بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الأول 2023 12:00ص طوفان الأقصى ووامعتصماه

حجم الخط
فجر جديد حالم خفّاقا، يبزغ نوره بسواعد المقاومين الشرفاء، ويرفع راية الأقصى في سماء المجد، وفوق رؤوس الصهاينة الجبناء.
فجر يحطّم بعزيمة الرجال الابطال، كل الحدود والسدود ويتجاوز كل المكامن والتحصينات، أبطال يحوّلون يقبضاتهم الظلام وظلم اليهود المتعطشين للدماء، إلى أمل مضيء يقضّ مضاجع هؤلاء السفلة السفهاء.
معركة طوفان الأقصى وعلى مذبح العزيمة والإيمان، تغلب الموازين وتغيّر المعادلات، وتُسقط غطرسة القوة التي (لا تقهر) لتصبح سراباً ووهماً يعشعشان في رؤوس الصهاينة، كما هو حال الكوابيس وتفاهة الأحلام.
 إنه تاريخ جديد يخطّه أبطال فلسطين بأحرف من نور وبرد اليقين وباللحم الحي وما تيسّر من النار وزُبَر الحديد، فيسطّرون ملحمة صنعت عبراً ودروساً، لكل ظالم دخيل، بكل الأرض ويدنس المقدسات ولكل جبار بدمر الممتلكات، ويقتل الشيوخ والأطفال ويهتك أعراض النساء ويعيث في الأرض الفساد.
وكم هو ذكر الشيوخ والأطفال والنساء. يغزو بالصميم الضمائر ويستولي على الوجدان. ويطيح بإذلال كل من يحمل عناوين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو منحاز إلى الظلم والعدوان، بغيظ النفاق وصفيق البهتان وكل هذه العناوين باتت على مذبح معركة طوفان الأقصى، تمرغ وجوه أصحابها بالدنس والوحول والرمال، وتُدفن على أيدي أبطالنا البررة في مزابل التاريخ وطي النسيان.
إن معركة طوفان الأقصى تستوجب وقفة عز وفخر تعيد بأنفاس المروءة والكرامة العربية لرجالها الأبطال، وعي المطبّعين، وأن يكون لإيقاعها المشرق واقع لطرد أوهام الأنظمة اللاهثة بسعيها المقيت وراء التطبيع مع الصهاينة المعتدين بذريعة الاستقرار والازدهار والخير العميم.
ألم يأنِ للمطبّعين واللاهثين أن يرعووا وتخشع قلوبهم، لما تفعله اسرائيل والمستوطنون الملاعين بمقدسات المسيحيين والمسلمين، بدعم بالمال وأفتك انواع الأسلحة تتوالى تباعاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المرضى بانحيازهم إلى إسرائيل.
نعم ذكر الشيوخ الهرمين والاطفال المعذبين والنساء المرمّلين يحث على النداء، نداء يستنهض الامة من كبوتها وينزع الجهل والوهم والضلال من عقول وأذهان هذه الانظمة التي يعتقد  قادتها أنهم بالتطبيع يحسنون صنعاً، بينما مصيرهم لن يكون إلا مع زمرة الأخسرين.
نعم وأي نعم مع هذا كله يجري النداء ويفيد مع هؤلاء وأولاء  من المطبّعين واللاهثين ومعهم الساكتون «لا ندري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا»ً :
 يا أمّاه يا أختاه المعتصم قد مات وولی زمانه وفات فعلامَ النواح والبكاء، علامَ هذا الصراخ والمروءة العربية أصبحت كفيفة وأصابها الطرش ولم يعد لها عينان ولا أذنان.
 یا أمّاه يا أختاه: صوت المرأة  في عمورية ، وهي تنادي وامعتصماه قد وصل بسرعة البرق، أما اليوم وفي عصر الانترنت ودقة التقنيات، يثبت واقعنا المرير أنها عاجزة عن نقل شكواك، فالشكوى تُنقل إلى الأحياء، وغاب عنك أن المعتصم قد مات.
 يا أمّاه يا أختاه، المرأة في عمورية كانت أخت الرجال لا تهاب الحاكم ولا تخاف من الوالي والسلطان، ولا تدمع عيناها ولا تعرف النحيب ولا البكاء، وأنت اليوم تغرقين في بحر من الدماء وتهتزين من الألم وتمرغين جبهتك بالاعتاب، وليس هناك من يسمع فكيف يلبي النداء؟
 يا أمّاه يا أختاه،  إن عويل الثكالى ودموع الأرامل وأنين الأطفال بات مألوفاً على الاسماع ولم يعد يُجدي ولا ينفع في تحريك  المشاعر والهمم، اللهم إلا في تعداد القتل والأموات والوقوف على المقابر وحفر الأجداث.
يا أمّاه يا أختاه، أبناء المرأة التي صرخت في عمورية وامعتصماه  أصبحوا أيتاماً يقفون على الأطلال. ويسامون أشد ألوان العذاب على أيدي الصهاينة شذّاذ الآفاق والغزاة، فالأبواب مشرَّعة أمامهم, والنوافذ  مفتوحة وليس من معتصم ولا معتصماه.
یا أماه يا أختاه، نتنياهو يقتل ويدمر ويسفك الدماء ووزير دفاعه يصف المجاهدين بأنهم حيوانات بشرية ولا زلت تلهثين وراء الأوهام، وأنت شاهد عيان، على الوحشية التي لا مثيل لها حتى في الغابات، وعلى الدمار والخراب، والجثث والجرحى والايتام، ناهيك عن الحرائق التي تحولت الى مقابر جماعية، وكيف تغص الساحات بالناس طلباً لشآبيب الرحمة والسلوان.
يا أمّاه يا أختاه، المعتصم لم ينجب لا الاناث ولا الذكور وانطفأ مجده وذكره، حتى اسمه قد غاب عن القرى والمدائن والنجوع وشطبته الأمة من السجلات ودوائر النفوس.
 يا أمّاه يا أختاه ، لقد تبدلت المعطيات وتغيرت الظروف، وخلف من بعده خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وهم سائرون في غيهم وسكارى يلهثون وراء الملذات والمتع وألوان الفنون.
يا أمّاه يا أختاه ، ألا تذكرين قول الجنرال غورو الشهير وهو يدوس على قبر محرِّر القدس من الصليبيين، ها قد عدنا يا صلاح الدین، فالمسلسل يستمر وأحفاده تتوالى، وأنت لازلت هائمة على وجهك من الوجع تئنين. وهل يوقظ أنيت الحرائر النائمين، وهل من المعقول ان يخترق نداؤك الأضرحة ويسمعه المعتصم وصلاح الدين.

المدير العام للأوقاف الإسلامية ورئيس هيئة أو جيرو سابقا