بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 آب 2020 08:35ص «صديق الشعب».. رئيس فرنسا أراق ما تبقّى من ماء وجه زعماء لبنان!

حجم الخط

"لبنان ليس وحيدًا.. لن نترككم أبدًا".. هذه ليست عبارة طمأن بها أحد المسؤولين اللبنانيّين شعبه وهو يتنقّل بين جراحهم ليضمّدها معهم، أو بين ركام منازلهم ليشمّر عن ساعديه لإعمارها، بل هي عبارةٌ بلسَم بها رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون حرقة قلوب البيروتيّين على جنى العمر، وهم يلملمون حجارة رفعوها بعرق جبينهم لتقيهم شرّ الأيام، قبل أن تنهار فوق رؤوسهم.

ماكرون، ذاك الرئيس البعيد، استطاع سماع صوت أنين تلك القلوب الموجوعة على فراق الأحبة. صوتٌ لم يستطع سماعه أحد من قاطني تلك البروج العاجيّة التي باعدت بين مسؤولين يُفترض أن يكونوا في خدمة شعب انتقاهم عونًا له في محنته.

اقترب رئيس فرنسا من شعب ليس شعبه، لا مصلحة انتخابيّة تجمعه به، ولا رابطًا وطنيًّا أو مناطقيًّا، بل كلّ ما في الأمر ضمير إنسانيّ جعله يصف وجوده بينهم بـ "الواجب".

نعم، الواجب، صدّق أو لا تصدّق، الواجب دفع برئيس تلك البلاد البعيدة إلى التنقل بين أوجاع اللبنانيّين، استمع لشكواهم، لمآسيهم، لمعاناتهم. تنصّت إلى كلام عيونهم الملأى بدموع القهر من طبقة سياسيّة أرهقتهم جوعًا وذلًا وإهمالًا وفسادًا ومحسوبيّة، هجّرت قرّة قلوبهم، أو باتوا أسرى وطن بلا دولة.

شغلت صور ماكرون اللبنانيّين والعالم، وهو يربّت على أيادي "رافعي بيروت من تحت الأنقاض"، قبل أن يعانق صرخات فتاة ضاقت بها حياة فساد الحكام ذرعًا، كاسرًا تباعد "كورونا" ومقتضياته، مطمئنًا المستغيثين به لانتشالهم من قعر نظام بالٍ، بأنّه لن يدع الأيدي الفاسدة تصل إلى المساعدات المقرّرة للمنكوبين في المدينة الثكلى.

لم يصافح عون وعانق الشعب.. شعبية ماكرون تطغى على نظيره في لبنان ...

في مقابل هذه الصورة العاطفيّة التي ارتضاها ماكرون لنفسه متوجهًا بخطابه الشخصيّ إلى الناس بكلمة "يا صديقي"، كانت رسائل الرئيس الفرنسيّ تتطاير بالجملة في لقاءاته الرسميّة، حتى بلحظات صمته، وببروتوكولات لم تكتمل حتى أمام عدسات الكاميرا، وبمصافحة لم تتمّ بدعوى "كورونا" التي كانت لها بالمرصاد، وباجتماعات ضاقت بها أوقات سيد الإيليزيه.

ختم ماكرون زيارته إلى أزقة بيروت المنكوبة، محمّلًا بأثقال شعب أرهقه نظام سياسيّ، فتوعّد أركانه بأن يكون ما بعد الرابع من آب، تاريخ الكارثة المروّعة، مختلفًا عمّا قبله، وكما بدأ مشواره البيروتيّ بتغريدة بالعربيّة، أنهى رئيس فرنسا خطابه بعبارة "بحبك يا لبنان"!