هو ينتظر توقيع رئيس الجمهورية، لكن ثمة أسئلة حول علاقته المستقبلية مع الطرفين المسيحيين الاكثر قوة وشرعية. وهنا يبدو الرئيس المكلف مطمئنا مع تحييد الرمز الأبرز وهو رئيس الجمهورية عن الانتقاد. ورغم الخصومة الأخيرة في العلاقة مع زعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فإن العلاقة معه قابلة للترميم، في موازاة علاقة بناءة مع «الكتائب» ومقبولة مع «المردة»، وهو ما يعني أن الحريري يمتلك شرعية مقبولة لدى شريحة مسيحية كبيرة وهو قادر على تدوير الزوايا، حتى أن البعض في دائرته الضيقة لا يستبعد حصول زعيم «المستقبل» على أصوات كتلة «الجمهورية القوية» في جلسة الثقة لحكومته كبادرة حسن نية من قبلهم وفي حال أعجبهم التشكيل الحكومي.

وفي ذلك يحصل الحريري على تقاطع القوى المختلفة. ثنائي الحزب والحركة يتمسك به في هذه اللحظة الحرجة، كما أن المحيطين به لا يعيرون الهجوم الأخير للزعيم «الإشتراكي» وليد جنبلاط أهمية كبيرة كون ذلك أتى خلال حديث موجه لأنصار الرجل عبر «الأنباء»، وهو أراد المزايدة درزيا في الوقت الذي يؤيد فيه الحريري «قلبياً» كما أنه لا يستطيع الخروج من إلتزاماته فرنسياً وهو لا يمانع تمثيلاً على غرار الحالي في حكومة الرئيس حسان دياب.

وبينما يبدو الحريري واثقا من إمكانية فرض «حزب الله» رغبته بحكومة من دون ثلث للعهد، يبدو جميع أركان الحكم متفرجاً ومنتظراً نهاية الشهر المقبل. والرئيس المكلف يستعد لإجراء خرق تفاوضي مع باريس سيكون في إطار زيارة لها أو عبر مشاورات «جديّة» قد تحقق الخرق المطلوب.. بعد حين.