بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2019 12:13ص عودة سوريا إلى الحضن العربي مرهونة بتجاوبها وبما يُرسَم روسياً

معضلة التأليف غير بعيدة عن تطوّرات الإقليم وإن كانت العُقدة داخلية

حجم الخط
يفتح تجدّد الكلام عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية فصلا جديدا من العلاقات بين دمشق والدول العربية وإن اختلفت تطلّعات وأهداف كلّ من الطرفين، إثر ثماني سنوات من الحرب الدامية التي عصفت بعاصمة الأمويين منذ ما عُرف بثورة آذار من العام 2011. 
ينظر مراقبون إلى استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية على أنّه خطوة لطيّ صفحة القطيعة مع دمشق على قاعدة إبعادها عن النفوذ الإيراني في المنطقة إثر الدور الذي لعبته طهران في الحرب السورية، وما اعتبرت أنّه انتصار لمحورها بعدما أوشكت الحرب على الأفول وكُرّس بشار الأسد رئيسا للبلاد، لا النظام فحسب، ريثما يتبلور الحلّ السياسي الذي تخيطه موسكو بتعاون وثيق مع اللاعبين الفاعلين على الساحتين الدولية والاقليمية.
ويضيف هؤلاء أنّ المبادرة العربية باتجاه دمشق تمثّلت بخطوات متتالية كان أوّلها زيارة الرئيس السوداني عمر البشير الى سوريا منتصف الشهر الفائت وما تلاها من فتح دولة الإمارات العربية المتحدة أبواب سفارتها في دمشق في استعادة للعلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ سنين الحرب الثمانية، وصولا الى الزيارة المُرتقبة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الى سوريا قبيل منتصف هذا الشهر، في حين تُتداول في بعض وسائل الإعلام أنباء عن عزم تونس دعوة الرئيس السوري الى حضور القمّة العربية في شهر آذار المقبل (على أن تكون قمّة بيروت منصّة إطلاق دينامية العودة السورية)، رغم قول وزير الخارجية التونسي إنّ بلاده لم ترسل دعوات حاليا إلا للسعودية والإمارات، مشيرا إلى أنّ اتخاذ قرار حول سوريا قد يتمّ بعد اجتماع الرؤساء العرب في القمّة. 
وسط هذه الأجواء، لا يشير المراقبون أنفسهم الى أنّ عودة سوريا الى الحضن العربي من خلال الجامعة العربية ستردم الهوّة الفعلية التي نشأت بين دمشق وغالبية العواصم العربية التي اتُّهمت بتسعير الحرب في سوريا لإنهاء نظام بشار الأسد، كما أنّ هذا الأخير لن يتخلّى بسهولة عن إيران، حليفه الاستراتيجي، كرمى لعيون الدول العربية الهادفة من خلال احتواء سوريا، إثر المعادلات الجديدة التي أفرزتها الحرب، الى الدخول الى مرحلة إعادة الإعمار الواعدة بالمليارات. ويشيرون إلى أنّ معالم المرحلة المقبلة ستتّضح شيئا فشيئا مع توالي الأحداث في المنطقة لا سيما ما يُنتظر من انسحاب للقوات الأميركية من سوريا كما وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وما ستكون عليه الترتيبات الروسية للحلّ السياسي. 
أمّا لبنانياً، فيلفت المراقبون الى أنّ عودة سوريا الى الحضن العربي، إذا ما تمّت، لن تعني استعادة دمشق لسياستها السابقة تجاه بيروت وتحديدا للفترة التي تعود الى ما قبل العام 2005 حينما سحبت قوّاتها من لبنان ورفعت يدها عن القرار السياسي للدولة اللبنانية، بحيث أنّ المناخات الدولية والإقليمية تبدّلت وفرضت واقعا جديدا ينبغي التعامل معه بطريقة مغايرة عن عقليّة الوصاية. 
وسط هذه الأجواء، لا يبدو الكباش الداخلي حول تشكيل الحكومة بعيدا من التطوّرات الإقليمية بعيون المراقبين أنفسهم، الذين يرون في وقوف حزب الله حتّى النهاية عند خاطر النواب السنّة المعارضين دليلا على سياسة واضحة بضرورة تمثيل حلفائه داخل الحكومة بشخصية تعبّر بوضوح عن خطّهم السياسي الموالي لمحور الممانعة، وسوريا جزء أساسي منه. وفي الإطار نفسه، يأتي بيان كتلة الوفاء للمقاومة بعد اجتماعها الدوري هذا الأسبوع، الذي شدّد على دعوة سوريا الى القمّة الاقتصادية التي ستُعقد في لبنان «بالاستناد الى المناخ العربي الإيجابي وبالنظر الى انّ لبنان يجدر به أن يكون في طليعة المبادرين الى تعزيز هذا المناخ»، كما ورد في بيان الكتلة.