بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 نيسان 2019 12:10ص عمل أم فشل؟

حجم الخط
عندما شكل الرئيس سعد الحريري حكومته، وطوى مع تشكيلها فراغٌ في السلطة الاجرائية إمتد أكثر من تسعة أشهر، وتراكمت معه كل الآمال المعلقة على حصول لبنان على مساعدات وهبات دولية أقرها مؤتمر «سيدر» وعد اللبنانيين بأن الحكومة العتيدة ستتصدى لكل الملفات المتراكمة وستعود عليهم بالمن والسلوى، بمعنى انها ستكون حكومة الخلاص من كل التحديات التي تُهدّد البلاد  بالويلات والمصائب، ولكي يُؤكّد على تصميمه على تحقيق إنجازات كبيرة، أطلق عليها حكومة «الى العمل» وكان يقصد بهذه التسمية ان هذه الحكومة التي ولدت في قلب العاصفة، لن تتوانى لحظة واحدة عن العمل حتى يتجاوز لبنان كل مصاعبه ويتعافى منها ليطلع إلى مستقبل مشرف، مليء بالانجازات الحقيقية التي تمكنه من استعادة العافية، وتجاوز المصائب التي ولدت من رحم الخلافات بين القوى التي تسيطر على الدولة، وتتقاسم مواردها في ما بينها كما هو معروف من جميع اللبنانيين، ويرددونه في كل خطاباتهم، عندما ينزلون إلى الشوارع احتجاجاً على الإهمال الذي أوصلهم إلى ما دون حدّ الفقر.
وها قد قضى قرابة الثلاثة أشهر على تشكيل حكومة إلى العمل وعلى وعد رئيسها بالمن والسلوى، تثبت يوماً بعد آخر انها لم تكن على المستوى الذي ينتظره اللبنانيون، فبدلاً من ان تكون حكومة إلى العمل وكأنها حكومة إلى الفشل والأدلة على صحة من يقال في هذا الخصوص انها لم تحدث حتى الآن أية خطوة نوعية على طريق الإصلاحات التي وعدت بها أو التي طلبها منها المجتمع الدولي كشرط أساسي للإيفاء بما تعهد به من هبات ومساعدات لإصلاح الحال، والحؤول دون انهيار الدولة الذي بدا للدول المانحة وكأن محتم.
نقول مضى على وعود رئيس الحكومة أكثر من شهرين وحكومة الي العمل لم تعمل شيئاً على صعيد خفض العجز من خلال موازنة عامة تقشفية، ولا على صعيد الإصلاحات الأخری التي طلبها المجتمع الدولي كملف الكهرباء سوی تشكيل لجنة وزارية تضم كل الفرقاء المتنازعين على كيفية إصلاح الكهرباء ووقف الهدر الذي تجاوز حتى الآن العشرين مليار دولار أميركي.
أما عن الإصلاحات الأخرى، وفي طليعتها إجتثاث الفساد المستشري في كل مرافق الدولة واداراتها، فقد غاب عن الحكومة بشكل كامل، ولم يبقَ منه سوى تبادل التهم بين القوى التي تتحكم بالبلاد والعباد من دون أن تظهر هناك أية جدية عند هذه الحكومة بأنها صادقة في محاربة هذه الآفة واجتثاثها من جسم الدولة، لتقدم بذلك صورة إيجابية للمجتمع الدولي الذي أثبت حتى الآن انه يريد فعلاً مساعدة لبنان واللبنانيين لكن المسؤولين عنه لا يريدون ان يُساعدوه بل يمضون في نهبه وتوزيع ما تبقى من ثرواته على الجيوب الممتلئة لكي تزداد امتلاءً، وتزداد خزينة الدولة فراغاً.
إن هذه الصورة تكشف ان حكومة إلى العمل تحوّلت بإرادتها أو من دونها إلى حكومة إلى الفشل، حتى في نظر المجتمع الدولي كما جاء على لسان وفد البنك الدولي الذي زار لبنان مؤخراً واطلع عن قرب ليس على مشروع حكومته بل على سوء ادارتها للدولة.