بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 كانون الأول 2019 12:00ص عذر أقبح من ذنب

حجم الخط
الاستشارات النيابية الملزمة اصطدمت كما يدعي أرباب السلطة زوراً وبهتاناً بالميثاقية فتم تأجيلها، بطلب من المرشح الوحيد لتولي رئاسة الحكومة الجديدة إلى يوم الخميس المقبل لكي يتسنى له اجراء مزيد من المشاورات والاتصالات مع القوى المعنية تفادياً لإضافة مشاكل دستورية ووطنية إلى الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية الكبيرة التي يواجهها لبنان والتي يرى الرئيس سعد الحريري ان التركيز يجب ان يكون كاملاً على معالجتها حفاظاً على مصالح اللبنانيين ومعيشتهم وأمانهم كما جاء في البيان الذي أصدره المكتب الإعلامي للرئيس الحريري بعيد ساعات قليلة من الإعلان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية بتأجيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة إلى يوم الخميس المقبل استجابة من رئيس الجمهورية لتمني الرئيس الحريري عليه تأجيل الاستشارات أياماً معدودة.

الأسباب التي تذرع بها الرئيس الحريري لتأجيل موعد الاستشارات جاءت واهية وغير مقنعة إذا لم تكن تشكّل عذراً أقبح من ذنب، لأنه قصد بها الحفاظ على الميثاقية، لأنه لا يوجد في الدستور ولا في وثيقة الوفاق الوطني التي اصدرها اتفاق الطائف أي نص يقول بأن الاستشارات النيابية الملزمة يجب ان تراعي الميثاقية بمعنى ان تسمي كل الكتل النيابية التابعة لكل الطوائف مرشحاً ما لتشكيل الحكومة الجديدة، بل ان دستور الطائف نص صراحة على الاستشارات الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية لتكليف من يحصل على أصوات الأكثرية النيابية العددية لتشكيل الحكومة. وكان على الرئيس الحريري بدلاً من ان يتمنى على رئيس الجمهورية تأجيل الاستشارات تحت هذه الذريعة التي لا علاقة لها من بعيد أو قريب لا بدستور الطائف، ولا بالميثاقية ان ينسحب من السباق على تشكيل الحكومة عندما عرف ان الأكثرية النيابية، بصرف النظر عن هويتهم الطائفية والمذهبية، لن تسميه لتشكيل الحكومة العتيدة، للأسباب التي اوردتها في مواقف صدرت عنها، ويترك لهذه الأكثرية ان تسمي الشخص الذي تراه من وجهة نظرها مناسباً لتحمل المسؤولية، وبذلك يطوي هذا الملف الذي يتخذون منه شماعه لإطالة عمر الأزمة التي يغرق فيها البلد نتيجة للسياسات الخاطئة والكيدية ولسياسات المحاصصة التي ما زالوا رغم كل ما حصل بالبلد يتمسكون بها ويتعاطفون مع التطورات الدراماتيكية من ابراجهم العالية.

ألم يكن الرئيس الحريري يعرف قبل حلول موعد الاستشارات الملزمة ان القوى المسيحية لن تسميه لتشكيل الحكومة العتيدة كل من وجهة نظرها، فالتيار البرتقالي قال كلمته النهائية بهذا الخصوص عشية الاستشارات كذلك فعلت «القوات اللبنانية» وقبلهما فعل نواب حزب الكتائب فهو بالطبع كان يعرف ذلك، ويعرف ان ليس هناك أكثرية محترمة ستسميه لتشكيل الحكومة وبالتالي فإن حظوظه في الوصول إلى الرئاسة الثالثة أصبحت ضعيفة حتى لا نقول معدومة بعدما ارتفعت أصوات الانتفاضة اعتراضاً على عودته إلى السراي الحكومية كونه أحد رموز السلطة التي يطالب الشعب اللبناني برحيلها عن الساحة لتأتي سلطة نظيفة ذات مصداقية وهدفها الأساسي هو إعادة بناء الدولة الحديثة التي تحترم شعبها وتحافظ على حقوقه يبقى السؤال المطروح ما الذي يُمكن ان يتغيّر من الآن وحتى يوم الخيمس المقبل، ما دام التيار الوطني على موقفه المعارض لعودة الحريري وما دامت «القوات اللبنانية» على موقفها الثابت من ضرورة الاتيان بحكومة اختصاصيين مستقلة عن كل المنظومة السياسية الحالية، بطبيعة الحال لن يتغيّر شيئ ولن يتبدل المشهد السياسي ومن يعيش حتى ذلك التاريخ يرى.