بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 أيلول 2020 12:02ص خواجة لـ«اللواء»: نريد شراكة في السلطة الإجرائية

هل يتحول مصطفى أديب الى فرصة ضائعة؟

حجم الخط
 هي اليوم أكبر من أزمة وزارية تلك التي تشهدها البلاد في ظل كباش علني بات معه الصراع «عالمكشوف» على الحكم.

يُمثل الأمر عض أصابع مرير بين «الثنائي الشيعي»، حركة «أمل» و«حزب الله»، ومعهم الحلفاء من ناحية، ومعظم الأفرقاء الباقين الذين يرفضون تلزيم وزارة المالية لـ«الثنائي» ومنهم الأخصام وحتى الحلفاء ومن بينهم رئيس الجمهورية ميشال عون نفسه. 

على أن عض الأصابع هذا يمثل ضمنا صراعا على مفهوم الحكم للمرحلة المقبلة. وبكلمات أخرى، يبدو أن «الثنائي» يحاول إعادة صياغة النظام السياسي على أسس جديدة عبّر عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمام زواره، عند مطالبته بالدولة المدنية في معرض تشخيصه لطبيعة المعركة الدائرة رابطاً الموضعين ببعضهما البعض. وللتذكير، هي ليست المرة الاولى التي ينادي بها بري بذلك، فقد تكرر الأمر عشرات المرات في مراحل تاريخية مختلفة، ومنها ما صدر خلال سنوات الحرب الاهلية، التي لم يشكل مؤتمر الطائف سوى محطة هدنة فيها بين الافرقاء المختلفين عبر إسكات المدافع من دون خرق المسألة الطائفية، لا بل ان كثيرين يعتبرون أن الطائف قد كرس الطائفية والمذهبية وشرعنها.

من الواضح أن الأزمة شائكة ومعقدة وتتعلق تماما بمرحلة طويلة مقبلة يبدو «الثنائي» مستعدا لها شاحذا أسلحته، كما في كل مرحلة مفصلية في التاريخ اللبناني الحديث.

المالية: معركة وجود

 وفي هذه اللحظة السياسية، بات الحزب والحركة يخوضان معركة وجود على صعيد وزارة المالية. لا يهم هنا ما سيتلقاه «الثنائي» من انتقادات، المعركة ستصيغ طبيعة مرحلة مستقبلية طويلة.

يتوقف عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة، طويلا عند حديثه لـ«اللواء» عن طبيعة النظام اللبناني، ويأسف للعيش في نظام طائفي يقوم على توازن مكوناته، «وبما أن الشيعة طائفة كبيرة ووازنة، من حقها أن تكون شريكة في السلطة الاجرائية». ويتابع أن هذا لن يتحقق الا من خلال حقيبة وزارة المال لكون وزيرها له حق التوقيع الى جانب توقيعي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، «علما أن هناك إجماع سياسي ونيابي شيعي على هذه المطالبة».

على أنه لكي لا يفسر الامر على انه مطلب طائفي، يقول خواجة «لشركائنا في الوطن، فلنذهب الى الدولة المدنية وهي إحدى ثوابت خطابنا السياسي منذ سنوات طويلة». ويرى مؤيدو هذه الدعوة أنه في تلك اللحظة التي يتم التوصل بها الى تلك الدولة «لن تكون ثمة حاجة لكي نتمسك بوزارة هنا أو دائرة هناك أو أي منصب في الدولة»، كما يؤكد خواجة.

نجاح أديب رهن.. ماكرون

بطبيعة الحال، لن يبدو الأمر سهلا بالنسبة الى «حزب الله» وبري، كونها أيضا معركة وجود بالنسبة الى مناهضي هذا الطرح الذين يشكلون غالبية في البلاد. وهو ما يفسر التشدد لدى نادي رؤساء الحكومات السابقين في مقاربة هذا الطرح، ذلك أن اي استثناء للقاعدة التي يريد الحزب والحركة فرضها سيكون من شأنه كسر هذه الحلقة الزمنية الممتدة في وزارة المالية منذ العام 2014 حتى حكومة تصريف الاعمال الحالية، وبالتالي عدم شرعنة المطلب الشيعي.

أما لناحية أديب، فهو يبدو حائراً وغريباً في بيئة معقدة وخطرة. فطبيعة الرجل الشخصية وخلفيته الأكاديمية المجبولة بعمله الديبلوماسي خاطت السمات الدمثة لمن غرق في وحول السياسة المحلية وتشابكاتها الاقليمية والدولية المزروعة بالألغام.

وهو لم يُخيل له بالتأكيد عند تلقيه نبأ إختياره بعد التوافق عليه سنيا وفرنسيا بقبول دولي، ما سيواجهه منذ الايام الاولى لتكليفه الذي جاء سريعا في ظل تنافس بين الأفرقاء المختلفين على الإشادة باختيار تلك الشخصية. والجميع يعلم حاجة البلد الى حكومة إنقاذية من كوارثه الإقتصادية والإجتماعية والسياسية الحبلى دوما بالمآسي التي لن يكون إنفجار المرفأ آخرها.

لم تكن ميزة أديب كونه جاء من خارج نادي رؤساء الحكومات تقليديا، بل هو أتى أيضا من خارج العمل السياسي التقليدي ولم يتبوأ منصبا وزاريا أو مقعدا نيابيا، بل اكتفى بالتواجد على مقربة من الحدث وصانعيه.. في بعض الفترات وليس بمجملها.

والواقع أن الجميع تفاءل بما سيأتي به ذلك الرجل الدمث الذي تنافس أركان السياسة اللبنانية على توجيه الود له منذ تكليفه.

لكن مع مرور الايام، بدأت تتضح الصعوبات ومعها شابت أداء الرجل مطبات تتعلق بطبعه المتسرع للحلول وغير الراغب بالمواجهات مع أخصام في السياسة، ما دفعه على عجل الى التلويح بعصا إعتذار.

هو يقف اليوم في حيرة من أمره، كما أنه يغامر بسمعته بين رؤساء الحكومات السابقين تاريخيا عبر عدم تشكيل الحكومة. لذا سينتظر أديب بإلحاح وسيعتمد على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنتشاله من مأزقه وتشكيل الدفع نحو حكومة باتت البلاد في حاجة لها اليوم أكثر من أي وقت مضى.

 لكن حتى لو نجح الرئيس الفرنسي في مسعاه وجنّب البلاد تحوله الى فرصة ضائعة، فإن طبيعة الصراع في النظام تشي بمعركة حامية الوطيس بين «الثنائي» الشيعي» وأخصامه، في محاولة بري وخاصة الحزب لإعادة صياغة النظام السياسي بما يوازي حجم هذه القوة الصاعدة محلياً وإقليمياً.