بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تشرين الأول 2019 06:00ص فشل الدولة في إمتحان كوارث الطبيعة يضعها في مصاف الدول الفاشلة

والحظوظ في الحصول على مساعدات مؤتمر «سيدر» باتت شبه معدومة

حجم الخط

هل يُمكن بعد الفضائح التي كشفت عنها كارثة الحرائق ان تتجرأ أي دولة من الدول التي شاركت في مؤتمر «سيدر» على تقديم المساعدات المالية للدولة اللبنانية؟


بعد الفضائح المخزية التي كشفت عنها كارثة الحرائق التي حلت بلبنان مطلع الأسبوع الجاري، استنفرت الدولة بكل مؤسساتها الاجرائية والرقابية، تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء الوجه، حتى ولو لم يكن كافياً لكي يُبرّر لها تقصيرها الفاضح في استباق الأمور واتخاذ الاحتياطات الاستباقية التي من شأنها ان تخفف من الاضرار التي تلحقها مثل هذه الكوارث الطبيعية مثلها مثل باقي الدول التي تحترم نفسها وتحترم شعبها، ومن المؤسف ان هذه المؤسسات وجدت نفسها امام فضائح كارثية، كان يُمكن في حال تنبهت الدولة إليها منذ زمن لكانت خففت من الخسائر الكارثية التي حلت بلبنان وطبيعته وشعبه بسبب هذه الحرائق التي التهمت على حدّ تقديرات الخبراء أكثر من ثلاثة ملايين شجرة وعشرات المنازل والتي قدرت خسائرها بما لا يقل عن مليار دولار أميركي وكان اللافت في هذا السياق ان أحداً من أرباب الحكم لم يجرؤ على مصارحة اللبنانيين ومعظم دول العالم التي أبدت تعاطفاً مع لبنان واستعداداً لمد يد المساعدة من تجهيزات وغيرها للسيطرة على الحرائق أو لجم المخاطر يُمكن ان تنجم عنها في حال تركت الدولة اللبنانية وحدها في مواجهتها.

ومن الواضح ان كل المواقف التي صدرت عن المسؤولين من وزراء ونواب وخبراء اشرت بشكل واضح وبدون لبس إلى ان التقصير الذي حصل في مكافحة هذه الحرائق، ومنع تمددها بالشكل الكارثي يعود إلى ان الدولة لم تول في الأساس هذه القضية أي اهتمام ان لجهة توفير التجهيزات اللازمة لإطفاء الحرائق عند حصولها قبل تمددها، فضلا عن ان ما شاب بعض التجهيزات التي استقدمتها الدولة من شوائب وعيوب أدّت إلى تعطيلها كما حصل بالنسبة إلى طائرات الهليكوبتر الثلاث التي اشترتها الدولة قبل أكثر من نصف عقد من الزمن لمكافحة الحرائق إضافة إلى انعدام التنسيق بين الأجهزة المختصة ومنها على سبيل المثال بين مؤسسة الدفاع المدني التي تقول لجنة البيئة النيابية انها تفتقد إلى الحد الأدنى من التجهيزات المخصصة لمكافحة الحرائق وبين الصليب الأحمر الدولي وقس على ذلك بين باقي الأجهزة والمؤسسات التي تُعنى بهذا الأمر. وفي هذا السياق تقول مصادر سياسية لو ان الأمر اقتصر على لجنة البيئة النيابية لامكن لفلفته كالعادة الا ان فضيحة الحرائق هذه عرت الدولة اللبنانية امام المجتمع الدولي وخسرت كل مصداقيتها تجاه الدول بل واصبحوا ينظرون إليها كدولة فاشلة لا تستحق مساعدتها على الاستمرار لأنها عبء ثقيل على هذا المجتمع.

وتسأل هذه مصادر هل يُمكن بعد الفضائح التي كشفت عنها كارثة الحرائق ان تتجرأ أي دولة من الدول التي شاركت في مؤتمر «سيدر» على تقديم المساعدات المالية للدولة اللبنانية؟ وهي تعلم انها لن تذهب إلى إقامة المشاريع المنتجة وإصلاح البنى التحتية بل تذهب إلى جيوب الطبقة الحاكمة التي أثبتت انها عاجزة عن مكافحة النار التي تأكل اللبنانيين.

وتعتبر هذه المصادر ان الأصوات التي ارتفعت في الأيام القليلة الماضية وحتى قبل حصول الكارثة تستبعد إيفاء هذه الدول بوعودها وتعهداتها في مؤتمر «سيدر» بعدما اكتشفت بنفسها ان السلطة اللبنانية عاجزة عن تحقيق أية إصلاحات في بنية الدولة، ولو من باب ذر الرماد في العيون، مستندة في ذلك إلى المناقشات التي دارت في مجلس الوزراء خلال طرح موضوع الإصلاحات المطلوبة للحصول على مساعدات «سيدر»، والتي تدل على انه ليس هناك أية نية لوضع الدولة اللبنانية على الطريق الصحيح التي تحفز الدول المتقدمة على مساعدتها للخروج من ازماتها التي جاءت نتيجة تراكم أو كانت نتيجة تقصير السلطة الحاكمة وتفضيلها الحصول على المكاسب الذاتية بدلاً من الاهتمام بمصلحة الدولة وشعبها.

ويأتي في السياق نفسه السؤال الذي قيل ان رئيس مجلس النواب نبيه برّي طرحه في لقاء الأربعاء النيابي الأخير حول مصير المساعدات والهبات التي اقرها مؤتمر «سيدر» في مقابل استجابة الدولة اللبنانية للشروط الإصلاحية التي وضعها المؤتمرون وتعهد بتنفيذها رئيس حكومة لبنان سعد الحريري.