بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 كانون الثاني 2018 12:05ص عدم الإستقرار السياسي يُهدِّد بضياع فرصة استفادة لبنان من 3 مؤتمرات دولية

الإشتباك بين بعبدا وعين التينة حول مرسوم الأقدمية يخترق كل السقوف

حجم الخط

وصول الرئاستين الأولى والثانية  إلى الدرجة الأخيرة من السلّم يفتح الباب السياسي على كل الإحتمالات

يبدو انه لم يعد هناك من سقف يضبط إيقاع الخلاف المحتدم بين قصر بعبدا وعين التينة بشأن مرسوم الاقدمية، بعد ان اخترقت المواقف التي أطلقت في الساعات الماضية كل السقوف السياسية والدستورية والقانونية، وهو ما أوحى بأن البلد يتجه وبشكل متسارع إلى أزمة سياسية معقدة جداً، بعد ان تهاوت كل الصيغ والأفكار التي تمّ التداول بها لتجاوز هذا المطب، والتي كان آخرها المقترح الذي ارسله الرئيس نبيه برّي إلى الرئيس سعد الحريري عبر موفد النائب وليد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور والذي قال عنه رئيس المجلس من طهران بأنه مفيد للبنان وللجميع ولا يضر أي شخص ولا يعطي غلبة لأحد آملاً ان يُقبل، فبدلاً من أن تتم مناقشة هذا الاقتراح الذي على ما يبدو لم يتسلمه رئيس الجمهورية، أطلق تكتل التغيير والإصلاح النار بغزارة من خلال إعلانه بأن النقاش الدستوري والقانوني انتهى في البلد، بعد قرار هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، موصداً بذلك الأبواب على أية إمكانية للوصول إلى تفاهم حول صيغة ترضي الطرفين في ما خص المرسوم، فاتحاً في المقابل المرحلة المقبلة على كل الاحتمالات سياسياً خصوصاً وأن البلد على عتبة اجراء الانتخابات النيابية، ويدور في مدار عقد أكثر من مؤتمر دولي لمساعدته على المستويين المالي والاقتصادي ناهيك عن موضوع النازحين السوريين.
ووفق المعطيات المتوافرة فإن الرئيس برّي لن يسكت عمّا جرى في الساعات الماضية في ما خص قرار هيئة التشريع أو ما جاء في بيان «التغيير والاصلاح» وهو سيكون له موقف متقدّم بهذا الخصوص من شأنه أن يظهر صورة ما ستكون عليه البلاد في المرحلة المقبلة، وقد مهد لذلك وزير المال علي حسن خليل الذي وصف ما جاء في بيان «التغيير والاصلاح» بأنه تمويلي، معلقاً على قرار هيئة التشريع بالقول: إننا لسنا بحاجة إلى رأي غب الطلب، مستنداً إلى قرار صادر عن مجلس القضايا في مجلس الشورى في العام 1992 والذي أكّد وجوب أن يوقع وزير المالية على كل المراسيم التي يترتب عليها نتائج مالية أو أعباء على الخزينة بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وإذ كان من الصعب على مصادر سياسية متابعة التكهن إلى أين ستذهب الأمور بعد ان بلغ التصعيد بين الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي الذروة، فإنها لا ترى أي معطيات تفيد بإمكانية فض هذا الاشتباك بشكل سهل خصوصاً وأن الأفق بات مسدوداً في ضوء التراشق الكلامي العنيف الذي سجل على الجبهتين المختلفين، معتبرة ان استمرار الأوضاع على ما هي عليه فترة طويلة من شأنه ان يكون له ارتدادات سلبية على الواقع اللبناني من مختلف جوانبه.
ورأى ان الانتخابات النيابية ستكون في مقدمة الاستحقاقات التي ستتأثر بالواقع السياسي غير المستقر خصوصاً لجهة التحالفات، وهو سيجعل هذه الانتخابات إن هي حصلت في موعدها ولم تكن الحرب بين الرئيستين الأولى والثانية قد وضعت اوزارها هي الأكثر حماوة في تاريخ لبنان وستحمل مفاجآت. وثاني الاستحقاقات التي ستتأثر بالكباش السياسي هي المؤتمرات الدولية المخصصة للبنان والتي تبدأ بمؤتمر روما في بداية الشهر المقبل حول دعم المؤسسة العسكرية، مروراً بمؤتمر باريس-4 في أوائل نيسان والمتعلق بدعم لبنان مالياً واقتصادياً، وثالث هذه المؤتمرات ذاك الذي سينعقد في بروكسل حول النازحين السوريين، إذ ان كل هذه المؤتمرات تتطلب استقراراً لبنانياً داخلياً، ومن غير الممكن أن يقدم المجتمع الدولي والعالم يده لمساعدتنا فيما نحن نخوض صراعات سياسية داخلية تجعلهم «ينقزون» من أية خطوة يُمكن ان يقدموا عليها تجاه لبنان وتذهب بها هذه الصراعات ادراج الرياح.
ولا تحبذ المصادر القول بأن العلاقة بين الرئاستين قد وصلت إلى حدّ الطلاق، كون ان البنيان السياسي اللبناني قائم على التفاهمات والتسويات، ومهما توترت العلاقات الرئاسية وإنما يكون هناك أُطر معينة لاعادتها إلى طبيعتها، لأنه لا يُمكن ان يكون هناك بلد والاوصال مقطوعة بين رؤسائه.
غير أن هذه المصادر تعترف ان ما هو قائم حالياً بين الرئيسين عون وبري معقد وصعب وأنه من غير السهل ابتداع أي حل في الظرف الراهن، ويفترض ان يقوم أي فريق أو أية جهة سياسية بالعمل على تبريد الأجواء والتخفيف من حدة التوتر والتشنج ومن ثمّ الانطلاق في اتجاه التفتيش عن حل لهذه الأزمة المعقدة والحؤول دون احتراق المراكب بين رئيسي الجمهورية والمجلس لأن الوصول إلى هذه المرحلة سيشرع الأبواب امام متغيرات جذرية من النظام اللبناني الحالي.