بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 تشرين الأول 2019 06:04ص عون يعد بحكومة نظيفة فلماذا تباطأ في تحديد موعد الإستشارات الملزمة؟

الثورة تنسحب من الشارع في بادرة حُسن نيّة فهل يتلقفها الحُكُم؟

حجم الخط

اعرب المنسق العام للأمم المتحدة في لبنان كما نصحت الحكومتان الأميركية والفرنسية ودول أوروبية، المنظومة الحاكمة بوجوب الإسراع في تشكيل حكومة جديدة  


في استقالته استجابة لمطالب الشارع المحتقن الذي ملأ المساحات طوال 13 يوماً داعياً أرباب السلطة إلى الذهاب إلى بيوتهم لتأتي إلى الحكم السلطة الممثلة له على ان تكون استقالة حكومة «هيّا إلى العمل» الخطوة الأولى بوصفها السلطة التنفيذية التي تتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلاد على كل المستويات الأمنية والاقتصادية وحتى السياسية التي أدّت إلى عزل لبنان عن العالم ولا سيما عن العالم العربي، يكون الرئيس سعد الحريري ألقى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والثنائي الشيعي وحلفائه الذين ينسبون إلى جبهة الممانعة بقيادة النظام السوري وإيران على أمل ان يتلقف هؤلاء الذين اعربوا في أوّل ردّ فعل عن عدم ارتياحهم لهذه الاستقالة المفاجئة التي قدمها الرئيس الحريري قبل التشاور مع شركائه في الحكومة بدءاً برئيس الجمهورية وانتهاء بالرئيس نبيه برّي وحليفه الاستراتيجي حزب الله. وبدلاً من ان يبادروا إلى تلقف كرة الاستقالة وابدائهم كل الاستعداد للاستجابة الكاملة لمطالب الثوار الذين ينتظرون في الشارع. لتكون البداية للانفراج والعودة بالبلاد إلى حالتها الطبيعية لجأ هذا التحالف من جديد إلى المناورة في محاولة منه للالتفاف على الشعب الذي لم يترك الساحات بإنتظار الخطوات التالية التي سيقدم عليها رئيس الجمهورية وحليفه الرئيسي حزب الله الذي أعلن أمينه العام في الأيام الأولى لانتقاده الثورة عن رفضه التام لاستقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة حيادية لا تنتمي إلى الطبقة السياسية الممثلة بالحكومة الحالية والتي اوصلت الشعب اللبناني إلى هذا الوضع الصعب واجبرته على إعلان الثورة على هذه السلطة لاسقاطها، وإعادة الاعتبار للشعب بوصفه مصدر السلطات.

وكان الشعب الثائر تعبيراً منه عن استعداده للتعاون وإعطاء الفرصة للطبقة الحاكمة لإعادة محاسبة نفسها والتجاوب مع مطالب الثوار وفي مقدمتها تشكيل حكومة تكنوقراط من خارج الطبقة نفسها تكون مهمتها إقرار كل الإصلاحات التي أعلنت في الورقة الإصلاحية التي أقرّتها الحكومة المستقيلة وفي مقدمتها محاسبة كل الذين شاركوا في نهب المال العام إلى ان اوصلوا البلاد إلى حالة الإفلاس التام، أي إلى الانهيار الذي حذر منه المجتمع الدولي قبل اللبنانيين المعارضين منذ البداية لهذه الحكومة المستقيلة، ودعوا أرباب السلطة إلى استدراك الأمر قبل حصول الكارثة واضطرار الشعب اللبناني الذي يُعاني من الفساد والافساد إلى درجة غير مسبوقة لا في تاريخه وتاريخ شعوب العالم القديم والحديث لكنهم لم يلقوا منها أي جواب سوى التمادي في تنفيذ سياساتهم المبنية أولاً وآخراً على إعطاء الأولوية لتحقيق المصالح الخاصة على حساب مصالح الشعب اللبناني بكل اطيافه وطوائفه ومكوناته السياسية والحزبية الذي كان يأمل في ان تكون حكومة «هيا إلى العمل» خشبة الانقاذ من هذا الوضع المأزوم بحيث توفّر عليه النزول إلى الشارع وإعلان الثورة على أولئك الذين اوصلوا البلاد إلى هذه الحالة والاصرار على عدم الخروج من الشارع قبل سقوط هذه المنظومة التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن وصول البلاد إلى الحالة المزرية التي يتخبّط فيها آلان، ومحاسبتها على ما ارتكبته من موبقات طوال فترة استيلائها على الحكم. لكنها وبعد ان قدم الرئيس الحريري استقالته أقدمت ومبادرة منها للتعبير عن حُسن النية على فتح الطرقات وانتظار الخطوات التالية التي ستقدم عليها هذه المنظومة ومعرفة مدى استجابتها للمطالب التي أعلنت من ساحات الاعتصام من العاصمة بيروت إلى العاصمة الثانية طرابلس، ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب والبقاع والجبل، وكل المناطق اللبنانية في مظهر عابر للطوائف والطائفية التي كان تشكّل عائقاً دون قيام نظام يحقق العدالة والمساواة بدلاً من المحاصصة ونهب المال العام وتفقير الشعب عن قصد وتصميم ليبقى اسيراً عند أرباب هذه المنظومة، وبدلاً من ان تتلقف هذه المنظومة البادرة بخطوات عملية أظهرت في ردّ فعلها على استقالة الحريري ارباكها وعدم رغبتها في ان تلاقي الثورة في منتصف الطريق، وظهر ذلك في تصرف رئيس الجمهورية حيال استقالة الحريري بما يدل على انه مستاء منها، ويعتبر انها موجهة ضد عهده، فبدلاً من ان يسارع إلى تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة التي يطالب بها المتظاهرون باعتبارها مدخلاً إلى تحقيق باقي المطالب، ترك الباب مفتوحاً للسؤال عما إذا كان هذا التأخير في تحديد موعد هذه الاستشارات مقصوداً للالتفاف على الإرادة الشعبية التي تقول بوجوب الإسراع في تشكيل حكومة التكنوقراط كبادرة حسن نية من هذه المنظومة وكإعتراف بأحقبة كل المطالب التي رفعها الثوار في الشوارع واصروا على واجب تنفيذها قبل الخروج من الشارع.

وفي هذا السياق تقول مصادر سياسية ان الممسكين بالحكم في حالة ضياع وفقدان بوصلة توجهات الشعب الثائر في ضوء ما سموه مفاجأة الحريري في تقديم استقالته قبل الاتفاق على البديل وعلى خريطة طريق تقي البلاد الفراغ الذي حذر منه منذ ان فتح الشعب ملف التغيير الحكومي كشرط أساسي للخروج من الشارع، والسؤال الذي يتردد وفي الوسط السياسي هل ان الهدف من التأخير في تحديد مواعيد الاستشارات النيابية والابقاء على حكومة تصريف الأعمال اطول مُـدّة ممكنة، هو ابعاد الحريري على قاعدة انتقامية بعدما أعلن انه يرفض ترؤس أية حكومة من غير الاختصاصيين أم يعيدون تسميته كونه حاجة وضرورة للمرحلة على ضوء نصائح خارجية اسديت إلى المسؤولين بوجوب الإسراع في تشكيل الحكومة غير السياسية استجابة لمطلب الشعب اللبناني الذي ما زال يملأ الساحات.

 وقد اعرب المنسق العام للأمم المتحدة في لبنان كما نصحت الحكومتان الأميركية والفرنسية ودول أوروبي، المنظومة الحاكمة بوجوب الإسراع في تشكيل حكومة جديدة  في أقرب وقت كي يتمكن لبنان من استعادة عافيته وتفعيل اقتصاده وبالتالي خروجه سالماً من المحنة التي يتخبّط بها، وتعتقد هذه المصادر ان رئيس الجمهورية تلقف هذه النصائح الدولية وتعهد امام الرابطة المارونية التي زارته أمس بأنه ستكون لبنان حكومة نظيفة، معتبرا ان الحراك الشعبي الحاصل فتح الباب أمام الإصلاح الكبير وفي حال لم يتجاوب معه سيعود من جديد إلى الساحات.