النظام الديمقراطي البرلماني له خصوصياته بين الأنظمة. إنّ مجلس نوّاب يتكوّن من فئات ثلاث أهمها هي:
- فئة الموالين.
- فئة المعارضين.
- فئة المستقلين.
نتناول أدناه الفئتين الأولى، والثانية.
الموالون يؤيّدون الحكومة القائمة بعكس المعارضين. هؤلاء يعارضونها، يراقبونها، ينتقدون ما يرون فيها من مجال للإنتقاد، يحاسبونها على أدائها، كل ذلك صوناً لمصلحة الدولة العليا. وحين يتغيّر الحال وتصبح المعارضة في الحكم في المعارضة، يستمر النظام عينه ولا يسقط.
المعارضة في النظام الديمقراطي البرلماني ضرورة لقيامه وانتظامه، إذ في غيابها يمكن للحاكم أنْ يجنح إلى اتخاذ قرارات لا يشاور أحداً فيها قبل اتخاذها. فإذا كانت لغير مصلحة الدولة ومؤسّساتها، تعرّضت هذه لخضات سياسية.
دور المعارضة إذاً المحاسبة والمراقبة، ولا يكون النظام بغيابها ديمقراطياً، وإنّما يتّخذ أشكالاً أخرى متعدّدة.
النظام الديمقراطي يكون على شاكلتين، فإما جمهوري وإما ملكي. في الحالة الأولى، ينتخب الرئيس لولاية واحدة. بعض الأنظمة تسمح له بالتجديد بموافقة المجلس طبعاً. البعض الآخر يحتم عليه أنْ ينتظر مرور ولاية واحدة ليترشّح.
أوردتُ هذه المقدّمة لأقول إنّنا في لبنان اليوم نمارس النظام الديمقراطي وفق أصوله، ذلك لأنّ المجلس ليس فيه معارضة أي كتلة نيابية تعتبر نفسها معارضة وتقوم بهذا الدور.
لبنان عرف في تاريخه تأثير المعارضة في الحياة السياسية، فقد تمكّنت المعارضة المتمثّلة في السنوات العشر الأولى من الخمسينات بالجبهة الاشتراكية، من أنْ تُسقِط حكم الرئيس الشيخ بشارة خليل الخوري بعد أنْ نجحت بتأييد الشعب لها، ودفع المجلس النيابي إلى إلغاء تجديده له.
كما أنّه في التسعينات، تمكّنت كتلة مؤلّفة من ستة أعضاء، هم (سليم الحص، عمر كرامي، نسيب لحود، بطرس حرب، حسين الحسيني ومحمّد يوسف بيضون) أنْ يشكّلوا معارضة نيابية تمكّنت من تصويب عمل الحكومة، فقد كانت تجتمع مرّة كل أسبوع، ويصدر عنها في نهاية اجتماعاتها، بيان كان الرأي العام ينتظره لمعرفة المستجد في الوضع العام في البلد.
أنا أدعو بعض النوّاب الحاضرين أنْ يلتقوا ويشكّلوا كتلة معارضة تصحيحاً للوضع السياسي النيابي الراهن، أملاً في أنْ يتوصّلوا إلى تحقيق ذلك قريباً. وليكن معلوماً أنّ لا ديمقراطية لأي نظام لا معارضة فيه.
* نائب ووزير سابق.