بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 أيار 2023 12:00ص غزّة ضحية إيران وإسرائيل والعجز العربي

حجم الخط
 لم تعد لعبة التصعيد الايراني الاسرائيلي في غزّة مخفية على احد، بل اصبحت مكشوفة للجميع. تبادل ادوار، وارسال رسائل بالدم والنار، تحديد وترسيم مناطق نفوذ، تنشط الوساطة المصرية المعتادة، يتم تبادل الشروط والتعهدات الكلامية، وينتهي التصعيد بوقف اطلاق نار جديد. تدمير ممنهج للمدينة، قتل قسم من سكانها، وتهجيرهم من حي الى حي آخر، لا يعرفون متى يكونوا الضحايا الجدد، ولا وجهة تهجيرهم المقبلة. 
وهكذا دواليك، تستمر دوامة استعمال غزة الجريحة، واهلها المحاصرين منصة، في لعبة الدم الاقليمية، لتبادل الرسائل الإسرائيلية، الايرانية. عندما تدعو حاجة رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايا كان في سدة المسؤولية، لافهام نظام طهران، حدود تحركه ونفوذه، او لتجاوز الاشكالات السياسية الداخلية، واعادة استقطاب الإسرائيليين حوله بتكبير التهديدات الايرانية للدولة العبرية .بينما يحرك النظام صواريخ جهاده، متى اراد إرسال شروطه الى الولايات المتحدة الأميركية، لمعاودة المفاوضات حول الملف النووي الايراني، او ممارسة ضغوط محددة، لاطلاق مخربين إيرانيين لدى أي دولة غربية، او للاحتجاج على فرض عقوبات وما شابه.
من تصعيد لم يمرَّ عليه الزمن قبل اقل من عام، الى تصعيد تستفرد غزة لوحدها من جديد، فلا تطلق صواريخ طهران الاستراتيجية لتدمير تل ابيب، دعما لمقاومة غزة هذه المرة وفك حصار الصهاينة المجرمين عنها، كما هدد احمدي نجاد اكثر من مرة سابقا، ولحقه الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي مؤخرا. وقبلها باسابيع لم تتخطَ الاحتفالية بيوم القدس العالمي، الشعارات والعناوين البراقة، برغم تهجم المستوطنين الصهاينة على المصلين في المسجد الأقصى، وتصاعد وتيرة الاعتداءات المنظمة على المقدسيين والفلسطينيين عموما. بينما بقيت كل شعارات الثورة الاسلامية، بمناصرة الفلسطينيين، والدفاع عنهم عناوين فضفاضة، لمصادرة القضية والمتاجرة فيها وممنوعة من الصرف على أرض الواقع. فجأة تعطلت مفاعيل وحدة الساحات المقاومة، ووقفت حماس على الحياد، وصواريخ حزب الله الذكية التوجيه منشغلة بالانتخابات الرئاسية اللبنانية، ومصوبة على رؤوس اللبنانيين. وحدها بقيت صواريخ الجهاد بالميدان، تخيف مستوطني غلاف قطاع غزة وتجبرهم على التزام الملاجىء لحين انتهاء جولة التصعيد، ولا تعيق او تعطل آلة العدو العسكرية والتدميرية.
النتائج السياسية لجولة التصعيد الدموية الجديدة، تهدئة مؤقتة، فتح معابر تغلق حسب الارادة الإسرائيلية والضمانات بوقف اغتيال كوادر المقاومة، ايا كانوا، تبقى في مهب الغدر الاسرائيلي، هباء في هباء، وانسداد اي افق لتحقيق تقدم او اي اختراق في العملية السياسية. 
واقع غزة بعد المواجهة الدموية الاخيرة، يعكس بوضوح تقاسم النفوذ الاسرائيلي الايراني، على صعيد المنطقة العربية، وإن كان القطاع مسرحها بالوقت الحاضر، بينما يتبدَّى العجز العربي بالوساطة المصرية، التي لا تقدم ولا تؤخر في تغيير مجرى الصراع او وضع حد لتكرار العدوان على غزة والفلسطينيين في كل ارجاء فلسطين، وحتى منع ايران من استعمال غزة منصة لتحقيق اهدافها ومصالحها على حساب القضية الفلسطينية ودماء الفلسطينيين.