20 أيلول 2018 06:04ص في عاشوراء.. لنتعلَّم من مسيرة سيدنا الحسين السياسية والجهادية

حجم الخط
عظيم من أمتي... وكبير كبير من تاريخي وتراثي كنت وما زلت سيدي يا ابا عبد الله قال رسول الله (ص) فيك وبأخيك (هما ريحانتاي من الدنيا) وقال فيك من احب ان ينظر الى سيد شباب أهل الجنة فلينظر الى هذا... وقال فيك أحب الله من أحب حسيناً.
ونحن نشهدك يا رسول الله أن لآل بيتك عند أهل السنة والجماعة منزلة رفيعة ودرجة عالية من الحب والاحترام حيث نراعي حقوق آل البيت التي شرعها الله لهم، فنحبهم ونتولاهم ونحفظ وصية رسول الله (ص) (اذكركم الله في اهل بيتي) فمن ابغضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً.. فأهل السنة يحبونهم ويحترمونهم لأن ذلك من احترام النبي(ص) واكرامه ولأن الله ورسوله قد أمرا بذلك قال تعالى: (قل لا اسألكم عليه أجرا الا المودة في القربى)
وعليه...
 فان استشهاد سيد سادات أهل السنة والجماعة الحسين بن علي رضي الله عنهما في كربلاء... حدث جلل عظيم... اهتزت له الارض... وبكت عليه السماء... نعتقد نحن أهل السنة والجماعة ان الحسين قتل مظلوما... مبغيا عليه... فنبرأ الى الله من كل فاجر شقي قاتله، او اعان على قتله او رضي به، ونعتقد ان ما أصابه فمن كرامة الله له. وانه رفعة لقدره، واعلاء لمنزلته.. فله اسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء يقول رسول الله (ص) ما من رجل يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وان قدمت فيحدث لها استرجاعا الا اعطاها الله من الاجر مثل أجره يوم أصيب).
كربلاء محطة استشهادية في تاريخ أمة... ومحطة ناصعة البياض في تاريخ اهل بيتك يا رسول الله... فان كان علي رضي الله عنه يوم الهجرة الفدائي الاول الذي نام في فراشك...فان الحسين من صلبه، حمل الراية وحافظ على الامانة... واعلن الموقف... سيدا للقرار والموقف... بكل عظمة وشجاعة... بكل سمو ورفعه... انه الاسلام... ليس هذا بملك...وليس هذا بسلطة... انها الايات التي رسمت الطريق للاصلاح والصلاح لاقامة العدالة..واثبات الحق...وتحقيق الحرية للناس جميعا انه البيت النبوي..بيت محمد/ص).
عاشوراء التي نعيشها في كل عام مدرسة للبطولة والرجولة..ومحطة تصحيحية في تاريخ الاسلام..بل في تاريخ الانسانية.. قادها الحسين رضي الله عنه واستشهد من اجلها سبط رسول الله وسيد شباب اهل الجنة لتبقى جذوة تنير..وخارطة للطريق،ترسم وتميز بين الحق والباطل بين الحقيقة والوهم والخيال.
عاشوراء وارض كربلاء ما زالت يقطر الدم فيها من دمك يا حسين..
من دم الحرية في وجه كل اعتداء وكل عدوان وكل فرقة وتمزق وتفتت وتسلط.
عاشوراء تنادينا اليوم.. تقول لنا لا تغتالوا الحسين مرة ثانية بمذهبيتكم وطائفيتكم واستغلالكم للدين.. ان عاشوراء يوم البطولة والرجولة والمقاومة لنظام التسلط والهيمنة والاستقواء لنظام السلطة لا الدولة والمشاركة والمحاورة وتقبل الشريك الاخر فكلما حاربنا الحق كان كربلاء... وكلما انتصرنا للباطل.. وكلما ابتعدنا عن العدالة وتسلطنا بالفرقة وآثرنا النعرات المذهبية كانت عاشوراء وقتلنا الحسين رضي الله عنه من جديد.
نؤكد اليوم على وحدتنا الاسلامية... وعلى وحدتنا الوطنية.. وعلى الامة فينا ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون يجمعنا الايمان والقيم والتاريخ والماضي والحاضر...والآمال والقلق على مستقبل ابنائنا في هذا الوطن.
لبنان اليوم بحاجة الى ابنائه كل ابنائه بحاجة الى الانتماء اليه والمواطنية فيه والدفاع عنه... والعمل من اجل وحدة ارضه وشعبه ومؤسساته وحريته وكرامته ووحدته وعروبته.. في ظل شعور ان العمل جارٍ لتحويل الصراع في الشرق من صراع اسرائيلي الى صراع مذهبي بين السنة والشيعة.
امتنا الاسلامية، وبلادنا العربية تعيش سنوات عجاف صعبة ومؤلمة وقاتمة فقد تحولت الثورات الى صراعات، وتطورت الخلافات الى اقتتال دموي وتهجير ونزوح ولجوء... وظهرت حركات تحت عنوان الدين... وهي بعيدة كل البعد عن الدين.. وتدخلت قوى الشرق والغرب في بلادنا حتى اصبحنا نعيش حالة احتلال وانتداب، بل عدنا الى مرحلة الاستعمار الذي ناضلنا وجاهدنا ودفعنا الشهداء للخلاص منه والتحرر... وها هو يعود... وغابت عنا قضية فلسطين وشعبها الذي يعيش اخطر مرحلة من مراحل قضيته... من عقوبات وصعوبات وحصار مالي وسياسي تفرضه الولايات المتحدة، وصراعات داخلية،بين مختلف القوى الفلسطينية، وكأننا لم نتعلم من ما مضى من تاريخنا ومن آن الافتراق ضعف والاختلاف سقوط...
ولبنان اليوم يعيش مرحلة صعبة مع تفاقم الخلافات السياسية والصراعات بين مكوناته التي يحاول بعضها الاستعلاء والهيمنة والسيطرة على مقدرات الوطن وسياساته بالقوة او بشد العصبية الدينية والمذهبية وهي سلاح خطير قد يخرج عن السيطرة والضبط وبعض القوى يسعى لالغاء اتفاق الطائف الذي ارسى السلم الاهلى واوقف مسيرة الحرب الاهلية المدمرة، والبعض الآخر يريد ان يكون جزءا من محور اقليمي لا يتوقف عن الانخراط في صراعات عابرة للحدود ومسيئة لمصالح لبنان فمضت اشهر دون ان يكون للبنان حكومة تعالج وضعه السياسي والاقتصادي والمعيشي والخدماتي وتحمي استقراره الامني.
في يوم عاشوراء.. يوم الصدق في الامانة... وامام كل الازمات التي يعيشها المواطن اللبناني.. من قضايا بيئيه الكهرباء وما ادراك ما الكهرباء... النفايات.. انقطاع المياه... البطالة فرص العمل وغيرها وغيرها...
نسأل ما هو المخرج من الازمة... وما هو الحل... الوعود كثيرة ولكن متى تتحقق... نحن على ابواب الشتاء... والطرقات... وعلى ابواب المدارس واقساط المدارس... ما هو الحل... نحن امام ضيق اقتصادي وتجاري ومالي والبلد يعاني من قلة الحركة الاقتصادية ما هو الحل... الكل يتكلم عن الفساد والهدر... من يملك قرار ايقافها... الى باقي الازمات السياسية والاجتماعية ما هو الحل.. نحن امام بلد بلا حكومة...من يعيق تأليفها وتشكيلها حتى نكاد نظن من خلال ما نسمعه ونقرأه ان الحكومة ستكون حلبة صراع سياسي لا تعاون ولا وفاق بين اعضائها اللبناني يريد ان ينعم بالامن والامان والسلم الاهلي في وطن سيد حر عربي مستقل وفي ظل دولة يحكمها القانون والدستور... لا المزاج ولا الهوى.
سيدي يا ابا عبد الله،
مدرستك عاشوراء... عنوانها النبل والشهامة والصدق في حمل الامانة تستقبل كل من يريد ان يتعلم القيم والثبات والرجولة والبطولة وصولا للشهادة 
عشت كبيرا في امتك واستشهدت عظيما بين اهلك وبقيت رمزا للكرامة وللحرية وللحق.
فلنتعلم من مسيرة سيدنا الحسين رضي الله عنه السياسية والجهادية... ولنتوقف عند تقديم مصلحة الامة والوطن على المصالح الشخصية والفئوية والمذهبية والطائفية...ولنقرأ سيرة ومسيرة سيدنا الحسين بموضوعية ونستخلص منها العبر والمواعظ والمواقف..
ان مسؤوليتنا تفرض علينا جميعا ان نعمل سويا لنخرج من هذه الدوامة القاتلة التي تهدد وجودنا واستقرارنا ومستقبلنا ووحدتنا...
فلا يبقى شيء نختلف عليه.

* مفتي صيدا وأقضيتها.