بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 أيلول 2020 12:02ص رسالة الى رئيس الحكومة المُكلّف

حجم الخط
دولة الرئيس،

حرّر اتفاق الطائف مقام رئاسة الحكومة من وصاية رئيس الجمهورية، واناط به صلاحيات محدّدة في الدستور. الّا أنّ رئيس جمهوريّة «العهد القوي» اعتاد أن يُخالف الدستور وأن يتعدّى على صلاحيات رئاسة الحكومة، وهو كعادته سيسعى الى مصادرة صلاحيات الرئيس المكلّف بهدف «استعادة حقوق المسيحيّين» الموارنة التي سلبتهم ايّاها السنّية السياسيّة كما يزعمون. وبفعل تكليفكم تأليف الحكومة العتيدة وقعت على عاتقكم مسؤوليّة إعادة الاعتبار لمقام رئاسة مجلس الوزراء. 

دولة الرئيس، بموجب الفقرة الثانية من المادة ٦٤ من الدستور يُجري رئيس الحكومة المُكلّف الاستشارات النيابية بهدف تأليف الحكومة، التي يتعيّن ان تكون وفقاً لرؤية الكتل وما تصبو إليه، سواء على صعيد التمثيل أو البرامج أو أي شأن آخر. وبالتالي انتُم من يشكّل الحكومة العتيدة، مع العلم أنّ الدستور حدّد مسألة صدور مرسوم تشكيل الحكومة بتوقيع رئيس الحكومة ورئيس الجمهوريّة. الّا أنّ الرئيس عون يعتبر نفسه المعني بالتمثيل المسيحي وأنّ التوقيع على مراسيم الحكومة حقٌ ميثاقيٌ له، وبالتالي من المتوقّع أن يُمارس الضغوط والتلويح بعدم توقيع مراسيم الحكومة إذا لم تتوافق التشكيلة مع تطلعاته في التمثيل داخل الحكومة لأنّه اعتاد على السّير ببدعة أن يكون له حصّة وزارية من خارج الأطر الدستوريّة.

دولة الرئيس، إن مواد الدستور واضحة بخصوص البيان الوزاري ومسؤولية الحكومة لجهة السياسات العامة. فالمادة ٦٤ تشير الى ان «رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء». والبند الثاني يشير الى انه «على الحكومة أن تتقدم من مجلس النواب في بيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوما من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها». والمادة ٦٥ أعطت الحكومة السلطة الإجرائية كما جاء في النّص «تناط السلطة الجرائية بمجلس الوزراء»، وجاء في الفقرة الأولى أنه من مسؤولياتها «وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها». امّا المادة ٦٦ فقد نصّت على انه «يتحمل الوزراء اجمالياً تجاه مجلس النواب تبعة سياسة الحكومة العامة ويتحملون افرادياً تبعة افعالهم الشخصية». وعليه ليس لرئيس الجمهورية اي سلطة او دور في وضع او تنفيذ السياسة العامة ولكنّه سيسعى الى ذلك من خارج الدستور.

دولة الرئيس، منذ بداية العهد الرئاسي الحالي، تنعقد جلسات مجلس الوزراء في القصر الجمهوري عندما تكون بنود جدول الاعمال «دسمة» وتعقد الأقل اهميةً في السراي الحكومي، بينما يسود الفراغ والغبار اروقة المقر المخصص اصولاً لمجلس الوزراء، الذي يتحيّن موعد عودة شاغليه تنفيذاً للفقرة الخامسة من المادة ٦٥ من الدستور التي نصّت على ان «يجتمع مجلس الوزراء دورياً في مقرٍّ خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر»، ويقع المقرّ الخاص لمجلس الوزراء في شارع المتحف. والى حين إعادة افتتاح المقرّ الخاص لمجلس الوزراء، احرصوا أن تُقام جلساته في السراي الكبير الذي هو مقرّ رئاسة الحكومة.

دولة الرئيس، أناط الدستور في البند السادس من المادّة ٦٤ منه الدعوة الى عقد جلسة مجلس الوزراء برئيس مجلس الوزراء، رئيس الحكومة. أماّ رئيس الجمهوريّة فله أن يدعو مجلس الوزراء استثنائياً، عملاً بالبند الثاني عشر من المادّة ٥٣ من الدستور. كما أنّ البند الأوّل من المادة ٦٤ نصّت على أن يرأس رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحكومة، مجلس الوزراء عند انعقاده، فيما نصّ الدستور في البند الأوّل من المادة ٥٣ على أنّ رئيس الجمهوريّة يترأس مجلس الوزراء عندما يشاء، ونصّت الفقرة الخامسة من المادة ٦٥ على ان يترأس رئيس الجمهورية جلسات مجلس الوزراء عندما يحضر. لذلك، واحتراماً للدستور وللمقامات، ينبغي استخدام صيغ تتوافق مع الحالة الدستوريّة لانعقاد مجلس الوزراء. 

ففي حال كان رئيس الحكومة هو من دعا لعقد الجلسة وبحضور رئيس الجمهورية، تُستخدم الصيغة التالية: «بناء لدعوة دولة رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحكومة، انعقدت جلسة مجلس الوزراء [الزمان] وحضر فخامة رئيس الجمهوريّة فترأس الجلسة[...]». وإذا دعا رئيس الحكومة الى جلسة لمجلس الوزراء وغاب عنها رئيس الجمهورية، فالصيغة تكون: «بناء لدعوة دولة رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحكومة، انعقد مجلس الوزراء [الزمان] بحضور الوزراء [...]». أمّا إذا أتت الدعوة استثنائياً من فخامة الرئيس، فالصيغة تكون: «بناء لدعوة فخامة رئيس الجمهورية، انعقد مجلس الوزراء [الزمان] برئاسة فخامة رئيس الجمهورية وحضور رئيس مجلس الوزراء، رئيس الحكومة، والوزراء». وسنداً لما تقدّم، نهيب بكم الايعاز الى الأمين عام لمجلس الوزراء ووزير الاعلام اعتماد الصّيغ المُشار اليها، احتراماً لدور ومقام رئيس مجلس الوزراء وحفاظاً عليه، ومنعاً لاستفزاز الطائفة التي يُمثّلها هذا المقام.

دولة الرئيس، أمامكُم فرصة قيّمة لإعادة ضبط الساحة السنّية في لبنان، وإعادة الاعتبار لها ولمقام رئاسة مجلس الوزراء. وفّقكم الله وهداكم الى ما هو خيرٌ للبنان وأبنائه.