بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2018 12:00ص نغمة تقسيم بيروت تعود من جديد

حجم الخط
رسّخ قانون الانتخابات النيابية الهجين انشقاق بيروت الى دائرتين «شرقية» و«غربية»، فأعاد الى الأذهان صورة الحرب الأهلية المقيتة، التي أزهقت فيها أكثر من 200 ألف روح، وسبّبت دماراَ وتغييراً ديموغرافياً وأضراراً اقتصادية لا نزال نُعاني منها. 
وكأنّ أهل العاصمة لا يكفيهم تشرذماً وتباعداً بإسم السياسة والزعماء، فهناك مَنْ يُطلِقُ نغمة التقسيم «الجديدة – القديمة»، التي عانى منها لبنان الأمرّين، والتي من شأنها ضرب وحدة العاصمة بيروت، التي هي رمز وحدة لبنان. وهذه المرّة يُهوّل على بلدية بيروت وأهل المدينة بالمطالبة بتقسيم البلدية «شرقية» و«غربية» بذريعة الحصول على الإنماء المتوازن الذي حُرِمَتْ منه بيروت «الشرقية» على حد زعم المطالبين بالتقسيم.
هذا الطرح يتعارض مع روح الدستور والعيش الواحد في بيروت، بل أكثر من ذلك، هذه الصيغة تُعزِز الطائفية السياسية في بيروت، وتُناقض اتفاق الطائف، الذي يُنادي بإلغاء الطائفية السياسية والتوصل الى الدولة المدنية. كما أن هذا الطرح فيه من الاستفزاز ما من شأنه إثارة النعراتِ الطائفية والمذهبية وهي جريمة يُحاسب عليها القانون اللبناني.
باتت دائرة بيروت «الأولى» مع القانون الانتخابي الجديد «دائرة مسيحية» بامتياز، وإنْ كنّا مع حقوق أهلنا في هذه الدائرة لجهة تنفيذ المشاريع الإنمائية، إلا أنّه كان من الأجدى على «التقسيميين»، الذين أقرّوا في كانون الثاني من عام 2010، أنّ تقسيم بيروت في الانتخابات البلدية يضرب المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، أنْ يتنبهوا أنّ تقسيم البلدية يضرب صيغة العيش المشترك وينمّي الأحقاد بين «البيارتة»، وأنْ يلتفتوا إلى الأسباب المزعومة التي أدّت إلى تعطيل المشاريع الإنمائية التي أعدّت لبيروت «الأولى»، خصوصاً أنّه معلومٌ أنّه في بيروت يرعى القانون استثناءً في تقسيم السلطات فيها، ذلك أنّ سلطتها التنفيذية تعود إلى المحافظ، الأرثوذكسي عرفاً، بينما يتولّى رئيس المجلس البلدي وأعضاؤه السلطة التقريرية. أما إذا كان الهدف التقسيم لأجل إعادة تموضع طائفي، فربما يجب استلحاق المطالبة بتقسيم البلدية بالمطالبة بتقسيم المحافظة أيضاً! 
في هذه الأجواء التقسيمية المؤجّجة انتخابياً، يجب على أهل بيروت تفادي الوقوع في شرك التفرقة والتقسيم، فمن دون وحدة المُسلمين والمسيحيين لن يكون وطن ولن تكون بيروت، وبيروت لم تكن يوماً طائفية، ولن تكون كذلك، لأنّها عاصمة الوطن الحاضنة لكل اللبنانيين، ووحدتها بالنسبة للبيروتيين كانت وتبقى فوق أي اعتبار سياسي أو طائفي، وبمعزل عن أي اصطفاف!