بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 أيلول 2017 12:00ص زلة لسان أم مقصود؟

حجم الخط

لم يتصرف رئيس الجمهورية في نيويورك، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كرئيس دولة مؤتمن على الدستور بموجب القسم الذي أداه أمام نواب الأمة بقدر ما تصرف كرئيس حزب الله تحالفاته الداخلية والإقليمية والدولية إذا صح التعبير، فعندما يشيد رئيس الجمهورية في حديثه إلى إحدى الصحف بحزب الله ويقول عنه بأنه لا يزال حاجة وطنية طالما ان العدو الإسرائيلي لا يزال يحتل اجزاء من الأراضي اللبنانية وهو يعلم، علم اليقين ان البلد لا يزال منقسماً حول هذا الموضوع بشكل حاد، وأن هناك  فريقاً وازناً داخل الحكومة وخارجها يرفض اعتبار الحزب حاجة وطنية وما يزال يطالب بنزع سلاحه وتحوله إلى حزب مدني كغيره من الأحزاب التي نزعت سلاحها بعد اتفاق الطائف الذي نص على ذلك وانخرطت في العملية السياسية الداخلية كغيرها من الأحزاب التي لم تنخرط في العمليات العسكرية وظلت رافضة للميليشياوية.
إن اشادة رئيس الجمهورية هذه بحزب الله تخلى فيها عما جاء في خطاب القسم الذي نص على تحييد لبنان، وعلى ان لا سلاح في الداخل غير سلاح الجيش الوطني، وإعادة البلاد إلى حالة الانقسام الحاد، مما يُهدّد التسوية التي أتت به رئيساً للجمهورية من جهة، ويحدث شرخاً وعميقاً داخل حكومة الوحدة الوحدة الوطنية التي تشكّلت من كل الفئات التي كات متناحرة ولا يمكن ان تلتقي لو لم تفرض عليها التسوية والتي تمت  من جهة ثانية.
هذه المواقف التي اعلنها رئيس الجمهورية والتي جاءت في ظل تطورات متسارعة تشهدها الساحة السورية تؤشر إلى قرب التسوية السياسية في هذا البلد الذي دُمِّر خلال الحرب الدائرة فيه منذ قرابة الست سنوات، هذه التسوية التي تقوم حسب ما صرّح به مسؤولون روس للوفد اللبناني الذي زار موسكو مؤخرا برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري على أربعة مناطق نفوذ بينها دمشق، والساحل السوري من حصة الروس مع بقاء  بشار الأسد رئيساً عليها لفترة زمنية محدودة، وأن الروس منشغلون هذه الأيام بمدى النفوذ الإيراني في هذه المنطقة أو الدولة إذا صحت المعلومات التي عاد منها الوفد اللبناني من موسكو.
نقول إن المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية يمكن ان تطرح عدّة أسئلة حول الهدف من طرحها في هذا الوقت بالذات، وهل لها علاقة بما يؤكده حزب الله من انتهاء الحرب في سوريا بانتصار حليفه الرئيس بشار الأسد وضرورة افادة لبنان من هذا الانتصار وإعادة فتح علاقات مع هذا النظام بشكل مباشر، ومهد هو لذلك بالاجتماع الذي عقد في نيويورك بين وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم ووزير خارجية لبنان جبران باسيل، متحدياً بذلك قرار مجلس الوزراء الرافض لمثل هذه الاتصالات حرصاً منه على عدم تعويم النظام السوري الذي لولا التدخل الروسي العسكري لما كان اليوم موجوداً حتماً، ولكننا شهدنا قيام دولة في سوريا ونظام لا مكان لهذا الرئيس فيه.
نتمنى بصدق أن لا تكون هذه بعض أهداف رئيس الجمهورية الذي طالما أكّد على التزامه التام بخطاب القسم، وما تضمنه هذا الخطاب، كما نتمنى ان يُبادر إلى تصويب ما أدلى به إلى إحدى وسائل الإعلام المكتوب كي لا يقال بأنه لا يزال يتصرف كرئيس حزب وليس كرئيس للجمهورية يعتبر نفسه انه أب لكل اللبنانيين، وأن كلامه لا يتعدى زلة لسان..

د. عامر مشموشي
Amermashmoushi@hotmail.com