بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الأول 2018 12:00ص رئيس الجمهورية يحمِّل الحزب المسؤولية من دون ان يسمِّيه

من المسؤول عن «فرملة» التأليف باسيل أم حزب الله أم برّي؟

حجم الخط

«ثمة نافذة أمل» تكمن في دعوة البطريرك الراعي إلى تشكيل حكومة من الاختصاصيين تراعي الميثاقية بشرط ضمان ثقة مجلس النواب


غداة إطلاق رئيس الجمهورية مبادرته، وتكليف مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بتسويقها مع حزب الله والنواب السُنَّة الستة، تجدد الأمل المفقود عند معظم اللبنانيين بأن عيد ميلاد السيّد المسيح، سيشهد ميلاد حكومة الانقاذ واستعدوا للاحتفال بالعيدين معاً، بعدما استبد اليأس من إمكانية الخروج من النفق المظلم بالرجاء بإمكانية انبلاج فجر جديد يحمل معه الأمل والرجاء، غير ان التطورات مضت بسرعة فائقة، واكتشف اللبنانيون ان كل تلك الآمال التي علقوها على المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية لم تكن سوى سراب وانها لا تتعدّى فصلاً جديداً من فصول الدوران في الفراغ لأن الأوامر بإطلاق الحكومة الموعودة من الأسر لم يحن بعد، وانهم أي اللبنانيين ليسوا سوى حلقة صغيرة من لعبة كبرى دولية كانت أم إقليمية وان اللاعبين الأساسيين على المسرح الداخلي لم يتلقوا بعد التعليمات للافراج عن الحكومة ووضع لبنان على سكة الخلاص، أو الخروج من المستنقع الذي وضع فيه، لكي يبقى ورقة يستخدمها الفرقاء المتصادمين على الساحة الشرق أوسطية لتحقيق مصالحهم أو للدفاع عن هذه المصالح.
وثبت للبنانيين، وفق ما خلصت إليه معظم الأوساط التي هي على تماس مع ما يحصل على الساحة الداخلية، ان هناك فريقاً من اللبنانيين، ليس بعيداً عن حسابات الخارج بقدر ما هو شريك أساسي في هذه الحسابات بمعزل عن تلاقيها أو تعارضها مع مصلحة لبنان الوطنية العليا، وإلا ما معنى أن ينقلبوا على مبادرة رئيس الجمهورية بعدما وصلت بنتيجة حنكة مدير الأمن العام ودرايته الفائقة في تسويقها إلى النتائج المرجوة، ولماذا الانقلاب المفاجئ على الاتفاق الذي حصل بين اللواء إبراهيم وما يسمى «باللقاء التشاوري» في أعقاب ذلك الاجتماع الذي عممت تفاصيله على كل وسائل الإعلام، وبدأت الاستعدادات الرسمية وغير الرسمية للاحتفال بولادة الحكومة العتيدة، حتى قبل حلول موعد الاحتفال بولادة السيّد المسيح. ولماذا مثلا الانقلاب على هذا الاتفاق والتبرؤ منه تحت ذرائع مختلفة وغير مقنعة كمثل ان الاختيار الذي وقع على اسم السيّد عدرا لتمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة العتيدة، وينتهي بذلك ما يسمى بالتعقيدات الطارئة كان مشروطاً بأن يكون هو الممثل الحصري لهذا اللقاء، وماذا وراء ما نسب إلى رئيس التيار الوطني الحر من ان عدرا في حال تمّ التوافق عليه من كل الأطراف سيكون من حصة رئيس الجمهورية، وليكون أيضاً الوزير الملك الذي من خلاله يمسك الرئيس وحزبه بالثلث المعطل؟ وهل صحيح أيضاً ما تتحدث عنه هذه المصادر ان حزب الله لم يكن موافقاً على هذا الحل فإفتعل هذه الأزمة الجديدة مع رئيس الجمهورية وحزبه، لكي ينسف مبادرته ويبقى لبنان رهينة عند إيران التي بات من المتفق عليه انها تفضل ان يبقى لبنان من دون حكومة إلى ان تنجلي كل الخطوط الدولية بالنسبة إلى الحرب السياسية الشرسة التي تخوضها مع الولايات المتحدة الأميركية والتي تحتم عليها تجميع المزيد من الأوراق لاستخدامها في هذه المعركة.
وثمة مصادر لا تستبعد ان يكون ما جرى مؤخراً هو جزء من توزيع الأدوار بين التيار الوطني وحزب الله لكي يبقى الوضع الداخلي غير ممسوك بحكومة إنقاذ ليبقى ورقة ضغط، الا ان ما صرّح به رئيس الجمهورية من على درج بكركي حول وجود معركة سياسية حول الحكومة، ووجود قوى تريد ان تخلق اعرافاً جديدة لنسف هذه المقولة ويُعزّز القائلين بأن معركة الحكومة قضت على تفاهم مار مخايل وان المعركة الجديدة بين حزب الله والتيار الوطني الحر قد بدأت فعلاً وهذا ما يُعزّز وجهة النظر التي تقول بأن الأزمة الحكومة أصبحت شبيهة بالأزمة الرئاسية التي دامت أكثر من سنتين ونصف السنة.
غير ان ما نسب إلى رئيس مجلس النواب من موقف يدل على ان الأسباب التي أدّت إلى تعقيدات جديدة وضعت في وجه ولادة الحكومة تعود إلى ان هناك من يطرح احداث تغييرات على الاتفاق الحاصل بالنسبة إلى توزيع الحقائب الوزارية ومنها على سبيل المثال مطالب حركة «امل» بالتخلي عن وزارة البيئة لمصلحة التيار الوطني الحر وهذا يُشكّل خروجاً على الاتفاق والعودة إلى نقطة الصفر.
وبين هذه المواقف يبرز صمت الرئيس المكلف وابتعاده عن الدخول طرفاً في ما حصل من خلاف بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وثمة من يقول ان صمته يعني ان كل الأبواب التي فتحت لولادة الحكومة عادت وأقفلت بالشمع الأحمر، وفتحت بالتالي أبواب أخرى للسير نحو المجهول على كل الصعد الاجتماعية والاقتصادية والمالية وحتى الأمنية التي بدأت بالاهتزاز، وامام هذه الحلقة المقفلة ما زالت هناك نافذة أمل يُمكن، إن تبناها رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ان تنقذ البلد من الوقوع في قعر الوادي، وتكمن هذه النافذة في الدعوة التي أطلقها البطريرك بشارة الراعي بعدما حصل من رئيس الجمهورية على كل التفاصيل وهي المبادرة إلى تشكيل حكومة من الاختصاصيين تراعى  فيها الميثاقية وتذهب إلى مجلس النواب للحصول على ثقة مضمونة، ويعتبر هذا الاقتراح في نظر كل المصادر الحريصة على تجنّب الوقوع في المحظور هو الحل الأنسب والأفضل للجميع ولحزب الله المحكوم من إرادة خارجية، وفي حال لم يؤخذ بهذا الاقتراح وبقيت البلاد داخل الحلقة المفرغة يخشى عندئذ من ان تستغل إسرائيل هذا الوضع وتقدم على خطوة عدائية تجاه لبنان من شأنها ان تقلب الأوضاع رأساً على عقب وتخلط معها كل الأوراق، فهل تتراجع القوى الداخلية المعنية عن مواقفها وتشارك فيما بينها على اختراع الحل أم انهم مصممون على المضي في لعبة الموت حتى النهاية؟