بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 حزيران 2020 07:30ص زكّا لـ«اللواء»: «قانون قيصر» يوفر فرصة للبنان

حجم الخط
بعد أيام قليلة يصدر التقرير الأول المتعلق بالمُستهدفين من «قانون قيصر»، وهو القانون الذي وضع لمحاسبة كل من يتعامل مع النظام السوري ويضع نصب عينيه لائحة روسية وإيرانية وعراقية ولبنانية.

القانون الذي جاء بعد بحث طويل وأصدرته وزارة الدفاع الاميركية ليقره «الكونغرس» الاميركي بديمقراطيّيه وجمهوريِّيه في 20 كانون الاول الماضي، وضع مهلة 180 يوماً لتقديم أول تقرير لـ«الكونغرس» منذ تاريخ توقيعه، علماً أنه يشمل مراحل أربعاً من العقوبات حتى شهر آب المقبل.

يدلل القانون بشكل صارخ عن الوسيلة الاميركية الجديدة لاستهداف أخصامها عبر لبوس إقتصادي توجه عبره الضربات عبر تضييق الخناق عليهم. لكن القانون أثار مخاوف لبنانية كبيرة في البلد الذي يمر أصلا في مرحلة جد صعبة إقتصاديا وإجتماعيا وسياسياً وحتى أمنياً في ظل غموض تجاه مستقبل يبدو رمادياً لا بل قاتماً.

يُعتبر اللبناني نزار زكا أحد عرابي القانون وهو عضو في فريق «قيصر» الذي أنشأه «الكونغرس» ليضم استشاريين من بلدان يشملها القانون مهمتهم إعداد لائحة بأسماء أشخاص وكيانات وشركات تدعم النظام السوري، وهو يقاربه لناحية تأثيراته اللبنانية. ويدعو في حديث لـ«اللواء» الى عدم إثارة المخاوف من القانون والتي وصلت الى حد التخويف والتهويل، بل ينصح بالتركيز على جوانبه «الإيجابية كونه يوفر فرصة للبنان».

وتجدر الملاحظة هنا أن القانون يأتي في مرحلة توتر دولي وخاصة إقليمي، وبالنسبة الى لبنان، فالواقع أن القانون تقدم بالتوازي مع مشروع عضو مجلس شيوخ عن «الحزب الجمهوري» تيد كروز الذي يهدف الى فرض عقوبات على الحكومة في لبنان التي يسيطر عليها «حزب الله»، حسب واشنطن، لكنه لم يتحول الى قانون حتى الآن.

لذا، فالأمر غير منفصل عن زيادة الضغوط الاميركية على لبنان، لكن «قيصر» لا يستهدف البلد في شكل مباشر، بل يلج القضية من ناحية علاقة لبنان بالنظام في سوريا ومدى التزامه بالشرعية وليس فقط قيادات حزب الله، وذلك للمرة الأولى.

ويلخص زكا الأمر على الشكل التالي: القانون يستهدف كل ما هو غير شرعي، كالسلاح والاستيراد والتصدير، بينما يدعم في المقابل كل ما هو شرعي. 

تجنب ثغرات عقوبات سابقة

هكذا هي المعادلة بالنسبة الى مدير البرامج لدى «المؤسسة الأميركية لتكنولوجيا السلام» و«السفير فوق العادة» الذي سبق واعتقل سنوات في إيران. هو يسهب في شرح دقة القانون، علما أن المشرعين الاميركيين حاولوا تجنب سلبيات شابت قوانين شبيهة سابقة لم تصوب مباشرة على الهدف.

لكن الأمر تراكمي وجاء ليستهدف النظام في سوريا والتنظيمات التي تتعاون معه مثل «حزب الله» و«الحشد الشعبي» ومنظمة «فاغنر» الروسية وغيرها.. لذا، فالأمر يستهدف مباشرة الحزب رغم عدم ذكره بالإسم كونه «إرهابي» بامتياز بالنسبة الى الادارة الاميركية التي تتهمه بقتل العدد الأكبر من الاميركيين بعد تنظيم «القاعدة».

هي إذا وسيلة أكثر تقدما وأعمق تشددا حسب صانعي القانون ويستهدف الشركات والأفراد والمؤسسات في شكل شامل «ليغطي كل النوافذ 360 درجة»، حسب زكا الذي يلفت النظر إلى أن القانون هذه المرة يقفل كل منافذ التعامل مع النظام السوري ويمنع مساعدته عبر وسائل ومصطلحات لم تكن قد لحظت في العقوبات الأميركية السابقة.

ويوضح أن لا مفعول رجعياً للقانون، أي أنه يطاول من تعاون مع النظام السوري وقدم له الدعم، بدءاً من تاريخ التوقيع على القانون، لكنه في المقابل سيتعاطى فوراً مع كل من يصل الى سدة المسؤولية في سوريا. ويشير الى أن أي كيان سوري يتعاطى مع النظام، ولو كان غير رسمي، سيكون خاضعاً للعقوبات الأميركية.

ويتوقف عند نقطة جوهرية تتعلق بعمليات التهريب بين لبنان وسوريا التي يصوب القانون عليها ليستهدف كل المشاركين فيها، ولا ضرورة للإشارة الى أن هذا الأمر يعني حزب الله الذي يتنقل عبر الحدود.

على أن الفرصة التي تحدث عنها زكا تتمثل حسبه في أكثر من قضية. فلبنان سيستفيد من «قيصر» عبر منع التهريب الذي يأتي لصالح أشخاص ورجال أعمال سوريين ولبنانيين. وهنا ثمة مأزق للحكومة اللبنانية نفسها التي تجنبت حتى الآن طرح القضية بين وزرائها لكي لا ينفجر المجلس من الداخل وتتعطل معه البلاد. لكن رئيس الحكومة حسان دياب، الذي لن يكون في إمكانه زيارة دمشق، ستكون حكومته ملزمة بمكافحة التهريب، وإلا فإنها ستعتبر متواطئة، وبالتالي، ستكون معرضة للعقوبات.

أما بالنسبة الى عملية إعادة الإعمار الطموحة في سوريا التي يعول عليها لبنان، فإن من بدأ أعماله من لبنانيين على هذا الصعيد سيعد هدفاً للعقوبات. لكن زكا يقر بأن العمق اللبناني الطبيعي هو سوريا، لكن موضوع إعادة الأعمار اليوم سيمثل فرصة لإيران وروسيا لقبض ثمن مشاركتهما في الحرب، وبالتالي سيكون ذلك من حساب موارد الشعب السوري. لكن في المقابل، فإن نوافذ التعامل التجاري والمالي مع سوريين لا علاقة لهم بالنظام في دمشق، لن تكون في دائرة الاستهداف، كما أن ذلك سيشكل مخرجا لمن ضغط عليهم للتعامل مع النظام وفرصة ليتنصلوا من تورطهم بذلك ولا مانع للبنان من تزويد الادارة الاميركية بلوائح للبنانيين مستثنيين من ذلك.

كما سيكون للقانون تأثيره على القطاع الخاص في لبنان، وفيه طبعاً الحسابات في المصارف لأشخاص على علاقة مع النظام في دمشق. لكن زكا يقلل من أهمية الموضوع هنا مشيرا الى أن القانون اللبناني في الاصل يبحث عن مصدر أية أموال في الحسابات المصرفية وهو ما كان سيُرفض في حال كان سورياً خاضعاً للعقوبات، «واليوم باتت المسألة علنية ولا يمكن القيام بها في السر».

المفقودون في سوريا

ومن عوامل استفادة لبنان التي يشير إليها زكا قضية المفقودين والمخطوفين في سوريا. وهذه قضية إنسانية حساسة بالنسبة الى الكثيرين في لبنان. ويشير الى معلومات حول وجود 630 مخطوفاً في سوريا يرفض النظام الاعتراف بوجودهم، والقانون سيضغط في اتجاه الإفراج عن معلومات في شأنهم وحتى توفير الـ«دي.أن.آي» لمن توفي منهم.

في كل الأحوال، ستشكل الاسابيع المقبلة اختبارا للقانون، والموضوع قد يخضع لإستثناءات معينة يستفيد منها لبنان.