بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 نيسان 2023 11:40م عندما يزول الوطن لا ينفع الحساب

حجم الخط
أيها اللبنانيون، كل اللبنانيين ما أحوج وطننا الذي تعصف به انهيارات في كل مؤسساته ووجوده، وما أحوج الشعب اللبناني بكل مكوناته المرمي من حكامه المتربعين فوق سلطاته والممسكين بمفاصل الدولة التي تتداعى كيانا ووجودا ومواطنين بات مصيرهم الهروب الى اللامكان، إلى الغموض انه المواطن الهارب من وطنه، ومن ذاته البائس لأنه شعب تعرّض ويتعرّض كل وقت لإساءات بليغة وإهانات كبيرة، ويرى وطنه الجميل، وطن العلم والثقافة والرواد، وطن الجمال الموصوف بسويسرا الشرق وشعبه المثقف، والحيوي والمنتج والمقدام والذي وصل الكثير من أبنائه إلى مواقع وسلطات ورئاسات لدول أخرى يرى نفسه اليوم يعيش آخر لحظات وجوده ليس بفعل قوى أجنبية محتلة أو بفعل مؤامرات كونية عليه فحسب بل بفعل جهل وجهالة وتحكّم الطبقة السياسية التي قادت البلاد إلى جهنم الحمراء والشعب إلى عالم المجاعة والفقر والعوز والهروب إلى بقاع الدنيا مكسورا مذلولا، ومع كل ذلك لا يرى إلا مشاكل سياسية وحياتية ومالية اقتصادية وحتى المدارس والجامعات توقفت والشهادات العليا تمنح من الأحزاب تزويرا، وإدارات الدولة العامة والخاصة يجري حشوها بالأزلام لقاء رواتب عالية، وعلى ذلك قسْ جرائم اللعب بالدولار والغلاء الذي هو وليد سرقات لم يعرفها شعب من الشعوب إضافة إلى العتمة والظلام حالك السواد الشبيه بوجوه المتحكمين وقطع المياه وما ينتجه من عطش يفضي إلى موت الإنسان ويمنع نمو النبات والغذاء ومصادرة الدواء والمحروقات من تجار الحروب المتحزبين العاملين تجار الموت ولا يلمس الشعب أية حلول أو مشاريع بل حالات خصام وصراعات وتهديد وتهديد مضاد واتهامات بين شخصيات الطبقة السياسية المتحكمة غصبا بالبلاد والعباد، وهكذا لبنان يعيش فصولا خطيرة من فشل إلى فشل ومن نكسة الى نكسات ومن بلوة إلى بلاوي عديدة وما زال المتربعون على الحكم ومنهم نواب المجلس النيابي الملحق بهذه الطبقة السياسية التي سجلت أرقاما عالية بالفشل المقصود والعجز المعهود، عجز العبيد الذين لا يحسنون إلا حمل الحجارة وتهديم وطن.
المواطن اللبناني اليوم من كل مكوناته الطائفية والمذهبية والمناطقية يترحّم على أيام وسنوات الحرب الأهلية اللبنانية رغم وطأتها الشديدة ومليشياتها الطائفية التي مارست القتل الطائفي على الحواجز، كان لبنان بشعبه يعيش بحبوحة مالية واقتصادية وتعليمية خلال تلك الحرب ورغم الحصار والصراعات المليشيوية فيما بينها ما عانى لبنان ولا المواطنون القهر والإذلال وإقفال المؤسسات والتعطيل شبه الدائم لمواقع السلطة ولا للمؤسسات، والمواطن الآن يلعن الساعة لسيطرة هذه الطبقة الفاشلة والعاجزة بل المتآمرة على البلاد والعباد والتي هي مصممة على سيادة الفوضى وعلى ما يبدو لكل فريق من هذه الطبقة يريد أن يبيع هذا الوطن أو يقدمه هدية لأسياده من دول أجنبية، وعليه عجز المجلس النيابي عن القيام باولى مهماته وهو انتخاب رئيس جمهورية للبلاد، لقد اعتاد هذا المجلس ونوابه الذين قرارهم لأسيادهم بالداخل والخارج أنهم ممثلون لغير من انتخبهم ولغير وطنهم فلا بأس والمجلس النيابي هو الأول الذي مارس التعطيل متجاوزا الدستور والقوانين وحتى الأعراف التي يتشدق بها الطامعين للسيطرة والهيمنة ومن جاءوا بشعارات الإصلاح والتغيير وكانت نتيجة أفعالهم الخراب والتدمير والنهب المنظم وغير المنظم وتجميد البلد وتعطيله على مدى سنتين ونصف السنة لجلب الرئيس القوي، بيّ الكل، الى أن جاء وماذا كانت النتائج المرجوة من هذا المجيء، واقع الحال اللبناني الحالي وعلى مدى العهد القوي أصدق أنباء من الكتب ومن المطبّلين والمزمّرين والخائفين من التحدث عن المصائب والنافخين بالأقزام لتصويرهم زورا بالعمالقة.
وهناك من المواطنين الحريصين على وطنهم ومواطنيهم وعلى سمعته ودوره العلمي والثقافي والسياحي وجنة الحرية التي لازمت وجودة وبات لبنان وعاصمته سيدة العواصم ملجأ المضطهدين والهاربين من تعسف سلطاتهم وبات المدرسة والجامعة والمصرف والمصيف والمشفى لكل دول المحيط ومواطنيها ولشعوب أجنبية أخرى، راح هؤلاء يقارنون حال وطنهم بين مرحلتين، مرحلة قوة لبنان في ضعفه، وقوة لبنان في مقاومته وأصحاب هذه المقارنة هم من أهل لبنان المقاوم ويريدون من ذلك لفت النظر للمخاطر التي يتعرض فيها لبنان والطبقة السياسية غافلة عنه وبات البحث عن المغانم الخاصة تحت ستار حقوق الطوائف والحزب الأكثر تمثيلا في انتخابات أغلبها مزورة وخاضعة للتهديد والوعيد وكتم الأنفاس بدل البحث والاهتمام بإنقاذ وطن جعلوه أشلاء كل يريد أن يأخذ منه حصة فماذا كانت النتيجة بداية، الفعل المقاوم الباهر والشجاع والذي رفع لبنان وشعبه إلى مصاف القدوة والبطولة بين دول وشعوب العالم هو خارج هذه المقارنة وإنما المقارنة بالمسلك المتبع والذي سار أو سير عليه لبنان لعل الجميع يتعظ ويفكّر مليّا وعميقا ماذا حلّ بهذا الوطن المقاوم والذي حرّر نفسه وأرضه وجنوبه بأغلى رجالاته وقدّم مواكب الشهداء الأحياء عند ربهم وهم فخر البلاد والأوطان.
هل مقبول هذا الصراع بين القوى المسيطرة على البلاد والعباد أن تفشل على إجراء حوار مسؤول فيما بينها، وتفشل في انتخاب رئيس جمهورية للبنان، ويسرح هذا الاستحقاق إلى الخارج ليرسموا للبنان أو يفرضوا رئيسا للجمهورية؟! هل تعوّدت هذه الطبقة الركون للوصايات المتعددة للخارج وهل باتت امتدادات لدول خارجية وفَقدَتْ الاستقلالية، أضاعت العيش الواحد بين أبناء الوطن الواحد؟!
لبنان الذي اقترنت قوته بضعفه وهذا ما يرفضه العقل والمنطق تمكّن رجاله من الكبار، رياض الصلح الزعيم الوطني رئيس حكومة لبنان مع رئيس الجمهورية الأول لدولة الاستقلال بشارة الخوري على إنتاج الميثاق الوطني والسير بدولة الاستقلال لتكون في مصاف الدول المحترمة عربيا ودوليا ودفع الزعيم رياض الصلح ضريبة دفاعه عن لبنان باغتياله وهكذا قدر أغلب رؤساء حكومات لبنان؛ الشهيدين رشيد كرامي ورفيق الحريري، هذا اللبناني الضعيف وقف بوجه أميركا عندما نزلت بقواتها العسكرية لبنان اثر ثورة ١٩٥٨ وأخرجت وفشلت وأفشل معها حلف بغداد الاستعماري وبعدها اختار لبنان الموصوفة قوته بضعفه اللواء فؤاد شهاب قائد الجيش اللبناني ومن أهم وأبرز مؤسسيها رئيسا للجمهورية وتمكّن هذا الرئيس القائد وبالتعاون الوطني مع رئيس الحكومة رشيد كرامي من بناء دولة المؤسسات والجيش القوي وجعلوا من لبنان وطن العزّة والكرامة لمواطنيه كل مواطنيه وواحة عربية لأشقائه من الدول العربية، وبات لبنان مصيفا لكثير من رؤساء دول الخليج ومقصدا لشعوب أجنبية تأتي لتتعلم من التجربة اللبنانية الفريدة، كانوا رجال حكم وحكومات بامتياز رغم المؤامرات الصهيو - أميركية.
وماذا حلّ بلبنان الذي باتت قوته بشعبه وبجيشه الوطني ومقاومته البطلة هل بزمن الانتصار نفقد بوصلة الوطن ونفشل بانتخاب رئيس للبلاد ويصبح الوطن في حالات من التفكك والضياع ودول العالم الشقيقة والصديقة بحّ صوتها وهي تنادي الطبقة المتحكمة بالبلاد الذي أصبح مرثية بكائية بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة تقود الإصلاح وتؤمّن أبسط مقومات الدولة، المياه غير الملوثة والكهرباء غير المقطوعة والمسروقة أموالها بالمليارات والكشف عن المجرمين والقتلة الذين اغتالوا الناس والأهالي بوضح النهار والكشف عن الذين جلبوا النترات إلى مرفأ لبنان وركنوها في مستودعاته سبع سنوات طوال ثم فجّروها على بيروت وأهاليها والقاطنين فيها والضحايا البررة والهدم والدمار الذي طال المنازل والمدارس والمستشفيات وإستعادة أموال المودعين الآن لا وجود ولا حياة للمتربعين المتسلطين على مقدرات البلاد حتى القضاء أطاحوا به لأن منهم من أخضعه لمصالحه. ان أسهل شيء في هذا الوطن هو انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة قادرة على الإصلاح لكن المتحكمين بالبلاد هم خارج هذه المطالب والاهتمامات وعندما يزول الوطن لا ينفع الحساب ولا يفيد الندم ومطلوب على حكماء لبنان خارج كل السياسيين والأحزاب وتوابعهم من الكتل والنقابات والأشخاص مواطنون حكماء من خارج لوثة السلطة والسلطات المفكرين والفلاسفة والمثقفين والمبدعين ومن أصحاب الدين والاخلاق من المستقلين المرتبطين بوطنهم فقط والحريصين على استعادته من أيدي الضالين لرسم بناء جديد يليق بشعبه العظيم حقا. وأخيرا نقول الحرص على الوطن هو المطلوب وحماية المقاومة مطلوبة أيضا بمواجهة العدو الصهيوني، هذه ثوابت لبنانية لكن المشكلة بالمسلك المتبع من الطبقة السياسية وهي الآن في طريق الضلال والضياع بحق الوطن والمواطنين والنصر والانتصار فاعتبروا؟!
لبنان الذي عانى شعبه منذ الأربعينات حتى التسعينات واجه وصمد وحلّق بإبداعات لا يستحق هذه الظلمة والنهب والاذلال من قبل سلطة ومنظومة تحكّمت برقاب العباد وحوّلت لبنان من دولة إلى منظومة بأساليب العصابات والمافيات وتجارة المخدرات، ما يحتاجه لبنان واللبنانيون وأشقاء لبنان وأصدقائه رجال دولة ومهما كانت الظلمة حالكة فالشمس بآخر النفق مشرقة وساطعة إيذانا بفجر يوم جديد.