بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الأول 2017 12:08ص رسائل القوات

حجم الخط
ليس صحيحاً أن التسوية التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وبسعد الحريري رئيساً لحكومة جامعة لمعظم المكونات السياسية ما زالت قائمة كما كان حالها بعيد قيام الحكومة، ذلك لأن الأجواء المشحونة التي شهدتها جلسة مجلس الوزراء الأخيرة والتي أشيع بعدها عن اتجاه لدى وزراء حزب القوات اللبنانية للاستقالة من الحكومة، عكست صورة مخالفة تُشير إلى ان هذه التسوية مهددة بالانفراط وحتى بالسقوط، إذا لم يتدارك رئيسا الجمهورية والحكومة الأمر، ويسارعا إلى إعادة النظر في نهج الحكم المتبع حتى الآن، بما يريح القوات اللبنانية ورئيسها الدكتور سمير جعجع لجهة تحقيق المشاركة الفعلية في السلطة بين القوات والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل على قاعدة جديدة، لا مكان فيها لا للمحاصصة ولا لتهميش فريق، كان له دور أساسي في الوصول إلى تلك التسوية، إذ لو لم يُبادر الدكتور جعجع إلى تبني ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية لما كان تشجّع الحريري وأقدم على تغيير موقفه من تأييد رئيس تيّار المردة لصالح رئيس التيار الوطني الحر.
وبناء على ذلك يصح القول بأن القوات تعمدت تسريب خبر استيائها الشديد من نهج الحكم واتجاهها جدياً لسحب وزرائها من الحكومة بهدف «هز العصا» لرئيس الجمهورية والحكومة والقول لهما بأن الاستمرار في النهج الحالي مرفوض وسيؤدي حتماً إلى خروج القوات من السلطة، وفق ما عبّر عنه الدكتور جعجع، سواء في المكالمة الهاتفية مع الرئيس الحريري أو في آخر المواقف التي اطلقها من استراليا رداً على ما اشيع في بيروت عن قرار اتخذه باستقالة وزرائه من الحكومة بعدما طفح الكيل من سياسة تهميش القوات من جهة، ومن سياسة تقاسم جبنة الحكم بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل سواء في التعيينات والتشكيلات الإدارية والأمنية التي تمت حتى الآن، أو في الصفقات الأخرى كصفقة البواخر التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بعد الذي حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة وإصرار الرئيس الحريري ووزراء التيار الوطني الحر على تشكيل لجنة وزارية للبت في العروض المقدمة من الشركات لتأمين التيار الكهرباء من البواخر، في الوقت الذي رفض وزراء القوات هذا الاقتراح وأصرّوا على ضرورة التزام الحكومة بقرار لجنة المناقصات التي ردّت كل هذه العروض بقرارات مسندة بالوقائع والمستندات الثابتة.
وفي السياق نفسه، كان نائب حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان واضحاً تمام الوضوح في ندوته التلفزيونية، اول من أمس، لجهة التأكيد على وجود اختلاف عميق بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» حول العديد من القضايا والملفات وحتى حول النهج المعتمد في إدارة دفة الحكم، وهذا الاختلاف لم يصل بعد إلى حدود استقالة وزراء القوات من الحكومة، لكنه وفي حال استمراره سيؤدي حتما إلى هذه الاستقالة لأن «القوات» لم تشارك في الحكومة إلا على أساس الشفافية وبناء الدولة العادلة والقادرة وعلى أساس ان تكون هذه المبادئ تشكّل الهدف الأساسي للعهد، وبالتالي فهي ليست في وارد التخلي عن مبادئها تحت أي سبب كان.
لقد أراد النائب عدوان عبر اطلالته التلفزيونية توجيه هذه الرسالة إلى الرئيس عون قبل فوات الأوان.