بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الأول 2017 12:03ص زاسبيكين لـ «اللواء»: اللبنانيون لن يتجاوبوا مع محاولات زعزعة أوضاعه

لبنان يتكيِّف مع الضغوط الخارجية بإنجاز تفاهمات داخلية لإدارة الدولة

حجم الخط

السفير الروسي: النهج الاميركي  في المنطقة عدواني اكثر مما هو تصالحي

 يعيش لبنان مفارقة غريبة قليلا، بين محاولة التكيّف مع الضغوط الخارجية الكبيرة عليه امنيا وسياسيا واقتصاديا، وبين إنجاز تفاهمات داخلية كبيرة على شؤون إدارة الدولة، بما يوحي كأنه يفصل بين ظروف الخارج وحساباته وبين ضرورة تفاهمات الداخل على قضايا إدارية واقتصادية ومالية وامنية، وهو ما حصل خلال الاشهر العشرة الاولى من عمر حكومة الرئيس سعد الحريري وقرابة السنة من عهد الرئيس ميشال عون.   
    وإذا كان لبنان يعاني من «توحش» سياسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الخارجية وشنّه حروبا على عدد من الدول والاحزاب في الشرق الاوسط وفي العالم، فهو في حربه على ايران وحلفائها لا سيما «حزب الله» عبر مسعى الكونغرس لفرض عقوبات على الحزب، يضغط على مجمل الوضع اللبناني لا على الحزب فقط، متناغما مع تصعيد اسرائيلي عسكري وسياسي واسع في الميدان السوري وفي المحافل الدولية، هذا بالاضافة الى الانزعاج الخليجي المعلن من سياسات الحزب، والذي بدأ ينعكس على العلاقة مع الدولة اللبنانية.
  والغريب ايضاً ان هذا الضغط أتى بمفاعيل عكسية على الوضع اللبناني بحيث تكرست التفاهمات السياسية الكبرى عبر تفاهم رئيس الجمهورية مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة والقوى السياسية المؤتلفة في الحكم والحكومة، على تحصين الوضع الداخلي لأن لبنان متروك الان لقدره ولتفاهماته الداخلية، ولا توجد دولة لا شقيقة ولا صديقة مهتمة كثيرا بما يتعرض له، إلا من باب حفظ الاستقرار الامني بشكل خاص، لأنه ينعكس على مصالح هذه الدول وعلى رعاياها، ويؤثر في المدى البعيد في حال ترديه وتفاقمه على وضع الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وهو امر تسعى وتضغط كل الدول لتلافيه ليس حرصا على لبنان بل حرصا على الامن الاسرائيلي اولاً باعتباره جزءا من الامن الدولي ومن مصالح الغرب.
   وفي حين يواجه «حزب الله» التهديدات الاسرائيلية اليومية بشن حرب على لبنان بتأكيده على «توازن الردع العسكري» ما يُفرمل اي اندفاعة عسكرية اسرائيلية، فهو مضطر للتكيف مع الاجراءات الاميركية العقابية، بعدما لمس انها ستترك بعض التأثيرات عليه، وسيواجهها بما يوفر له ترتيب اموره الخاصة المالية والامنية. لكن تبقى مشكلة لبنان في كيفية معالجة موقف دول الخليج، وهو الامر الذي بات يحتل الاولوية على ما يبدو في اهتمامات المسؤولين وخاصة رئيس الجمهورية، الذي تردد انه يتحضر لزيارة الكويت قريبا في محاولة لترتيب العلاقة مع الخليج، وتأجيل زيارة ايران الى وقت افضل تسمح ظروفه باستيعاب دول الخليج لمثل هذه الزيارة وتفهم ابعادها السياسية والاقتصادية.
ويبدو ان هناك نصيحة روسية للمسؤولين اللبنانيين بتحصين وضعهم الداخلي لمواجهة الضغوط الخارجية، لأن هذه الضغوط  ناتجة عن تطورات الاوضاع الاقليمية وعلاقة «حزب الله» وحلفائه بها، ولا مجال لحل هذه المعضلة إلا بالتوصل الى حلول للاوضاع الاقليمية المتفجرة من اليمن الى سوريا مرورا بالعراق، او على الاقل وضع الحلول السياسية على السكة ليتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود.
     وفي هذا السياق يقول السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين لـ «اللواء» حول مصير الضغوط الخارجية على لبنان وهل ستؤدي الى توتر داخلي: انا ارى ان المسؤولين ورؤساء الاحزاب والشخصيات البارزة وقفت بوجه التهديدات الاسرائيلية والضغوط الخارجية بشكل واضح، واللقاء الثلاثي الذي حصل في منزل النائب وليد جنبلاط مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري يدل على ذلك بالرغم من اختلاف الاراء والمواقف بينهم، لكنهم وجدوا ضرورة لتعزيز التلاحم السياسي بوجه تهديدات الكبار بالحرب وغير الحرب، لأن هذا الامر مرفوض بالنسبة للبنانيين.
   واضاف: الامر الاخر، اذا كانت هناك محاولة للضغط على طرف لبناني ما مثل «حزب الله» بتوجيه اتهامات او امور اخرى، فمن غير الواضح الى اين ستؤدي مثل هذه الضغوط، لأنها تطال فئات اوسع وربما تطال طائفة بكاملها وهذا مرفوض، لأنه يصبح عنصر عدم استقرار وليس غير ذلك. واذا كان هناك تهديد اسرائيلي ضد المقاومة، فهو ايضا تهديد ضد الدولة اللبنانية ككل، وتصريح وزير الدفاع الاسرائيلي ليبرمان مؤخرا واضح بأن الحرب ستشمل كل لبنان. واذا كانوا يعتبرون انهم من وراء هذه التصريحات يستطيعون خلق المشاكل في لبنان فهذا خطأ.
واستطرد السفير الروسي: لكن ما أخشاه ان التصعيد يجري في اماكن عديدة في الشرق الاوسط وعلى الصعيد الدولي، ونحن لا نعيش مرحلة تنقية الاجواء التي نريدها ونسعى اليها في روسيا، لكن العالم يعيش التصعيد بكل الاشكال بما في ذلك الاتهامات الموجهة لاطراف عديدة في لبنان وغيره. فالنزاعات قائمة في المنطقة، والحروب كبيرة وهناك تقدم في مكافحة الارهاب ولكن لم تستكمل بعد، كما لم تستكمل الترتيبات الامنية لا في سوريا ولا في اي بلد آخر، وهناك خرائط طرق لحلول سياسية لكنها لم تطبق بعد، لأن النهج الاميركي حالياً هو نهج عدواني اكثر مما هو تصالحي.
   ورأى انه «في كل هذه الاجواء فإن عدم الاستقرار سيستمر، لكن هل ينتقل الى موجات جديدة اكبر حجما وعلى اساس جديد فهذا غير واضح، ونحن نعمل على اساس  ايجاد الحلول للنزاعات الحالية وعدم حصول نزاعات جديدة».
  وعما اذا كان تصعيد التوتر سينتقل الى لبنان ليؤثر على اوضاعه الداخلية؟ قال زاسبيكين:لبنان في حالة افضل من بعض الاخرين في المنطقة حيث النزاعات لم تنتهِ، كما ان بؤر التوتر المفترضة والتي يمكن ان تقوم على اساس إتني كاستفتاء كردستان او تصعيد الخلافات الطائفية مجدداً، او تقسيم سوريا والعراق هي واردة لدى البعض لكننا نقف بوجهها. اما في لبنان فالقرار متوافر بالحفاظ على الاستقرار في هذا البلد.
  واضاف: واذا صدرت بعض المواقف والتغريدات من هنا وهناك فهي محاولة لزعزعة الاوضاع، لكني لا أرى ان اللبنانيين متجاوبون مع هذه المحاولات. وهذه المحاولات ستفشل.
   وعن الدور الروسي في المعالجات وتجنيب لبنان المشكلات؟ قال زاسبيكين: من الواضح تماما ان هناك في المنطقة خريطة طريق لمكافحة الارهاب وايجاد الحلول للنزاعات، وعندما يُطرح موضوع من قبل اسرائيل وغيرها عن توسع النفوذ الايراني او غير الايراني، لدينا الجواب البسيط: نحن نكافح الارهاب، اما المنافسة الاقليمية حول من يتوسع او لا يتوسع فهذا امر لا يهمنا، كذلك فإن «عملية السلام العربي – الاسرائيلي» لها امر آخر مختلف ووقت اخر، اما الحديث عن وجود ايران في سوريا، فنحن نقول ان هناك من استقدم الى سوريا مئات الاف الارهابيين من ثمانين دولة لإسقاط النظام السوري، وقبل ذلك لم يكن مطروحاً لا دور ايراني في المنطقة ولا في سوريا، وطبيعي ان النظام السوري يحارب لانقاذ نفسه من المجموعات الارهابية التي اتت من الدول التي تتحدث الان عن النفوذ الايراني في سوريا.
  وعما اذا كان مطمئناً الى مستقبل الوضع اللبناني؟ قال: الوضع اللبناني سيتجاوز الصعوبات بعدما تجاوز مشكلات كثيرة وتمكن من تحرير اراضيه من الارهابيين. لكن مشكلة النازحين لازالت قائمة ويجب عودتهم الى بلادهم، وهي المهمة  الاساسية للمرحلة المقبلة امام لبنان، ويجب ان يعمل لها بالتعاون مع الاطراف المعنية بما فيها النظام السوري، اي يجب قيام تعاون بين القيادة اللبنانية والقيادة السورية لحل هذه المشكلة.