بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيار 2018 12:00ص سوداوية

حجم الخط
بعد يومين بالتحديد تنطلق المنازلة الكبرى لاختيار مجلس نواب جديد، ومع اقتراب موعد المنازلة، تشتد حمى المعركة بين اللوائح على كسب أصوات الناخبين، ولا تقتصر فقط على اللوائح المتنافسة بل تتعداها إلى داخل اللائحة الواحدة بسبب الصوت التفضيلي الذي يستميت كل مرشّح في سبيل كسبه كونه يغير المعادلات، كما يحصل بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل المتحالفين في دائرة عاليه - الشوف وبين حركة أمل والتيار الوطني الحر وحتى حزب الله في دائرة كسروان - جبيل، وفي عدّة دوائر انتخابية أخرى كل ذلك يؤشر إلى ان الانتخابات بفضل القانون الهجين الذي ستجري بموجبه، من شأنه ان يخلط كل الأوراق السياسية، ويقلب التحالفات التي قامت على أساس انتخابي رأساً على عقب.
إذا كان النظام الديمقراطي - البرلماني المعمول به في لبنان منذ تأسست الدولة اللبنانية هدفه من وراء الانتخابات النيابية تحديد الحياة السياسية وإعادة انتظامها من جديد، فإن القانون الحالي بكل ما فيه من عيوب وثغرات قد أسقط هذه النظرية الديمرقاطية وشرّع كل ابواب الأزمات السياسية وصولاً إلى أزمة الحكم بعد إعلان نتائج الانتخابات، وفرز موازين القوى بين الطاقم السياسي الذي يتحكم بمصير البلد منذ اتفاق الطائف، من خلال استيلائه بحكم النظام الهش على مقاليد السلطة والتحكم بمصير البلاد والعباد وفق ما تقتضيه مصالحه وطموحاته الشخصية بمعزل عن الصالح العام، والمصلحة الوطنية العليا، وليس أدلّ على ذلك من الاتهامات بالإلغاء والاقصاء التي يتبادلها من يفترض بهم، ان يكونوا شركاء في السلطة، وفي موقع سياسي واحد، ومن اللجوء المفرط إلى سياسة شد العصب الطائفي وتحريك الغرائز ومشاعر الكراهية داخل الصف الواحد كي لا نقول داخل البيت الواحد.
وإذا كان المشهد أقفل عشية المنازلة الكبرى على هذه الصورة السوداوية، فهو يعطي صورة أوضح عن المشهد الداخلي بعد إعلان نتائج الإنتخابات والانتقال إلى مرحلة إعادة انتظام السلطة من خلال تشكيل حكومة جديدة، وبدء ورشة العمل التشريعي في المجلس العتيد ولا يختلف اثنان في ظل هذا الواقع الجديد الذي أفرزته المنافسة الانتخابية على أنه يكاد يكون شبه مستحيل تحقيق المرجو من هذه الانتخابات إن لجهة قيام حكومة جديدة تغني الحياة السياسية بانجازاتها التي تحمل عناوينها في بيانها الوزاري المفترض، وإن لجهة إعادة انتظام الحياة السياسية واستقرارها، بما يؤسس لمستقبل يعول عليه في النهوض الاقتصادي والرعاية الاجتماعية وفي الاستجابة لمطالب الشعب اللبناني الكثيرة والتي عمدت السلطة السابقة إلى تجاهلها أو إلى القفز فوقها ما انتهى إلى وضع لبنان في أولويات سلم الدول الفاشلة. والكتاب كما يقول المثل يقرأ من عنوانه، وعنوان مرحلة ما بعد اعلان نتائج الانتخابات مكتوب بحبر أسود بل حالك السواد، بحيث لا يترك أي مجال للشك بأن مرحلة ما بعد الانتخابات لن تكون كما قبلها، فما قبلها نجحت التسوية السياسية في قيام حكومة وفاق وطني وفي توفير حدّ أدنى من الاستقرار السياسي والأمني، وفي تحقيق بعض الإنجازات وإن لم ترق إلى مستوى طموحات اللبنانيين، كالمؤتمرات الدولية والتعيينات والاستقرار الأمني النسبي واقرار الموازنة العامة لعامي 2017 و2018، أما ما بعد الانتخابات وما افرزته من احقاد من جهة وخلط أوراق سياسية من جهة أخرى فسيكون الوضع أسوأ بكثير من السابق ومن يعش يرَ.