بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 أيلول 2020 12:01ص سلاح متفلّت وشاهد وشهيد..

حجم الخط
لاعب الحياة والعمر والأيام بروح رياضية ولا أجمل.. في عمر الورود هو، وفي ريعان الشباب كان، يضج بالحياة والحركة والعطاء بكل أخلاق وأدب وتهذيب، وقد أجمع كل مَنْ عرفه وعايشه على أنّه خلوق بكل ما للكلمة من معنى.

لاعب الكرة بفن وإتقان وإبداع، فكتب محمّد عطوي اسمه بأحرف من ذهب في عالم الرياضة وكرة القدم في لبنان، تألّق ووصل إلى النجومية، إلا أن قدميه بقيتا تلامسان الأرض وتلاعبان الكرة باحتراف وحيوية ولم تغرّه الشهرة أو النجومية أو الأضواء.

سرقته رصاصة طائشة وقضت على حياته وشبابه، وهو لا يزال يافعاً في عمر الشباب، قضى مظلوماً فيما كان يفتش عن باب رزقه دون أن يعلم أنّ مصيراً أسود كان ينتظره لحظة اقترابه من سيارته قرب مستديرة الكولا على حين غفلة. 

بعضهم قال إنّه قضاء وقدر، وبعضهم الآخر قال: هذا نصيب محمّد ولا مفر من المكتوب على الجبين، كلام صحيح إنّما قد يُراد فيه باطل، لأن خسارة محمّد عطوي فادحة جداً، وكبيرة ولا تعوّض. محمّد عطوي لم يخسره الجسم الرياضي فقط في لبنان، ولا أندية كرة القدم التي وقّع على كشوفاتها وانتسب إليها على مدى سنوات وسنوات، ولم يخسره أيضاً جمهور الكرة اللبنانية وحده، بل هو خسارة للوطن بأسره من أقصاه إلى أقصاه.

برز اسم محمّد عطوي كلاعب محترف ودولي في هذه اللعبة المحببة إلى قلوب الناس، وقد مارسها هواية واحترافاً، وأحبّها وأعطاها من كل قلبه حتى وصل فيها إلى النجومية. أما لماذا حدث ما حدث لمحمد عطوي؟، ولماذا تكون حياة الإنسان في هذا البلد رخيصة إلى هدا الحد؟، الجواب بالطبع متروك للتحقيقات الجارية من قِبل الأجهزة القضائية والأمنية المختصة للوصول إلى معرفة الجاني، الذي أطلق تلك الرصاصات من سلاح متفلّت، وكأنّه لا يُعير أي اهتمام لوجود دولة أو مؤسّسات أو أجهزة قضائية وأمنية، هذا إن وجدت في أيامنا هذه.

الكل يعرف ان محمّد طوي لم يكن الضحيّة الأولى للسلاح المتفلت في لبنان ولإطلاق النار العشوائي، ولن يكون الأخير في حال لم تُتخذ الإجراءات والتدابير الصارمة الكفيلة بالقبض على المجرمين المستهترين بأرواح النّاس، وعلى كل مَنْ تسوّل له نفسه إطلاق النار عشوائياً بالهواء في المناسبات أياً تكن تلك المناسبات، كالأعراس والمآتم وفي الأفراح والأتراح، وعندما يتم القبض على مثل أولئك الجناة، وتنزل بهم أشد العقوبات ليكونوا عبرة لغيرهم بحسب القوانين المرعية الإجراء، عندها يُمكن القول إنّ الدولة والجهات الرسمية المسؤولة والمعنية بدأت يأخذ حق محمّد عطوي وأمثاله من الضحايا الأبرياء، وبالتالي وضع حدّ للسلاح المتفلت وللفوضى المنتشرة في هذا السياق من دون رقيب أو حسيب.

إلى جنة الخلد يا محمّد عطوي، ستبقى شاهداً وشهيداً قضى مظلوماً، فأنت شاهد على كل ما يواجهه البلد من موبقات أمنية وإنسانية واجتماعية وسياسية واقتصادية، حتى نكاد نقول وداعاً للأخلاق والقيم والمروءة والشهامة التي ميّزت محمّد عطوي، أما للفاسدين والمُفسدين في هذا البلد نقول: إنْ لم تُحاسبوا على الأرض فسوف يكون حسابكم عسيراً في السماء.