بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الثاني 2017 12:08ص رسائل دولية تحثّ المسؤولين على عدم التفريط بالوحدة الوطنية

النقاش الرسمي «يَغرَق» في شكل إستقالة الحريري ويتجاهل مضمونها وأسبابها

حجم الخط

هل تعمّد الرئيسان عون وبري عن قصد إغفال الأسباب الحقيقية للاستقالة أم إنهما ما زالا يأملان بالعودة عنها؟

تُجمع التقارير الدبلوماسية على أن لبنان الذي نجح في الفترة الماضية، في الابتعاد بقدر كبير عن العاصفة التي تضرب المنطقة منذ عدّة سنوات أصبح اليوم في قلب العاصفة.
ويحمل دفق المواقف الدولية عن الوضع اللبناني الذي إنهال منذ لحظة استقالة رئيس الحكومة المدوّية من الرياض، الكثير من القلق إزاء المقبل على هذا البلد من تطورات، حيث لا يكاد يخلو بيان يصدر عن وزارات خارجية هذه الدول من التأكيد على أهمية التمسك بالاستقرار والتعبير عن عمق المخاوف التي تعتريها جرّاء الاضطراب الذي احدثته خطوة الرئيس سعد الحريري المفاجئة بما يرافقها ويزامنها من ارتفاع منسوب الصراع الإقليمي بشكل غير مسبوق والذي بقي لبنان محيداً عنه طوال الفترة الماضية بفعل التسوية الداخلية التي اعتمدت عن مبدأ حياد لبنان والنأي بنفسه عن صراعات المنطقة، والتي لقيت في حينه تأييد ودعم المجتمع الدولي.
وفيما يتعاظم حجم مخاوف المجتمع الدولي على مستقبل لبنان، تستغرب مصادر دبلوماسية قريبة كيف ان لبنان الرسمي ممثلاً برئيس الجمهورية ما زال يتعاطى مع قنبلة استقالة الحريري من منظار وضع حكومي إما منفصلاً عما يجري حوله من تطورات وتحالفات والبحث بالتالي عن شكل ما بعد الاستقالة، واما ربطه بالشكل والأصول الدستورية لتقديمها، وكأن القرار الكبير الذي حتمها محض محلي، أو ان الرئيس الحريري لم يكن واضحاً كما يجب في تبيان الأسباب الحقيقية التي دفعته إلى الاستقالة والتي تتمثل تحديداً بوضع حزب الله وسلاحه الذي مكّن إيران من وضع اليد على هذا البلد لاستخدامه منصات لتهديد وزعزعة الاستقرار في الدول العربية.
وتلاحظ المصادر ان محاولة حصر النقاش الداخلي حول الاستقالة بشكلها لم يقتصر على رئيس الجمهورية بل شاركه فيه رئيس مجلس النواب والقفز أيضاً فوق الأسباب الحقيقية إلى اعتباره ان الاستقالة التي اعلنها الرئيس الحريري من الرياض لا قيمة دستورية لها ما دام انه لم يقدمها حسب الأصول، علماً بأن دستور الطائف، الذي لا يزال حتى الآن معمولاً به، نصّ بشكل واضح وصريح على ان الحكومة تعتبر مستقيلة حكماً في حال استقال رئيسها، ولم يشر النص إلى آلية هذه الاستقالة، وما إذا كان يجب ان تقدّم إلى رئيس الجمهورية أم إلى مجلس النواب، علماً بأن الحكومة اعتبرت مستقيلة حكماً عندما استقال أكثر من ثلثها من مقر الرئيس ميشال عون في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان من دون أن يقدموها إلى رئيس الجمهورية، كما يقول رئيس مجلس النواب في موضوع استقالة الرئيس الحريري الحالية.
وتتساءل المصادر الدبلوماسية عمّا إذا كان رئيسا الجمهورية والمجلس يتعمدان عن قصد إغفال الأسباب الحقيقية التي دفعت بالرئيس الحريري إلى هذه الاستقالة، أم انهما ما زالا يأملان في أن يقنعاه بالعودة عنها أو أن تحصل تطورات خارجية تسهل مثل هذ العودة من دون ان يخسر الرئيس الحريري الاجماع الشعبي والسني على القرار الذي اتخذه.
لكن المصادر نفسها تتوقع ان تستمر الحملة على رئيس الحكومة المستقيل للتشويش عليه وتلطيخ صورته الجديدة لأنها «الحملة» لا تنحصر أغراضها بالتشويش على أسباب الاستقالة بل تأتي أيضاً للتعمية على الإرباك الذي أصاب حزب الله وايران جرّاءها، ذلك لأن خطوة الحريري لم تكن تخطر على بال الفريق الممانع بعد تسعة أشهر تغاضى فيها الرئيس المستقيل عن كثير من الأمور والتجاوزات حرصاً على استمرار التسوية السياسية ورغبة في إبعاد لبنان عن النيران المشتعلة حوله بدليل ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله اكتفى في اطلالته التلفزيونية غداة الاستقالة بالتعليق عليها من حيث الشكل، ولم يتطرق إلى الأسباب الحقيقية التي دفعت بالرئيس الحريري إلى تقديمها، وان كان حاول الذهاب إلى ما وراء حدود لبنان وتحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية اقدام الحريري على هذه الخطوة المفاجئة كما اسماها أمين عام الحزب.
وفي سياق هذا الغموض الذي ما زال يلف المشهد على الساحة الداخلية بعد انقضاء خمسة أيام على استقالة الرئيس الحريري، كان لافتاً الموقف الذي أعلنه سفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان والذي يُؤكّد على دعمهم القوي لوحدة لبنان واستقراره وسيادته وأمنه وشعبه بعد استقالة الرئيس الحريري ودعوتهم جميع الأطراف إلى متابعة الحوار البناء والاعتماد على العمل المنجز خلال الاشهر الأحد عشر الماضية بهدف تقوية مؤسسات لبنان والاعداد للانتخابات النيابية في مطلع 2018 وفقاً لأحكام الدستور، ومجددين التزامهم المستمر بالوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته في إطار الشراكة القوية لضمان استقراره وتعافيه الاقتصادي المستمرين.
وحسب المصادر ذاتها فإن مضمون هذا البيان يعكس مدى القلق الذي يساور المجتمع الدولي على مستقبل الأوضاع في لبنان في حال لم يحسن الأفرقاء اللبنانيون التصرف في هذه المرحلة الخطيرة جداً.