بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الثاني 2017 12:08ص سلبيات

حجم الخط
زيارة أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى لبنان غداة اجتماع وزراء الخارجية العرب واصدارهم بياناً بإدانة التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية والعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديدها الأمن القومي العربي، تهدف الى التأكيد على تصنيف حزب الله المشارك في الحكومة اللبنانية بالإرهابي والضلوع في تهديد الأمن القومي العربي بوصفه ذراعاً عسكرية لإيران. هذه الزيارة كان يُمكن ان تشكّل مدخلاً للبنان الرسمي لإعادة فتح قنوات الحوار مع العالم العربي بشكل عام، ومع المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، لإعادة تصويب الموقف اللبناني الرسمي ووضعه على خريطة الموقف العربي الواحد، مما يحصل في المنطقة، الا أن النتيجة التي خرج بها أمين عام الجامعة العربية من اجتماعه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم تكن على مستوى ما كان يتأمله العرب من لبنان الرسمي، وما تطمح إليه أغلبية الشعب اللبناني الذي يتوق إلى علاقات قوية مع العالم العربي، وليس إلى ان يكون شوكة في خاصرته تستخدم من قبل جهات اقليمية لها مطامع في هذا العالم، لم تعد بخافية على أحد.
وبدلاً من أن يُبدي لبنان الرسمي تفهماً للرسائل التي حملها أمين عام الجامعة العربية إليه، ظل على موقفه من رفض قرارات الجامعة باعتبار حكومة لبنان إرهابية، وبدلاً من أن يُعيد التأكيد على مضمون خطاب القسم باعتماد سياسة النأي بالنفس حيال الصراعات العربية - العربية والتزام ميثاق الجامعة التي يُعتبر لبنان أحد مؤسسيها، تغاضى عن هذا كلّه، وبدا وكأنه يضرب التحذيرات العربية من استمرار لبنان الرسمي أسيراً لإيران وذراعها في لبنان بعرض الحائط، ليضع الوطن كلّه في قلب العاصفة التي تهب على المنطقة، وليقطع الطريق على كل أمل عند الأشقاء العرب في عودة لبنان إلى انتمائه العربي، وللعب دوره التاريخي كوسيط خير ومقرّب لوجهات النظر بين الأشقاء، لا إلى فريق يُهدّد الأمن القومي العربي من المحيط الى الخليج.
كان الأجدى برئيس الجمهورية، بدلاً من ان يرفض ما صدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب، أن يردّ على الرسالة العربية بتأكيد الحفاظ على المعادلة اللبنانية، وعلى عروبة هذا البلد والتزامه الكامل والتام بميثاق الجامعة العربية، وبالأحرى إعادة التأكيد على التزامه سياسة النأي بالنفس عن الصراعات العربية - العربية، وأن يكون شريكاً مع الدول العربية ضد أي محاولة خارجية لزعزعة الأمن القومي العربي، لأن أمن لبنان هو أيضاً من الأمن العربي، واستقراره من استقرار الدول العربية، ولا يُمكن بالتالي أن يصبح لبنان في أي محور آخر يُهدّد أو يزعزع الأمن العربي واستقراره.
قد يكون الرئيس عون أراد، من خلال ردّه على رسالة وزراء الخارجية العرب، تبرير سلوك لبنان الواقع تحت تأثير حزب الله تجاه العالم العربي، وبأنه لا يجوز ان يحمّل مسؤولية أخطاء ارتكبها فريق داخله بالنظر لتركيبته المعقدة، لكن المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة لا تستحمل مثل هذا الرد الملتوي، بقدر ما تتطلب موقفاً واضحاً وصريحاً من لبنان الرسمي، يُؤكّد فيه على ما تتمناه منه الدول العربية وهو النأي بالنفس عن صراعات المنطقة والتعامل مع الأشقاء العرب بما يقتضيه وضعه الطبيعي في محيطه، وليس كما تقتضيه المصلحة الإيرانية وأذرعتها في المنطقة، ومن بينها بطبيعة الحال حزب الله، الذي هو مكوّن لبناني في الأساس والأصل، ولا يجوز، بأي حال من الأحوال، أن يتحوّل إلى حربة توجه إلى صدور الدول العربية، كما يُمكن أن يستوحي المتابع لرد لبنان الرسمي على رسالة الجامعة العربية.