بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 تشرين الثاني 2017 12:22ص عودة إلى ملف التطبيع

حجم الخط
ما أن طوي ملف تطبيع العلاقات مع سوريا، الذي يُلح عليه حزب الله، وفريقه في 8 آذار، بعد الرفض القاطع لرئيس الحكومة سعد الحريري وفريقه المتبقي من 14 آذار كالقوات اللبنانية، عاد هذا الملف ليُفتح على مصراعيه من باب توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة على مرسوم تعيين سعد زخيا سفيراً للبنان لدى سوريا، فما الذي تبدّل بين الأمس القريب واليوم، حتى يتبدّل الموقف الرافض لرئيس الحكومة من تطبيع العلاقات مع نظام شبه معزول عربياً ودولياً بسبب المجازر التي ارتكبها ضد الشعب السوري، والتي تجاوزت النصف مليون ضحية ومئات آلاف المفقودين، وما لا يقل عن عشرة ملايين موزعين في كل أصقاع العالم هرباً من القتل أو السجن، وبحثاً عن ملاذ يتنفسون فيه الحرية الا إذا كان رئيس الحكومة يعتبر بأن تعيين سفير جديد في سوريا لا يُبدّل ولا يُغيّر من الواقع شيئاً، فالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين لم تنقطع على مدى السنين الست الماضية، والسفير السوري لا يزال موجوداً في لبنان، كذلك الأمر بالنسبة إلى السفير اللبناني الموجود في سوريا، لكن ذلك الواقع لا يؤدي إلى قبول لبنان بالتطبيع الكامل مع النظام القائم، وموقف الحكومة كان واضحاً لهذه الناحية عندما اثيرت زيارة عدد من وزراء 8 آذار الى العاصمة السورية، وايضاً عندما أثار فريق 8 آذار، ومعهم التيار الوطني الحر، مسألة التنسيق مع النظام السوري لتأمين عودة النازحين، الذين يشكلون عبئاً ثقيلاً وقنبلة موقوتة، إلى بلادهم.
وبصرف النظر عن الحجج والذرائع التي يتمسك بها رئيس الحكومة، فإن تعيين السفير زخيا جاء فرصة للفريق الموالي للنظام السوري للعودة من الباب العريض إلى القول بسقوط كل الذرائع التي كان يستخدمها رئيس الحكومة وفريقه لرفض التطبيع، ووجوب ان تستتبع خطوة تعيين السفير بالتواصل مع النظام الذي لا يزال حتى اشعار آخر قائماً في دمشق، إذ من غير المعقول ولا المقبول استمرار الانقطاع التام بين الدولتين كما لم يعد هناك أي مبرر لهذا الانقطاع، خصوصا وأن لبنان هو صاحب المصلحة الأولى في إعادة التواصل مع نظام باتت معظم الدول الغربية تتسابق للتعامل معه، بعدما استطاع ان يثبت اقدامه في سوريا، ولو كان ذلك بدعم غير مسبوق من الدولة الروسية وإيران، وغض الطرف من قبل عدد من دول الغرب ليست الولايات المتحدة الأميركية ببعيدة عنها، كما يدل على ذلك توقفها عن المطالبة بقيام حكم جديد في سوريا لا يكون للأسد مكاناً فيه، وانضمامها العلني إلى مشروع التسوية السياسية الذي تعمل روسيا على التوصّل إليه، وفق ما يفيد الرئيس الروسي بوتين ووزير خارجيته قبل وخلال وبعد اجتماع استانا.
وفي كل الأحوال، فإن توقيع مرسوم تعيين سعد زخيا سفيراً للبنان في سوريا، لا بدّ وأن تكون له تداعيات سلبية على الوضع السياسي الداخلي، الا إذا اقتنع الفريق المعارض لهذه الخطوة بما يقوله رئيسا الجمهورية والحكومة بأن التحاق السفير زخيا بمركز عمله لا يُلزم العهد الاعتراف بالنظام، ولا الحكومة بتطبيع العلاقات كون الملف السوري موضوعاً خلافياً ولا يدخل في صلب التسوية التي ارتكزت على اتفاق داخلي بوضع الملفات الخلافية خارجها. الأمور مرهونة بما تحمله من تطورات، ليس على صعيد لبنان وحسب بل على صعيد المنطقة أيضاً.