بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 نيسان 2018 06:00ص صرخة في واد

حجم الخط
حسناً فعل رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة إلى اللبنانيين يدعوهم فيها إلى الامتناع عن قبول الرشوة المالية وغير المالية من المرشحين للانتخابات النيابية لأن من يشتريك، كما قال الرئيس، سهل عليه ان يبيعك وأن يبيع الوطن.
الرئيس عون لم يكن ليوجه مثل هذه الرسالة إلى اللبنانيين قبل أيام معدودة من فتح صناديق الاقتراع لو لم يكن حصل على تأكيدات، من الأجهزة المعنية، بأن العدد الكبير من المتموّلين المرشحين يلجأ إلى شراء الضمائر بواسطة المال الحرام للحصول على اصواتهم للفوز بالمقعد النيابي ضاربين بعرض الحائط كل القوانين التي تمنع على المرشح للانتخابات اللجوء إلى عامل المال للحصول على أصوات الناخبين، وذلك تحت طائلة مسؤولية حرمانه من اكمال المشوار.
رسالة الرئيس عون جاءت بعدما كشف رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات انها لا تملك أية صلاحيات تمكنها من قمع المخالفات التي يرتكبها المرشحون وفي مقدمة هذه المخالفات الرشوة الانتخابية، للتدليل على ان هذه الهيئة التي من المفترض ان تعطى صلاحيات تخولها اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق أولئك الذين ينفقون الأموال الطائلة لشراء الضمائر، مستفيدين من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الغالبية الساحقة من اللبنانيين والناتجة عن تدهور الوضع الاقتصادي نتيجة غياب الدولة، لا تملك أية صلاحيات سوى المراقبة ورفع التقارير إلى وزير الداخلية المعني مباشرة وفق القانون بهذا الأمر، ولكي تظهر من جهة ثانية الأسباب التي تكمن وراء استقالة واحدة من أعضاء الهيئة التابعة إلى المجتمع المدني، احتجاجاً على تفريغ الهيئة من أية صلاحيات تمكنها من ضبط العملية الانتخابية وإيقاف عمليات شراء ضمائر المواطنين التي تشكّل اكبر خطر على سلامة ونزاهة العملية الانتخابية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، بعد اعتراف رئيس الجمهورية الصريح بالمال الانتخابي الذي يُنفق بلا أية رقابة أو محاسبة، هو: هل يرتدع أصحاب رؤوس المال عن التمادي في تصرفاتهم «على عينك يا تاجر» أم يستمرون فيها، ويسيئون إلى سمعة لبنان الدولية؟ الجواب على هذا السؤال يكون بـ «لا»، لأنه لا يوجد أي قانون يردع هؤلاء عن التمادي في شراء ضمائر الناس المعوزين، وهو ما عبّرت عنه هيئة الاشراف على الانتخابات في مؤتمرها الصحفي الذي عقدته الأسبوع الماضي، غير ان كلام الرئيس عون عن شراء الضمائر سيكون له صدى عند دول العالم التي تشارك، عبر مندوبيها، في مراقبة العملية الانتخابية في لبنان، وتسجّل المخالفات التي ترتكب وما إذا ستكون نزيهة كما يجب ان تكون أم انها ستكون خلاف ذلك، الأمر الذي من شأنه ان يُسيء إلى سمعة لبنان بين الدول المتحضرة ويضعه مع الدول المتخلفة التي لا تحترم الإنسان وحريته وكرامته.
على أي حال، لم يُطلق الرئيس عون هذه الصرخة المدوية لو لم يكن متأكداً من تفشي عادة استعمال المال لشراء ضمائر اللبنانيين، وهذه الصرخة كافية وحدها للقول مسبقاً بأن الانتخابات مطعون بها سلفاً، ولو تربّع «الفائزون بالمال» على كراسي المجلس النيابي.