بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 تشرين الأول 2017 12:05ص رسالة مفتوحة إلى دولة الرئيس نبيه بري لا للاحتفال بدولة لبنان الكبير

لأنه قرار الإحتلال الأجنبي عام 1920 نعم للإحتفال بالقرار اللبناني المستقلّ عام 1943

حجم الخط
 دولة الرئيس، يهمني إحاطتكم بما يلي:
احتلت فرنسا لبنان في عام 1918 بعد انهيار الدولة العثمانية، ومن ثم جرى احتلال سوريا في تموز عام 1920 بعد معركة ميسلون. وبعد احتلال سوريا، وبالتحديد في 31 آب 1920 صدر قرار إعلان دولة لبنان الكبير، وفي اليوم التالي في الأول من أيلول 1920 كان الاحتفال بحضور ورعاية الجنرال غورو في قصر الصنوبر في بيروت، بمشاركة كبار الضباط الفرنسيين ومشاركة البطريرك الماروني الياس الحويك الذي شارك على مضض، ومفتي بيروت المحروسة الشيخ مصطفى نجا الذي أجبر على الحضور والمشاركة.
أعلن الجنرال غورو فصل لبنان عن سوريا وخلق دولة جديدة مؤلفة من متصرفية جبل لبنان، ومن مدن الساحل والأقضية الأربعة (التابعة سابقاً لولاية بيروت وولاية دمشق).
وبالرغم من أن المسلمين رفضوا صيغة دولة لبنان الكبير رفضاً قاطعاً، ليس بسبب رفضهم تقسيم بلاد الشام بين فرنسا وبريطانيا وحسب، ولكن لأن دولة لبنان الكبير ولدت بقرار المحتل الفرنسي. وخلافاً لما يعتقد البعض بأن البطريرك الماروني الياس الحويك كان مؤيداً ومؤازراً لدولة لبنان الكبير، فقد تخوف من مستقبل هذه الدولة الوليدة، بعد أن تبين له بأن عدد المسلمين في هذه الدولة يوازي عدد المسيحيين، بعد أن كان المسيحيون هم الأكثرية في متصرفية جبل لبنان، لهذا، أبدى البطريرك الماروني تخوفه من الديموغرافيا الإسلامية في عام 1920، وفي المستقبل.
لقد عانى المسلمون والمسيحيون من السياسة الفرنسية معاناة كبيرة لا مثيل لها في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والطائفية والمذهبية، حتى أن البطريرك الماروني الياس الحويك أشار أمام وفد إسلامي – مسيحي مشترك برئاسة سليم علي سلام (أبو علي) والد الرئيس صائب سلام وجد الرئيس تمام سلام إلى استيائه من السياسة الفرنسية في لبنان، فبادره أحد أعضاء الوفد، ولماذا صاحب الغبطة أيدتم احتلالها للبنان، فقال البطريرك «يا ابني وجدنا فرنسا مثل النار، كنا من بعيد نتدفأ على حرارة عاطفتها، أما اليوم، وقد أصبحت قريبة منّا، فقد أخذت هذه النار تحرقنا» (أنظر: صائب سلام: وهل فشل الاستقلال، مجلة المقاصد، العدد الأول، كانون الثاني (يناير) 1981، ص 164).
إن المسلمين وبعض المسيحيين عانوا معاناة واضحة في فترة الاحتلال الفرنسي للبنان. لذلك؛ فإن المسلمين تحديداً وهم طلاب الوحدة على مر العصور أظهروا مواقف سياسية من الاحتلال الفرنسي نظراً للمواقف السلبية الفرنسية واللبنانية من المسلمين كافة، ومن بين المواقف الإسلامية:
رفض المسلمون صيغة دولة لبنان الكبير عام 1920، من خلال عدد من المواقف السياسية.
لم يشارك المسلمون في الإحصاء السكاني الأول عام 1922.
لم يشارك المسلمون في صياغة الدستور اللبناني عام 1926.
رفض المسلمون إعلان الجمهورية اللبنانية عام 1926.
شارك المسلمون في إحصاء عام 1932 لتخوفهم من أن يكون هذا الإحصاء هو الأخير.
رفض المسلمون المعاهدة الفرنسية – اللبنانية عام 1936.
أيد المسلمون وتحالفوا مع المسيحيين من أجل استقلال لبنان عام 1943.
رفض المسلمون السياسة الفرنسية القائمة على التمييز العنصري والطائفي بين المسلمين والمسيحيين طيلة أعوام 1918 – 1943.
وفي الوقت نفسه، لم يلمس المسلمون في لبنان طيلة عهد الاحتلال الفرنسي (1918 – 1946) تحقيق العدالة والمساواة بين اللبنانيين، بل عملت فرنسا على تعميق الطائفية والانقسامات بين اللبنانيين والمناطق اللبنانية، حتى أن الرسائل المتبادلة بين رئيس الجمهورية إميل اده والمفوض السامي الفرنسي والمعروفة باسم (6 و6 مكرر) المتضمنة وعوداً بتوزيع المناصب في الدولة اللبنانية مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، لم تطبق ولم تنفذ لأسباب فرنسية وطائفية لبنانية، بالرغم من أن المسلمين في لبنان لا سيما سكان الساحل والأقضية الأربعة كانوا يسددون سنوياً للدولة 82% من واردات الخزينة اللبنانية، بينما كان يصرف منها 80% على سكان ومناطق جبل لبنان، ولا يصرف منها على سكان الساحل سوى النذر القليل.
ماذا نقول للذين اعتقلوا من أبطال الاستقلال عام 1943: بشاره الخوري، رياض الصلح، كميل شمعون، سليم تقلا، عبد الحميد كرامي، عادل عسيران، عندما يعلمون أن اللبنانيين يريدون الاحتفال بقرار المحتل الفرنسي الذي أعلن ولادة دولة لبنان الكبير؟
ماذا نقول لهؤلاء القادة الذين اعتقلوا بسبب حذف بصمات الانتداب الفرنسي من الدستور اللبناني، كما يقول الرئيس بشارة الخوري في مذكراته «حقائق لبنانية» الجزء الثاني، ص (42)؟
ماذا نقول للقادة من النواب الذين قاموا بتعديل شكل ورسم العلم اللبناني، ووقعوا على العلم المعدل، وفي مقدمة هؤلاء صائب بك سلام؟
ماذا نقول لشهداء الوطن، وماذا نقول لجماهير الاستقلال؟
ماذا نقول للشيخ بيار الجميّل الذي سجن بسبب رفضه ممارسات الفرنسيين في عام 1943؟
وماذا نقول للبنانيين في ساحة الشهداء، ومختلف الأحياء البيروتية الذين عبروا عن التضامن والوحدة الوطنية بين الكتائب بقيادة الشيخ بيار الجميل والنجادة بقيادة عدنان الحكيم؟
ماذا نقول لحكومة بشامون الاستقلالية التي تألفت من حبيب أبو شهلا وصبري حماده والأمير مجيد ارسلان؟ ماذا نقول لتضحيات المجلس النيابي مجتمعاً عام 1943؟
إِن استقلال لبنان عام 1943 هو أهم بكثير من إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، لهذا قال الرئيس بشاره الخوري بعد الانتصار على الانتداب الفرنسي «نصر من الله وفتح قريب» (المذكرات، جـ2، ص 59).
أتوجه إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية
أتوجه إلى دولة رئيس مجلس النواب اللبناني
أتوجه إلى دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني
أتوجه إلى المجلس النيابي اللبناني رئيساً ونواباً
أتوجه إلى الحكومة اللبنانية رئيساً ووزراء
أتوجه إلى السيدة بهية الحريري وإلى لجنة الاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير (1920-2020).
نناشدكم بأهمية الاطلاع على تاريخ لبنان المعاصر، ونناشدكم الاطلاع على ممارسات السلطة الفرنسية طيلة عهد الاحتلال.
يكفي الشعب اللبناني انقسامات نتيجة القرارات غير المدروسة وغير المتوازنة، منها قرار التعطيل يومي السبت والأحد، وليس آخرها اقتراح باستحداث عيد جديد لتعطيل جديد هو «عيد دولة لبنان الكبير 1920» وكأن سعادة النائب الأستاذ نعمة الله أبي نصر صاحب الاقتراح نسي أن قرار إنشاء دولة لبنان الكبير هو القرار الصادر عن المحتل الأجنبي عام 1920، بينما استقلال لبنان عام 1943 هو قرار الشعب اللبناني: بمسلميه ومسيحييه دون استثناء، لذلك، ينبغي أن لا نقضي على احتفال الدولة اللبنانية والشعب اللبناني باستقلال لبنان سنوياً، من أجل استحداث عيد جديد لا ضرورة له، لأن اللبنانيين عانوا – وما يزالون – يعانون من نتائج الانتداب الفرنسي، ولا ضرورة لمزيد من الانقسامات.
لقد حاولت فرنسا في فترة انتدابها للبنان جعل ذكر إعلان دولة لبنان الكبير، ذكرى سنوية للشهداء في لبنان، فإذا بجميع اللبنانيين رسميين ومجتمع أهلي رفضوا الفكرة من أساسها، لأن أحداً من اللبنانيين لم يستشهد في 31 آب عام 1920، ولا في أول أيلول عام 1920، وبالتالي فإن ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير ليست في الأصل ذكرى توحد اللبنانيين بل هي ذكرى انقسام بينهم.
نناشدكم جميعاً ونقول:
لا للاحتفال بقرار الاحتلال الأجنبي إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920.
نعم للاحتفال بالقرار اللبناني المستقل باستقلال لبنان عام 1943.
مع وافر الاحترام والتقدير