بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 كانون الأول 2017 12:14ص صراع سياسي أم أزمة حكم؟

حجم الخط
الاشتباك الحاصل بين الرئاستين الأولى والثانية على خلفية استبعاد الوزير الشيعي عن توقيع مرسوم ضباط 1994، هل تحوّل إلى صراع سياسي على مواضيع أخرى، كما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس أمام وفد من قيادة الجيش، وهل كان يقصد رئيس الجمهورية بالأمور الأخرى النزاع على السلطة بين الرئاستين الأولى والثانية، أم النزاع على الطائف، على حدّ ما وصفه الرئيس نبيه برّي في معرض ردّه على تبريرات الرئيس عون لاستبعاد توقيع وزير المالية الذي يمثل الطائفة الشيعية في الحكم؟
أياً كان الجواب، فإن ما تعيشه البلاد بسبب الخلاف المستحكم حالياً بين الرئاستين المارونية والشيعية يضع البلاد أمام أزمة سياسية حقيقية ليس بإمكان أحد أن يتغاضى عن تداعياتها على الاستقرار السياسي الداخلي، الذي تجلى خلال الفترة القصيرة التي أعقبت التسوية التي حملت رئيس الحكومة إلى العودة عن استقالته التي قدمها احتجاجاً على الإخلال بالتوازن السياسي وبالشراكة اللذين ارساهما اتفاق الطائف الذي توصل إليه الأفرقاء اللبنانيون بعد قرابة عشرين سنة من الاحتراب الداخلي، لأنه فتح الباب على مصراعيه لإعادة البحث مجدداً في اتفاق الطائف عبر مؤتمر تأسيسي، كما أشيع خلال أزمة انتخاب رئيس الجمهورية، وأعاد بالتالي طرح المشكلة الأساسية المتعلقة بالشراكة الوطنية بين الطوائف الرئيسية الثلاث.
ويبدو من سياق تطورات أزمة مرسوم الضباط، والمواقف التي صدرت عن كل من رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي أن الأمور تسير في اتجاه التصعيد وليس في اتجاه التبريد، قياساً على المواقف المعلنة لكل من الرئاستين الأولى والثانية، بما لا يترك مجالاً للشك بأن أزمة المرسوم تحوّلت إلى أزمة سياسية توجب حتماً إعادة النظر في اتفاق الطائف بما يضمن الشراكة الحقيقية في إدارة شؤون الدولة بين الطوائف الرئيسية الثلاث.
وإذا كان الأمر كذلك، فالحكومة أيضاً لن تسلم، ولن تبقى بمنأى عن هذا الصراع القائم حول مفهوم الشراكة بين الطوائف الرئيسية، ولا بدّ من أن تتشظى نتيجة استمراره، إما باستقالة رئيسها أو باستقالة الوزراء الشيعة الذين يمثلون حزب الله وحركة أمل فيها، وتصبح الأبواب مشرعة حينئذ أمام أزمة سياسية مفتوحة على كل الاحتمالات التي طرحت خلال الأزمة الرئاسية، ومنها على وجه الخصوص، العودة إلى طرح عقد مؤتمر تأسيسي يُعيد البحث في الأسس التي أرساها اتفاق الطائف الذي وقّع اللبنانيون عليه قبل نحو أكثر من عشرين سنة.
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل استمرار الاشتباك السياسي حول الشراكة في الحكم بين الرئاستين الأولى والثانية هو: هل دخل لبنان من جديد في أزمة مفتوحة، تتجاوز العهد إلى إعادة النظر في النظام القائم، أم أن كل من الرئاستين الأولى والثانية يعتمد سياسة «اشتدي يا أزمة تنفرجي»؟
الأرجح أن الأمور ما زالت حتى الآن، ورغم التصعيد المتمثل بالمواقف المعلنة للرئاستين الأولى والثانية، قابلة للمعالجة، وامكان تجاوزها بتسوية مقبولة من الطرفين وعلى طريقة «لا يقتل الذئب ولا يفنى الغنم»، وخصوصاً إذا ما صحت المعلومات التي تسرّبت في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة عن جهود يبذلها الحليف الاستراتيجي لكليهما أي حزب الله، لوضع حدّ لهذه الأزمة في الاسبوع الأول من العام الجديد، وهو يأمل ان تتكلل هذه الجهود بالنجاح بما يُعيد مسار الحكم إلى طبيعته، ويعيد في ذات الوقت الاحترام للترويكا التي تدير حكم البلاد بالتعاون والتوازن، كما نص عليه اتفاق ودستور الطائف.